Al Jazirah NewsPaper Friday  03/07/2009 G Issue 13427
الجمعة 10 رجب 1430   العدد  13427
حين كنت في القدس
جابر حسين المالكي

 

حين أعلن أن العاصمة الفلسطينية القدس هي عاصمة للثقافة العربية للعام 2009م زاد شوقي لزيارتها والاستمتاع بأجوائها الإيمانية، وبينما كان الشوق يداعبني لها تذكرت أنها الأرض المباركة التي أسرى الله برسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - من مكة إليها ومنها إلى السماء السابعة وأنه - صلى الله عليه وسلم - التقى في مسجدها الأقصى بالأنبياء وأمهم في الصلاة: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1) سورة الإسراء. وأنها كانت أولى القبلتين وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قبل أن تتحول القبلة إلى مكة قد كانت قبلتهم سنة وأربع أشهر ثم تذكرت حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يقول فيه: (لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى). رواه مسلم.

تذكرت الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تسلم مفتاح بيت المقدس، وصلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس من أيدي الصليبيين عام 583هـ فلم أتمالك نفسي وشعوري وقررت السفر إلى القدس وعزمت على تنفيذ قراري وحزمت أمتعتي وأنهيت إجراءات السفر وما إن وصلت إلى هناك كانت الفرحة قد غمرتني بأطيافها وأشرقت السعادة على نفسي بأشعتها المأتلقة السناء ومشاعر البهجة والسرور بهذه الزيارة أدهشتني وهناك في القدس أخذت أتجول بنظري هنا وهناك وأنتقل من مكان لآخر مرتديا بدلة قد كتب عليها عبارة: (نعم للسلم والسلام.. لا للإرهاب والدمار) وقبل وصولي كنت على يقين أن حثالة الإنسانية قد أنهت كل جميل وأحرقت الأخضر واليابس وأنها قد عاثت في الأرض منكرا وفسادا فإذا بالحياة هناك هادئة والناس ينعمون بالأمن والسلام رغم اختلاف المذاهب والديانات، وأخذت أنتقل من مكان لآخر كانت الشوارع تعج بالناس من مختلف الجنسيات والأجناب والألوان وأخذت أتساءل يا ترى هل أتى كل هؤلاء إلى هناك من أجل الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية 2009م حقا كم كانت ممتعة تلك الزيارة التي لم أكن أتوقع القيام بها في يوم من الأيام ما دام أن العدو الصهيوني قابع هناك منذ نصف قرن وكم كانت مدينة القدس مفاجئة بمعالمها الإسلامية التي احتضنتها وحافظت على بقائها وصمودها أمام تحديات الزمان وظروف المكان وجرائم العدوان كان الجو رائعاً يسوده الأمن والسلام وأشجار الزيتون تزين كل مكان لا فرق بين الناس هناك كل يحمل رسالة الإنسانية وكل في فلكه يسبح وبينما كنت أستمتع بتلك الزيارة عبر العديد من المشاهد الحية التي وجدتها بما فيها المسجد الأقصى ومسجد قبلة الصخرة أنبت نفسي وخاصمت ضميري أين أنا كل تلك السنوات التي مضت من عمري لما لم آت إلى هنا من قبل لكن ردة الفعل هذه لم تستمر طويلا فقد أعلن المنبه موعد أذان صلاة الفجر استيفظت مذعورا وقمت خائفاً يا الله هل أنا فعلا في القدس.. لا عفواً في منزلي في الرياض لم أصدق حتى خرجت أتفقد الأبواب والجدران فإذا به مجرد حلم لا أقل ولا أكثر كان قد سيطر على فكري وشغل بالي حتى في الصلاة وأخذت هذه المرة أتخيل لو أن هذا الحلم حقيقة وأن القدس ليس فيها تلك الحثالة الفاسدة المفسدة لتسنى لكل مسلم زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه والاستمتاع بما تحتويه من معالم جميلة لها قدسيتها ومكانتها تخيلت لو أن الدنيا بأكملها ليس فيها حروب لكان الأمن والسلم والسلام سائداً بين الناس ولكنها سنة الله في الحياة فهي صراع بين الخير والشر والخير موعود بالنصر بإذن الله ولو بعد حين.



Gaber1398@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد