Al Jazirah NewsPaper Tuesday  07/07/2009 G Issue 13431
الثلاثاء 14 رجب 1430   العدد  13431
الحمائية غير التقليدية ومصالحنا التجارية!

 

حين برزت إلى السطح نتوءات الأزمة المالية في الجسد الاقتصادي العالمي كان كثير من اقتصاديي التحليل المجزأ منشغلين بالآثار الاقتصادية على القطاعات وعلى الأطراف المباشرة في لعبة السوق بين المنتجين والمستهلكين، لكن العارفين بحركة الاقتصاد كمنهج فكر وتطبيق كانوا يقرؤون رسم معالم جديدة للاقتصاد العالمي قد تعيد كل ما أنجزته أطروحات وأدبيات حرية التجارة والنفاذ إلى الأسواق إلى المربع الأول باعتبار أن الأزمات غالبا ما تدفع إلى إعادة النظر أو التضحية ببعض المنجزات للمحافظة في أحيان كثيرة على مجرد البقاء.

الحمائية في الاقتصاد العالمي تملك تاريخا طويلا وراسخا دفع باسكال لامي المدير العام لمنظمة التجارة العالمية في زيارته للمنطقة مؤخرا إلى الربط المباشر بينها وبين نتائج الأزمة المالية العالمية معتبرا هذه المرحلة تشويها للصورة الاقتصادية الصحيحة التي ينبغي للاقتصاد العالمي أن يتحلى بها في مواجهة الأزمة. وقد لا يكون اليوم من المبالغة القول إن أكبر ضحية للأزمة المالية الاقتصادية لم تكن بنية المؤسسات المالية التي تعد أوكسجين الاقتصاد بقدر ما كانت الروح الاقتصادية العلمية التي آمنت بالحرية التجارية التي بشرت بفتح الأسواق للمنافسة بين المنتجين لصالح تعزيز الجودة والإنتاجية وخفض التكلفة في الاقتصاد العالمي.

والظروف الحالية التي تواجهها بعض المنتجات البتروكيماوية السعودية تحمل بوادر إيجابية بالقدر الذي حملته من آلام لقطاع الأعمال المحلي إذ إنها تؤكد أن تنافسية المنتجات السعودية أضحت حقيقة ظاهرة وأن انفتاحنا الاقتصادي بات يحمل معالم عصر جديد لا نكتفي فيه بفتح أسواقنا لعرض منتجات العالم فحسب بل أصبحنا مركز استقطاب للاستثمارات العالمية وأحد المصدرين الفاعلين للسلع والمنتجات التنافسية في العالم. ومع أننا بحاجة أحيانا إلى الظروف القاسية لندرك امتيازاتنا فنحن أيضا بحاجة أكثر إلى مراجعة إمكانات واقعنا ومستقبلنا الاقتصادي بتزايد التحديات فسقوط الحمائية الذي بشرت به منظمة التجارة العالمية لم يكن في الحقيقة سقوطا للحمائية بمفهومها المطلق بل كان تدشينا لعصر من الحمائية غير التقليدية المعتمدة على خرائط المواصفات والمقاييس. عودة سياسات الحمائية والتضييق على تطبيقات حرية التجارة من خلال المواصفات والمقاييس أو أنظمة مكافحة الإغراق باتت تفرض على الاقتصاد المحلي اليوم السرعة في تطوير الآليات والكفاءات القادرة على مواجهة تحديات المرحلة الجديدة بما يحفظ مصالح الوطن التجارية كما أن قطاع الأعمال السعودي أيضا مطالب باستيعاب الواقع الجديد وتطوير وعيه وأدائه القانوني لحماية مصالحه فالحقيقة أن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية ليس نهاية الطريق لاقتصادنا المحلي بل إن الفهم العميق لواقع المنظمة يكشف أنها ليست سوى إطار عالمي شامل للتفاوض حول المصالح التجارية، والمملكة اليوم بحاجة لمركز يتبنى إعداد الكوادر القانونية الوطنية المتخصصة في القضايا التجارية العالمية لحماية مصالح الاقتصاد الوطني.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد