Al Jazirah NewsPaper Saturday  11/07/2009 G Issue 13435
السبت 18 رجب 1430   العدد  13435
مساحات الحوار ومسؤولية العالم!

 

جغرافية الثقافة والفكر لا تقل شأنا عن جغرافية المكان فكما أن لكل دولة حدوداً جغرافية تحترمها الدول فإن هناك جغرافية للفكر خطتها يد التاريخ والثقافة فرسمت العالم وحددت اتجاهاته إلى شرق وغرب أو جنوب وشمال. فالغرب بمفهومه الثقافي والفكري -مثلاً- يحمل بعداً يتجاوز الجغرافيا إذ إن أبناءه يقدمون أنفسهم كأصحاب مبادئ عليا سامية، وقد تباين الغرب الجغرافي عن الفكري في مراحل زمنية معينة حين تبنت ألمانيا النازية وانتمت أوروبا الشرقية إلى الشيوعية، وقد ساهم تطور أدبيات الاقتصاد نحو المعرفة والإبداع وتشابك المصالح في إذابة كثير من الفروقات التي زرعتها الاتجاهات القومية في العالم المتقدم وباتت الكثير من الدول تفاخر بالتنوع الثقافي الذي تملكه حتى قدمت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها باعتبارها موطناً للحلم الذي تدفق إليه ملايين المهاجرين من جميع الأعراق والأديان. لكن تحرر الاختلافات من دائرة الخلافات يستلزم تأكيد الإيمان به حماية الإطار الصحيح للتفاعل الثقافي والحضاري ليس فقط من خلال النظريات والأطروحات بل بممارسة التطبيق الفعلي للدفاع عن عالم تسوده المبادئ والقيم والنجاح في الاختبارات التي تحفظ كرامة وعزة الإنسان بغض النظر عن دينه وعرقه، والصراعات الثقافية التي تتزايد اليوم ينبغي أن تحفز جميع دول العالم إلى محاصرة المتعصبين المتطرفين في كل مكان ومن أي دين لكي لا يعبثوا بالمساحات البيضاء الناصعة والتي ما تزال مفتوحة بين الإنسان وأخيه الإنسان، فمقتل فتاة محجبة داخل محكمة على يد متعصب في أوروبا وصراعات عرقية تراق فيها دماء الأبرياء في آسيا يمكن أن تتجاوز أبعاده حدود العمل الفردي لإحداث شرخ مؤثر في جدر الثقافات الشفافة المفتوحة لضوء وهواء التفاعلات الحضارية. والمملكة بثقلها الحضاري بقيادة خادم الحرمين الشريفين دعت وشاركت العالم في تأسيس حوار حضاري يعتمد على نزع فتيل الصراعات في وقت تتعالى فيه أصوات المتطرفين من كل دين وثقافة إلى تفتيت العالم وكانت مشاركة خادم الحرمين الشريفين في قمة حوار الأديان وأتباع الثقافات في نيويورك وقبلها في المؤتمر العالمي للحوار في مدريد رسالة واضحة للعالم بأن المسلمين يقفون سداً منيعاً ضد الخلافات التي تفرق وتشتت جهود البشرية في مواجهة تحدياتها التنموية ورفضا لكل أشكال الوحشية والهمجية التي تفتك بالبشرية وتزعزع استقرارها متدثرة بلبوس الأديان والمصالح الضيقة.










 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد