Al Jazirah NewsPaper Thursday  23/07/2009 G Issue 13447
الخميس 01 شعبان 1430   العدد  13447
أربعة كتب جديدة للدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي

 

الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي عَلَم من الأعلام في بلادنا لا يكاد اسمه يخفى على من له عناية بالثقافة، وقد صنف عدة كتب في السابق، منها كتاب (أعلام بلا إعلام).

ويظن بعض الذين لم يتابعوا بحوثه ومقالاته بل ونشاطه الثقافي انه يقتصر على المجال الإعلامي، ولكن الواقع أن اهتمامه يشمل أنواعاً واسعة من المعرفة.

ولعل مما يؤكد ذلك كتب أربعة صدرت له حديثاً وهي:

1) إبراهيم العنقري: قراءة تحليلية في سيرته (الطبعة الأولى صدرت عام 1430هـ في 63 صفحة).

2) عبدالله بن خميس: في حوار تلفزيوني توثيقي (الطبعة الأولى صدرت في 1429هـ - 2008م في 77 صفحة).

3) عنيزة وأهلها في تراث حمد الجاسر (الطبعة الأولى في 84 صفحة في عام (1430هـ - 2009م).

4) ركائز التنمية السياسية في فكر الملك عبدالعزيز (محاضرة) في 14 صفحة.

وقد قرأتها فوجدت فيها روح البحث المتأصلة فيما تناولته من موضوعات وقد فطنت إلى ما لم يفطن إليه كثير من المؤلفين، وبذلك أضافت إلى المكتبة العربية إضافة ثمينة.

ومع أن هذه الكتب تعتبر من الكتب المختصرة عند المتأخرين حتى ان بعضهم أي المتأخرين يسميها نبذاً أو رسائل يزعم انها لا تبلغ مبلغ الكتاب.

وهذا زعم لا يقول به إلا من لم يعرف معنى (الكتاب) عند أسلافنا العرب الأماجد من المؤلفين القدماء إذ كانوا يسمون الكتاب ولو لم تبلغ صفحاته إلا اثنتين أو ثلاثاً كتاباً على اعتبار أنه مكتوب ومؤلف بالفعل وذلك كان دأب أوائل المؤلفين كالأصمعي وأبي حاتم السجستاني، وهم من أهل القرن الثاني الهجري، ومع اتساع نطاق المعلومات والمعارف العامة، واتصال العلماء والمؤلفين العرب بالأمم الأخرى اتسع نطاق التأليف في القرن الثالث وظهرت كتب أوسع وأكثر معلومات.

ومع ذلك ظل اسم الكتاب المخصص لحديث عن موضوع من الموضوعات المحددة كما هو.

وكل هذه الكتب التي ألفها أخونا وصديقنا الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي هي جديدة في موضوعها من الكتب التي يحتاج القارئ المثقف إلى الاطلاع عليها.

بل إنها ليس فيها ما هو منقول نقلاً من غيرها فتكون - أيضاً - إضافة ثقافية مميزة.

نماذج من هذه الكتب

قال الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في مقدمة كتابه: (إبراهيم العنقري: قراءة تحليلية في سيرته..).

لقد كان الشيخ إبراهيم العنقري- رحمه الله- كتاباً مغلقاً لم نستطع أن نفك شفراته رغم استعانتنا بأقرب الناس إليه، ومازلت أستعيد مقولة أحد أقاربه التي صدرت عن إحباط وكادت تقود إلى إحباط عندما قال: ان الكتابة عن هذه الشخصية تشبه النحت في الصخر، وذلك في إشارة إلى ما هو معروف عن غموض شخصيته وعن عزلته النسبية.

أما العقبة الثانية فكانت ما نسب عن أسرته من انه- رحمه الله- قد عمل قبيل وفاته على إتلاف معظم أوراقه.

وفي تصوري أن تدوين سيرة راحلنا الكريم يمكن أن ينحصر في خمسة جوانب وهي: الإنسانية والإدارية والأمنية والإعلامية والسياسية، بحيث لو أمكن تغطية هذه المحاور نكون قد أحطنا بمعظم أبعاد سيرته وقد تجنبنا بهذا التصور المنهج التقليدي في كتابة السير الذي يتناول تفاصيل حياته منذ طفولته، أو ذلك الذي يتبع المراحل الوظيفية للشخصية العامة التي يكتب عن سيرتها.

أما عن احتمال أن يكون- رحمه الله- قد قام بتدوين مذكراته، فهو أمر مشكوك فيه، بل إن عدم التوثيق أمر متوقع من مسؤول عرف عنه عدم الاكتراث بما يكرِّس ذاته، ويمجِّد أعماله، أو حتى بما يذكِّر بإنجازاته، مهما سعى لتحري الموضوعية فيما يكتب.

لقد كانت مطالبة أصدقائه ومحبيه له بكتابة مذكراته الرجاء الدائم الذي طالما عبروا عنه وتوجهوا به إليه دون انقطاع، وكان يُعدهم ويمنيهم ويرضيهم ويشاركهم التعبير عن أهميته.

إلى أن قال الدكتور عبدالرحمن الشبيلي:

اللقاءان الأخيران

لقاءان حميمان لم يكونا بالحسبان جمعاني قبيل وفاته بالراحل الكريم، وما كنا ندري هو وأنا أنه لن تمضي أسابيع حتى تكون حياته تاريخاً وأن تاريخه سيتحول إلى سيرة، وأنني سأكون أول من يحاضر عن سيرته، حقاً لا تدري نفس بأي أرض تموت وبالتالي لا تدري تلك النفس متى ستكون تاريخاً، وما تدري من سيكتب تاريخها.

انتهى.

وقال في كتاب (عبدالله بن خميس في حوار تلفزيوني توثيقي):

كنت قد أجريت مع الشيخ عبدالله بن خميس عام (1397هـ - 1976م) حديثاً تلفزيونياً توثيقياً، ضمن برنامج (شريط الذكريات) الذي عرض منه عام (1397هـ - 1976م) ثلاث حلقات، ثم توقف لظروف رقابية، وقد تناول في ذلك التسجيل - الذي استغرق 90 دقيقة، وظل حبيس مكتبتي الخاصة - جوانب من تاريخ المملكة، وصفحات موجزة من سيرة المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز رحمه الله، ثم عرّج على شطر من حياة الشيخ الثقافية والعملية.

وتقديراً لما تضمنه الحديث من معلومات تاريخية ثمينة، خاصة انها لم تعرض من قبل، فقد وجدت من الأوفق أن يأخذ الحديث طريقه - حرفياً - ضمن هذه السلسلة من الكتب التي توثق المقابلات التلفزيونية المهمة المحفوظة لديّ. ومن المعروف ان الشيخ ابن خميس قد أصدر مجموعة تزيد على عشرين عنوانا من المؤلفات بعضها من أجزاء عدة، في مجالات الأدب والتاريخ والجغرافيا والشعر الشعبي ومؤلفات تضمنت مقالاته الصحفية وكتاباته الاجتماعية، وحلقات برامجه الإذاعية والتلفزيونية.

انتهى.

أما كتاب (عنيزة وأهلها في تراث حمد الجاسر): فقال الدكتور عبدالرحمن الشبيلي:

لهذه المدينة الوادعة، بتلالها وكثبانها ونخيلها، البديعة بتراثها وفنونها، الزاهية بمجدها الثقافي وإرثها التاريخي، موقع رفيع في نفسي، موقع يزهو بكل أنحاء وطنه، لكن هذه المكانة لم تكن الأساس في كتابة هذه المحاضرة، فمن تتبع تراث حمد الجاسر لابد ان يلمس بشكل واضح كم كان على بُعده عنها يبدي كثيراً من الاهتمام بتراثها الثقافي ويظهر من التقدير لمن عرف من أهلها، وهو ما دعا كاتب هذا البحث لاستكشاف مدى هذا الاعجاب وحجمه، في ما كان يخص به هذه المدينة ورجالاتها، أم ان المحاضر قد بالغ في تفسير نظرة الجاسر وتأويل ميوله، وألبسه ما لم يخطر على باله؟

والواقع من استقراء ما كتبه عن حواضر أخرى تحوّل بعضه إلى كتب ومازال كثير منه صالحا لأبحاث مماثلة غير ان من يقرأ ما كتبه عن عنيزة - على قلته - يستشعر ما كان يكنه لها على النحو الذي ستجلوه هذه الصفحات.

وتزداد أهمية هذا الملحظ إذا ما عرفنا أن عينيه لم تصافحا وجه هذه المدينة سوى مرتين على الأكثر، وأن زيارته لم تروِ عطشه للحصول على مبتغاه، حينما كان يسعى لاقتناء مخطوط كتاب المؤرخ النجدي المعروف إبراهيم بن عيسى (المتوفى في عنيزة عام 1343هـ)، حيث رجع محبطاً لأن أحد وجهاء هذه المدينة قد ضنّ عليه بتحقيق طلبه، بينما أدركه في مكان آخر، وفوق ذلك، ربما خاب ظنه لما وجد عليه حال مكتبة عنيزة العامة ومخطوطاتها فكتب مقالاً أفصح فيه عن هذين الانطباعين السلبيين في ذهنه، لكنه بعد سنوات التقى بوجيه آخر وهو الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الزامل، فجلا اللقاء ما علق في ذهن الجاسر من امتعاض، وأسس لعلاقة ود جديدة تجلّت في رسالة (ألحقت بهذه المحاضرة) كتبها إليه في عام (1389هـ - 1969م).

ويبقى الهدف الأساسي الموضوعي من هذه المحاضرة، وهو مساعدة الباحثين على استخلاص مثل هذه البحوث من مصادرها المشتتة، ومتابعة استكمال المعلومات الناقصة من مصادر أخرى مع مقاربة ما قد يكون بينها من تعارض.

وبعد:

فإن الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي هو باحث بل محقق طرق موضوعات حية، بل بعضها بكر لم يسبقه أحد في التأليف فيه مثل كتاب (أعلام، بلا إعلام).

وهو في معاملته مع إخوانه من الأدباء الباحثين كريم الطبع، رضيَّ النفس مما يجعل المرء يستعيد في ذهنه أخبار النبلاء الأفذاذ من أسرته كالشيخ محمد بن حمد الشبيلي إلى قائمة طويلة منهم زاده الله قوة في العلم والبحث ليواصل تقديم كتبه وأبحاثه الشيقة المفيدة.

والله الموفق.

محمد بن ناصر العبودي – الرياض



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد