تُعدُّ العمالة غير النظامية الوافدة إلى المملكة العربية السعودية بوجه خاص من الموضوعات المهمة الجديرة بالاهتمام التي دأب الكثير من الباحثين والمفكرين وأصحاب الرأي والجهات المختصة على بحثها وتحليلها. فقد ظلت العمالة السائبة تشكل قلقاً للمواطن والدولة على حد سواء. فهناك الآلاف من العمالة الوافدة مجهولة الهوية ما بين رجال ونساء وأطفال ومن مختلف الجنسيات، غالبيتهم قدموا بتأشيرات زيارة أو عمرة أو تسلل، وآثروا البقاء للبحث عن أعمال تدر عليهم دخلاً شهرياً على حساب أمن الوطن، وخلقوا بيئة تحارب المواطن في الأعمال ونشروا الفساد.
فالقارئ لصحفنا اليومية دائماً ما يقرأ ما تتم الإطاحة به من هؤلاء على أيدي رجال الأمن البواسل، وملاحقة هذه العمالة الوافدة والمتوارية عن الأنظار لارتكابهم العديد من الجرائم الصغيرة والكبيرة، من رشوة ومخدرات واحتيال وتسول، والقيام بعمليات النصب والتزوير وبيع الممنوعات والغش والسلب والسرقات، وتصنيع الأطعمة الفاسدة وتعاطي المسكرات. وهذا ما تكشفه لنا حملات المداهمة التي يقوم بها رجال الأمن والأجهزة الأمنية للإطاحة بهؤلاء. والجهود العظيمة التي بذلها ويبذلها رجال الأمن ليلاً ونهاراً لن تجدي وحدها ما لم يكن هناك تعاون ملموس من فئات المجتمع الأخرى. وجشع وطمع العمالة الوافدة والمخالفة يدل عليه البحث عن المال بطرق غير شرعية ومحرمة، وهذا يؤثر سلباً على مجتمعنا وعلى أمنه ووحدته واستقراره واقتصاده، وقد يورث لأبناء هذا الوطن عادات خارجة ودخيلة وبعيدة عن القيم والمبادئ الإسلامية، مما يتطلب تثقيف المجتمع ضد مخاطر هذه العمالة وعدم التستر عليها من قبل المواطنين، فهم شر يهدد الأمن الوطني والاقتصاد. واقترح أن تكون هناك رقابة وحزم وتفتيش مستمر عليهم حتى لا نضر باقتصاد الوطن وأمنه وخيراته بسبب وجود هذه العمالة وكثرتهم، الأمر الذي يتطلب فيه الحزم في إيجاد أنظمة تحد من تلك العمالة.
وأتمنى من كل مواطن إذا لاحظ أو شك في أي عامل يقوم بأعمال لا يرضاها الدين أو الأخلاق أو المجتمع أن يبلغ مركز الشرطة أو الجوازات أو الجهات ذات العلاقة، وبهذا نستطيع أن ننمي في شعبنا الحس الأمني والوطني والرقابة الذاتية على النفس والمكتسبات ونزرع الخوف في هذه العمالة ونكون يداً واحدة لنشعرهم بأننا جميعاً رجال أمن لهذا البلد. وأن الأمن مسؤولية مشتركة بين مكونات المجتمع، وبالتالي فلا بد من الحرص والوعي بأهمية كل طرف في المجتمع على القيام بمسؤولياته على أكمل وجه. ونشير في هذا المجال إلى مجهودات الجهات الأمنية إلا أنه لا يكفي دون قيام بقية الأطراف بدورها وخصوصاً المواطن فهو رجل الأمن الأول، فشعور هذه العمالة المخالفة لنظام الإقامة بوعي المجتمع وحصانته وتكاتفه يدفعهم للامتناع عن ممارسة جرائمهم أياً كانت جنائية أو أخلاقية. وعلى رجال الأمن ملاحقة المتخلفين وترحيلهم إلى بلدانهم وتطبيق بصمة العين واليد الإلكترونية ووضع إقامة إلكترونية للعامل وتوضع على الصدر ليتبين أن إقامته نظامية، ووضع الغرامات والجزاءات الصارمة والرادعة على من ينقل أو يتستر أو يؤجر أو يؤوي أو يشغل العمالة غير الشرعية، ووضع جوائز مالية وشهادات تقديريه للذين يبلغون عن العمالة السائبة، وغرس عناصر سرية من الأمن العام والجوازات ووزارة العمل في الأحياء والقرى والهجر وبالأخص الأحياء العشوائية وتكثيف حملاتها للقبض على العمالة المهملة وترحيلها، وأن يحرم المواطن من الاستقدام إذا وُجد له عمالة إقامتها غير نظامية ويجازى بالغرامات المالية الرادعة.
إضافة إلى أن تكون إقامة العامل إلكترونية ويوضع فيها رقم السجل المدني للكفيل وتكون معلقة على صدره.
وأخيراً يجب أن يكون هناك تعاون وثيق وتنسيق بين الأمن العام والمديرية العامة للجوازات ووزارة العمل وأن يفعل دور عمدة الحي وذلك بوضع إستراتيجية لمتابعة ومراقبة وترحيل هذه العمالة المهملة وتفتيت بيئتها التي استفحل خطرها وانتشر ضررها على جميع أفراد المجتمع وأصبحت براكين بشرية يخشى من ضررها كل مواطن ومقيم إقامة نظامية.
- كاتب وأستاذ أكاديمي وعضو المصالحة وعضو التحكيم
fahd-a-s@hotmail.com