Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/08/2009 G Issue 13480
الثلاثاء 04 رمضان 1430   العدد  13480
الحبر الاخضر
منهج الإسلام لضمان استمرار الدعوة 1-2
د. عثمان بن صالح العامر

 

هذا هو عنوان رسالة والدي رحمه الله التي نال بها درجة الماجستير في قسم الدعوة والاحتساب، المعهد العالي للدعوة الإسلامية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ومع أنها كتبت عام 1403ه إلا أنني كلما قلبت فيها وتصفحتها وجدتها حديث اليوم وموضوع الساعة خصوصاً في ظل التحديات التي تمر بها أمة الإسلام عامة وبلادنا المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص فموجة الإرهاب المحرقة واتجاهات التطرف والغلو كثيراً ما تفاجئنا بما لم يكن في الحسبان، آخرها ما صرح به المتحدث باسم وزارة الداخلية يوم الخميس الماضي للشرق الأوسط من اعتقال 44 شخصاً من قياديي تنظيم القاعدة في المملكة العربية السعودية بينهم من يحمل درجة الماجستير ودرجة الدكتوراه وآخرون متخصصون في الهندسة!!، لقد كتبها رحمه الله بقلبه وسلوكه قبل أن يخطها بقلمه ويصوغها بفكره، يعرف ذلك جيداً كل من عاصره وعاش قريباً منه، ولذا كانت هذه الرسالة في مضامينها العامة ترسم منهجاً وسطياً للدعوة إلى الله وتستشهد بنماذج تاريخية جسدت هذه الوسطية واقعاً معاشاً واستطاعت أن تصل إلى قلوب عباد الله، تحدث في الباب الأول منها عن عالمية الإسلام ودور الدعوة إلى الله في تحقيق ذلك، ثم كان الحديث عن خلود هذا الدين واستمرار دعوته على المنهج الصحيح، ومن أبرز مظاهر استمرار الدعوة هذه ظاهرة حركة التجديد في الفكر الإسلامي، ومن أشهر المجددين في نظر الباحث - رحمه الله - الذين كان تجديدهم أقرب إلى الشمول والاكتمال مما حقق استمرار أثر ذلك التجديد زمناً طويلاً بعد وفاتهم (المجدد الأول في الإسلام الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز رحمه الله)، ولكونه كذلك فقد ألحقه الإمام الشافعي بالخلفاء الراشدين، لقد قرأ هذا الرجل الفذ عمر بن عبد العزيز أسباب الانحراف الذي طرأ على المسلمين في عصره وحدد منهج الإصلاح على علم وبصيرة، وأول ما بدأ بإصلاح نفسه وأسرته واتسعت الدائرة لتشمل جميع المسلمين، حيث صرف عنايته لعامة الناس فجعل يوظف سلطته السياسية في إصلاح حياتهم الفكرية والخلقية والاجتماعية والاقتصادية حتى صار الأغنياء يطوفون بالزكاة في بلاد الإسلام ولا يجدون من يأخذها فالكل قد خرج من عباءة الفقر والمسكنة، لقد منع ابن عبد العزيز إشاعة العقائد الفاسدة ومهد الأمور لتعليم عامة الرعايا على نطاق واسع ورد عناية أهل العلم والفكر إلى علوم القرآن الكريم والحديث الشريف والفقه فبعث بذلك حركة علمية متميزة كان من نتاجها أئمة نوابغ من أمثال أبي حنيفة النعمان ومالك والشافعي، وأحمد بن حنبل، وفي مرحلة تالية توجه بالدعوة إلى مجتمعات غير المسلمين، (فكتب إلى ملوك الهند يدعوهم إلى الإسلام والطاعة على أن يُملكهم ولهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وقد كانت بلغتهم سيرته ومذهبه فأسلموا وتسموا بأسماء العرب) وبعد وفاة هذا المجدد العظيم استمرت اليقظة الفكرية والحركة العلمية التي بعثها وأحياها في العقلية الإسلامية وتحقق نتيجة ذلك تدوين كل ما دعت الحاجة إليه لإدارة نظام أوسع للمدينة العصرية على الطراز الإسلامي الصحيح وحسب القواعد ومناهج العمل السليم والمنتج. هذا بعض ما كتبه والدي رحمه الله في رسالته في هذه النقطة بالذات والكلام في الموضوع (التجديد في الفكر الإسلامي) طويل ومتشعب والحديث عن المجددين وصفاتهم ومناهجهم والوسائل التي وظفوها لبلوغ أهدافهم حديث ذو شجون أتركه للقاءات قادمة بإذن الله. وإلى لقاء والسلام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد