Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/08/2009 G Issue 13480
الثلاثاء 04 رمضان 1430   العدد  13480
معوقات المشروعات الصغيرة
د.خالد بن محمد الخضر

 

تمثل المشروعات الصغيرة ما نسبته 80% من قطاع المال والأعمال لكل بلد، فهي المحرك الإستراتيجي لنمو ذلك البلد أو تقهقره. فالمشروعات الصغير تمثل النسبة الأعم في دائرة القطاع الخاص. ولتلك الأهمية تسعي كثير من الدول لرعاية تلك المشروعات الصغيرة من خلال تسهيل الإجراءات النظامية لإنشاء تلك المشروعات أو دعمها من خلال الاستشارات المالية والإدارة والفنية تحت مظلة الغرف التجارية أو الجهات ذات العلاقة أو حتى من خلال استنبات الحاضنات التي ترعى تلك المشروعات. ويواجه أصحاب المشروعات الصغيرة مشكلات جمة في النهوض بتلك المشروعات حتى تستطيع أن تحبو فتمشي فتنطلق، وترتكز تلك المشكلات في الغالب على عاملين أساسين المال، والخبرة، فالمال يمثل عائقاً صارخاً في نجاح تلك المشروعات من خلال الموارد البسيطة والميزانيات المحدودة التي يشارك بها هذا المستثمر الصغير لذلك النوع من المشروعات الصغيرة، وعامل الخبرة هو كذلك من العوامل التي تحد من نجاح المنشآت الصغيرة، أما لعدم توافر هذا العامل أو عدم اكتماله. وعندما كتبت مقالاً سابقاً بعنوان (كيف تنقذ مشروعاً يغرق؟) وصلني العديد من الرسائل حول ذلك المقال وكلها تصب في المعاناة الحاصلة لهذا المستثمر الصغير، وهي كما اتفقنا تدور حول المال والخبرة والعوامل الأخرى كالإجراءات ونقص المعلومة وعدم الدعم اللوجستي من أصحاب العلاقة وكذلك عدم وجود الحاضنات التي يمكن الاستفادة منها. فالقاسم المشترك بين تلك الرسائل هو مشكلة المال، الخبرة، الدعم اللوجستي. وقد أعجبني إحدى تلك الرسائل لأهميتها وشفافيتها والتي أنقل إليكم بعض ما جاء فيها، إذ يقول صاحب الرسالة (ومن واقع معايشة المشكلة أقول إن هناك عاملاً مهماً لن تجده في دراسة الجدوى، وهو رغبة العمالة الوافدة التي تعمل لديك وسعيها المستمر لامتلاك مشروعك الخاص لنفسك مقابل مبلغ مقطوع محدد سلفاً أسوة بغيرك، شئت أم أبيت، لعلمهم بأنك سترضخ في نهاية الأمر من خلال النقاط التالية: تعمد إهمال العمالة الوافدة بعملهم لتسبب لك خسارة مستمرة لا يوقفها سوى رضوخك لمشيئتهم. وتعتمد حسب طول صبرك على تحمل الخسائر، مع عدم جدوى بيع المشروعات الخاسرة، معظم المشروعات الصغيرة المنافسة يملكها وافدون وتكلفتها التشغيلية منخفضة ويصعب منافستها وكفلاء بعضهم لا يتقاضون أي مقابل مادي مطلقاً ويقولون إنها صدقة للمساكين؟!، مهما كانت عمالتك جيدة سيتغيرون عندما يعلمون بواقع العمالة الأخرى وسيظنون بأنك تستغلهم براتب محدد. عدم فاعلية الجهات المعنية بشكواك من تلاعب عامل لديك بالحساب وأكبر عقوبة ستوجه له هي أن تدفع أنت مصاريف تسفيره أو حجزه وفي الحالتين أنت المتضرر، وستلجأ مضطّراً للتخلص منه بنقل كفالته وهذا مبتغاه، إضافة لمعاناتك المقبلة مع مكتب العمل ومكتب الاستقدام لاستقدام بديل له).. انتهي كلامه. أقول للأخ الكريم هذا الكلام فيه كثير من الصحة والواقع وأنت تتكلم من منطلق معايشة المشكلة والدخول في تفاصيلها، ويؤيد كلامك هذا كثرة الرسائل التي وصلت حول هذا الشأن فهي تتفق معك في كثير مما أشرت إليه، وقولك تعمد إهمال العمالة الوافدة بعملهم حتى ترضخ لشروطهم وبالتالي مشاركتهم، أقول.. إن هناك حلاً وسطاً يرضي الطرفين فطالما أنت صغير وصاحب مشروع في بداياته فعليك أن لا تبحر عكس التيار وأن تحني رأسك حتى تمر العاصفة وبالتالي فعليك العمل بنظام النسبة، فمثلاً إعطاء العمالة 40% وأنت 60% بعد إخراج المصاريف التشغيلية الثابتة وبالتالي سوف تمسك العصاة من المنتصف. وفي حديثك أن معظم المشروعات يملكها وافدون وأن تكاليفها التشغيلية متدنية، فهذا صحيح وهذا مرده إلى انعدام وجود الوطنية لدى بعض المواطنين وبالتالي ستؤدي إلى زيادة في أرباح تلك المشروعات مما يؤدي إلى وجود اقتصاد غير شريف واقتصاديات تسمى باقتصاديات الظل، أو الاقتصاديات المستترة، وأنت تعلم والقارئ الكريم ما لهذه الأساليب من آثار سلبية على الوطن ومدخراته من ارتفاع في التحويلات النقدية وعدم إدراج تلك البيانات في التخطيط الإستراتيجي لميزانية الدولة وبالتالي توزيع الدخل القومي وبشكل غير علمي على القنوات والمصارف التي يجب أن يتم الصرف عليها!! قضية الجهات الأمنية هذه معضلة كبيرة وتأتيني رسائل على هذا الموضوع، فمهما عمل العامل من جرم مالي فإن أكبر العقوبات هي الحجز أو تسفيره على حسابك، وهي مشكلة تؤدي إلى الاستهتار الكامل من العوامل الوافدة، ومن أمن العقوبة ساء الأدب، وإنني أرى في هذه الجزئية بالذات أن يكون هناك أسلوب رادع لذلك العامل يجب أنه إذا سُفر وهو متلبس بجرم السرقة أو الجنايات المشابهة لتلك الجريمة فإنه لا يجوز له دخول المملكة طيلة حياته، وكذلك التشهير به في الجرائد اليومية، وأيضاً يجب أن يكون هناك ضمانات للكفيل في حالة سرقة العامل كأن يؤجل بعض المرتبات حتى يتم سفره إن لم يكن عليه مشكلات مالية أو ما شابهها. وكل تلك الاحتياطات تحد من مشكلة تلك العمالة. وأقول للأخ المرسل وللقارئ الكريم إن من أهم خصائص الحياة هي الكد والكبد والكفاح والاستمرار، فالنجاحات لا تتحقق بالتذمر والشكوى ولوم الظروف، الناجحون فقط هم الذين يتجاوزون ظروفهم، فالكل في هذه الحياة يمر بصعوبات مختلفة ومتفاوتة، الذين حققوا النجاحات هم فقط الذين تجاوزا تلك المحن والظروف، ولو توارينا خلف تلك التحديات لأصبح الجميع يصرخ بوادي مقفر لا يستجيب له إلا صدى الصحراء ورمالها!.

كاتب سعودي


Kmkfax2197005@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد