Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/08/2009 G Issue 13480
الثلاثاء 04 رمضان 1430   العدد  13480

وترجَّل شاعر العرض إبراهيم العريفي
عبدالرحمن عبدالله اليابس

 

أشهد أن الدمع تعبير ورسائل عجز بيت ارتسم أمام عيني وأنا لتوي خارج من المسجد بعد الصلاة على فقيد القويعية والعرض الشاعر المعروف إبراهيم بن سعد العريفي.. حينما قابلت قريبه نسباً وقريبه صداقة وذكرى ووطن وخلقاً ونبلا وعمراً الشاعر إبراهيم بن سليمان.. كانت دمعة حرى صادقة تترقرق في عينيه الذابلتين وكلمات خافتة تحترق قبل أن تنطلق وهو يتقبل التعازي في قريبه وصديقه لحظتها عشت الموقف كما هو لوعة الفراق ولوعة الحزن والبعد. اللوعة الصادقة المعبرة وهو يستعيد الصور ويستدني الأيام ويسرح في خيالاته تبعده عن واقعه وتعيده فجأة له وما أصعبها من لحظات هذه لحظتها استعدت في ذهني أبيات لأبي سليمان قالها في ظرف مماثل وربما استعادها هذا اليوم أو ما يماثله:

مرحوم يا اللي مات مرحوم مرحوم

عسى يهبك من جنانه هبايب

ومقسوم يا عيني هذا شيء مقسوم

وصل الرحيل ونوخن الركايب

ولأستعيد صورة أخرى لرسام بارع من الأسرة الوفية إياها: إبراهيم بن جفران في حالة مماثلة.

يبكيه شيبان ويبكيه جهال

ويبكيه هتال الخلا وإن لفت به

ولأردد وفي وضع مشابه ولشاعر عريفي آخر كأنه يعيد الصورة نفسها.. شويمي العريفي

يا ليت به غصن الصبا ما انحطميه

قد شاع ذكره في الحسا والأفاليج

وعليه زينات العراويج ضميه

وعليه صبيان العرافا مخاليج

ولنردد مع الشاعر إياه وكأنه عنا فقيدنا..

قلت لاهل الهجن ريف الهجن وينه

قال خذه الموت ما واعد بغايب

وين نلقى صاحبٍ مثله حتينه

لو ندور بالبعيد وبالقرايب

ولنردد مع الشاعرة/ نورة العريفي قريبة له قالت ترثي أحدهم وكأنها تعيدها اليوم..

ابو سعد ريف الضعيف المجوعي

لا جا عليه من المقادير مثلوم

أبو سعد نجم رفيعٍ لموعي

فيه السخاء والجود والطيب مرسوم

ولأستعيد من وحي الموقف إياه أبيات من أبيات سابقة لي ارتسمت أمام ذهني لحظتها..

آه يا جرح لجا وسط قلبي يا رفاع

لو كميت الجرح وسط الحشا غصبٍ يبين

أتنشد يا عرب غابت بيوت رفاع

رافعٍ صوتي وأنادي على ذرب اليمين

وين غابوا وين راحو أهل ذاك القطاع

أتلفت من يساري وادورهم يمين

استدل القلب من رسمها عقب امتناع

المجرب لزم يعرف ترى طبع السنين

استعدت صورة ذلكم الأديب الأريب القريب لكل عارفيه والذي عرفته منذ قرابة النصف قرن وهو النموذج المشرف لمجالس الرجال النظيفة وقيمها وأخلاقياتها.. رجل لم يحسب عليه في مجلس هنّه أو تجاوز في كلمة يعطي الرجال حقوقها ويبرز المكارم ويرسم صورة المجالس الراقية وآدابها الرجل النقي التقي والشاعر الملتزم صاحب الخط الواضح.. رجل أحب الكل فأحبه الكل.. له مع العرض المنطقة وأهل العرض حب ووله وشوق.. في كل مناسبات القويعية نحرص على مشاركته ليس لشاعريته ولا لأسرته فحسب، لكن لحضوره المميز ولحبه للمنطقة ولانتمائه الصادق.. نقدمه وبكل ثقة ونعرفه بأنه شاعر العرض.. ولا يفوتني في هذا الصدد إشارة عابرة لتأكيد هذا العشق وهذا الوله كان في مجلس الشيخ/ حمد بن سليمان الجبرين في حفر الباطن حينما كان محافظاً لها رحمه الله.. والاثنان يجمعهما حب العرض وصدق الانتماء وسمو الخلق ومكارم الأخلاق. وحينما أشار إلى شاعرنا يعرفه بأنه من أهل العرض استفز أحدهم شاعرنا بسؤاله بطريقة أثارته (وش العرض) ليرسل أبيات لأبي سليمان:

وشك رايك بالذي أنكر العرض بكلامه

وقال وش العرض ما قد سمعنا له علامي

ما درى أن العرض بالموجبه يا في بزامه

وشايعٍ ذكره وطاريه مع كل الأنامي

ما درى أن العرض هو قلب نجد وسنامه

وله تواريخ ومجدٍ جديدات وعامي

بقصيدة طويلة تزخر بالحماس وتكرر العرض اسماً وتأريخاً وأرضاً ومناخاً وكرماً وشجاعة وحاضرة وبادية وليرد عليه الرجل الحكيم المتذوق حمد الجبرين رحمه الله مقدراً حماسه شاكراً له مواطنته..

واقفٍ دون الوطن والمشكوك في حزامه

ماقفٍ ما حدٍ يطوله ولو كثر الكلامي

يجابه المخطئ بردٍ بعيدات سهامه

العريفي يا اهل العرض صار لكم حسامي

رحم الله شاعرنا والعزاء أقدمه لقبيلة بني خالد التي أحبها ووضع بها ملحمة شعرية قاربت أربعمائة بيت عدد فروعها ومناقبها.. وأعزي أهل العرض كافة حاضرة وبادية بشاعرهم الذي أخلص لهم وأحبهم وأحبوه وطالما تغنى لهم وبهم معتزاً ومنتمياً.. والعزاء ليس مقصور على أسرته الكريمة (العرافا)، بل العزاء لنا جميعاً أهل القويعية وكل متذوقي الكلمة الشعبية الراقية - رحم الله - بإذنه تعالى شاعر العرض إبراهيم العريفي ولنا عودة قادمة بإذنه تعالى وعبر صفحات الجزيرة بإطلالة على شاعريته.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد