Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/09/2009 G Issue 13503
الخميس 27 رمضان 1430   العدد  13503

ايقاعات
السدحان... والعيد الذي كان!
تركي العسيري

 

كنت أزمع الكتابة عن العيد، العيد الذي عرفته وأحببته، وما برحت النفس تجتر ذكرياته، والتي كان لها طعم العسل الجبلي، ورائحة الفل البلدي الأخاذ، غير أن معالي الأستاذ عبدالرحمن السدحان سبقني وهو سباق لكل خير فكتب في (الرئة الثالثة) يوم الاثنين الماضي مقالاً بعنوان (لهفي على عيدك (يا مشيع)!.

وأشهد بالمناسبة أنني ما عرفت فيمن عرفت إنساناً ظل وفياً لقريته العسيرية القديمة، ولخؤولته، ولأمه رحمها الله كما هو، فقد كانت مشاعره التي يبثها نحو (أمه) بين الفينة والأخرى مثال إعجاب وتقدير لكل من قرأ له.

ولعل من حسن حظنا نحن الجيل القديم أن ذقنا طعم العيد، وعشناه، ولم تزل الروح معلقة بشذاه وأيامه التي لن تعود.

دعوني أقطف وردة لما تزل ندية فواحة من حديقة الماضي البعيد، وحين كان العيد أنشودة فرح وبهجة وهدايا غالية رغم شح الإمكانات.

ولست أدري لماذا تطربني قصيدة (إيليا أبو ماضي) وهو يناجي محبوبته يوم العيد، هل هي اللغة الباذخة، أم صدق العواطف:

(وذو الشوق القديم وإن تعزّا

مشوق حين يلقى العاشقينا)

فكثيراً ما استعرنا أبياته الرائعة لنهديها لمن نُحب:

(أيُّ شيء في العيد أهدي إليك

يا ملاكي وكل شيء لديك

أسواراً أم دملج من نضار

لا أحب القيود في معصميك

أم وروداً والورد أجمله عندي

الذي نشقت من خديك

أم عقيقاً كمهجتي يتلظى

والعقيق الثمين من شفتيك

ليس عندي شيء أعز من الروح

وروحي مرهونة في يديك)

ها أنت تعود إلينا يا صديق العمر الطري والأحلام البكر لتذكرنا بمن نُحب. بمن كانوا معنا ورحلوا قبلنا، ها أنت يا عيد تعود لتزيل عنا غبش السنين الرمادية التي صادرت أفراحنا، وصفاءنا، وبقايا براءتنا الأولية.

ترى، هل تغيرت يا عيد، أم ترانا نحن الذين تغيرنا؟ فالناس لم يعودوا هم الناس الذين نعرفهم، والمكان لم يعد هو المكان الذي نعرفه ونهيم به:

(مال المنازل أصبحت لا أهلها

أهلي ولا جيرانها جيراني)

باتت أعيادنا بلا طعم ولا رائحة ولا لون. لهفي على من لا يعرف العيد الذي عرفنا، ولم يذق طعمه، أو يشم رائحته.

كان العيد عيداً يجتمع فيه الأهل والأحبة والجيران، وتشرع أبواب المنازل لاستقبال المهنئين الأوفياء، أين من عينيَّ ذلك الزمن البعيد، الذي كنا نتسابق في الاحتفاء بالزائر الجميل، وتخفق الأفئدة لتطرز عبارات الشوق والمحبة والوله لمن نحب:

(كل عيد وأنت في ألف خير

وصباحات ودنا تتجلى

أنت والعيد في حياتي عيد

أيّ عيد على حياتي أطلا)

عيدكم مبارك أيها الأحبة.. وكل عام وأنتم بخير!!

alassery@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد