Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/09/2009 G Issue 13503
الخميس 27 رمضان 1430   العدد  13503
أليس هذا الزواج غريباً ومثيراً للانتباه؟!
د. عبدالله بن سعد العبيد

 

...لم يلفت نظري في خبر زواج ثمانيني من طالبة الصف الخامس الابتدائي كون هذه الظاهرة ستستمر طالما لم يحن الوقت بعد لسن قانون يحمي الأطفال في عمر الزهور من الزواج بكهول في أرذل العمر، لم يلفت نظري خبر الزواج بذاته..

.. بل ما لفت نظري هو إصرار الثمانيني الزوج على حقه المشروع في الزواج من ابنة الحادية عشرة وقوة دفاعه وتبريره لموقفه الذي لا يرى فيه خطيئة اجتماعية ونفسية ولا جناية حقوقية ولا مخالفة لتعاليم الإسلام الحنيف، بل أخذ يكيل التهم على من حاول إيقاف ذلك الزواج متذرّعاً كما أسلفت بعدم وجود موانع شرعية أو محاذير اجتماعية تقف بينه وبين ذلك الزواج.

وبغض النظر عن دوافع ذلك الشيخ الثمانيني الذي وقف بكل ما أوتي من قوة مدافعاً عن نزوته تلك، أتساءل وغيري كيف يمكن أن يحدث توافق فكري بين ثمانيني وطفلة في صف خامس ابتدائي، تلك السن التي لا تؤهل صاحبتها الطفلة لفهم أبسط أبجديات الحياة العامة فضلاً عن فهمها لأبجديات الحياة الخاصة بتفاصيلها التي بات فهمها يستعصي على كثير ممن يتقدمنها سناً. ثم ما الذي يجعل رجل كهل يُقدم على زواج يتباعد فيه الفارق السني بينه وبين من يرغب بالزواج بها تباعداً يصعب معه حتى التكهن بنجاح تلك العلاقة، وأي متعة يجدها كهل من معاشرة طفلة لا تفرّق بين الجنس واللعب.

أعلم جيداً أن الرجل حينما يبلغ من العمر عتياً وتكون لديه القدرة على القيام بحياة زواجية كاملة ويرغب لسبب ما في أن يتزوّج أو يعدد، أعلم أن المنطق يملي عليه أن يتزوّج من امرأة بالغة راشدة عاقله ولا أقول سبعينية أو ستينية حتى لا يخرج من يقول إن المرأة في تلك السن تكون قد أنجبت وربت وتعبت ولم تعد قادرة على الزواج من جديد، ولكني أقول لتكن في الثلاثين أو أقل أو أكثر قليلاً لكن أن تكون في العاشرة أو الحادية عشرة أو الثانية وحتى سن العشرين فلا أعتقد أن ثمة من يقبل عقله تلك التوافقية في العلاقة.

سمعنا كثيراً عن أولئك الذين يتزوّجون من أطفال وهم أي الرجال في سن الخمسين أو الأربعين أو أقل قليلاً.

ألم يحن الوقت بعد للتحرك اجتماعياً وسياسياً لاتخاذ موقف صارم وحازم وجريء من هذا الفعل الذي لا يحقق بأي حال من الأحوال الغايات التي من أجلها شُرع الزواج. أوَليست الغاية من الزواج في الشريعة الإسلامية هي إنشاء أسرة مسلمة تكون لبنة صالحة في المجتمع وتهدف لإنتاج ذرية تتربى على أسس الإسلام وتعاليمه، فليس الهدف الإشباع الجنسي كما يظن البعض، بل إن نظرة الإسلام للزواج أرقى من ذلك بكثير، فالله تعالى أوضح الأهداف السامية في آياته الكريمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، أوَليس التوافق العمري بين الزوجين أساس في استمرار تلك المودة والرحمة.

هل هناك موانع شرعية تحرّم تحديد سن معينة للزواج، إذا كان الزواج كجزء من المعاملات التي تركها الإسلام لاستحسان ما يراه الناس حسناً، فما المانع من تحديد سن للزواج طالما أن الأمر يمكن البت فيه من خلال الناس وما يستحسنونه.

سؤال للجميع وإن كنت في ذات الوقت، أتمنى سماع موقف هيئة حقوق الإنسان والخطوات التي قامت بها إن هي فعلاً قامت بخطوات في سبيل ذلك. إلى لقاء قادم إن كتب الله.



dr.aobaid@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد