Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/09/2009 G Issue 13503
الخميس 27 رمضان 1430   العدد  13503
الفهم الخاطئ في التعامل مع الناس
بدر السعيد

 

في هذه الحياة الدنيا والتي جعلها الله للعبادة والعمل والكدح وطلب العيش الكريم تلتقي مصالح الناس وتتمازج بعضها البعض، فيلزم التفاهم والحوار المتبادل على أن يسود ذلك حسن الخلق في المعاملة. فيكون من الطبيعي الاختلاف، والذي لا يفسد للود قضية، في الآراء والمناقشات وأحياناً يكون الاتفاق على الحل الوسط ما أمكن. فهناك بعض من المشاهد السلبية في المجتمع، والتي أعتقد بأن الكثير قد قابله أو سمع بمثل تلك المواقف والتي من خلالها يجب عدم التسرّع في الحكم على الآخرين، ومن ثمَّ قد يكون الرد انفعاليا ومزعجا يصعب تداركه بوقت وجيز، فيطول الوقت وتمضي الأيام تلو الأيام والشهور تلو الشهور، وقد تستمر أيضا إلى سنوات عدّة بلا حلول، وعندما تقف عند تلك الأسباب التي أدّت إلى هذا الزعل والانقطاع بعقلانية وتروٍّ تجدها سهلة في إيجاد الحلول لها، ولا تستحق كل هذا القطيعة. إنما في مثل هذه المواقف، وخصوصاً عند الغضب غالباً يكون الشيطان حاضراً إن لم يستعذ منه، أو من أصحاب السوء الذين يساهمون في التصعيد ولا يتدخلون في حل النزاعات. عندها تزيد حدّة الخلاف والعداوات ويتطوّر إلى مالا تحمد عقباه، وسوف أذكر هنا أحد المشاهد :

* أحدهم يحضر إحدى المناسبات ويلتقي بمن يعرفهم وبمن يتعرّف عليهم ويتحدث مع من هو بجانبه أو قريب منه بكلمات مناسبة ومسليّة وابتسامة قاصداً وراء ذلك إثراء المجلس بالبهجة والسرور، ومن خلال مشاركته هذه تجد البعض ممن يستمع إليه يفهمه بفهم خاطئ آخر بعيد كل البعد عن ما يقصده البتة، فمن خلال هذا الفهم الخاطئ يتم التحدّث عنه بتعليق لاذع ويتم الاختلاف والنفور منه وإذا غادر المكان يوصف بصفات سيئة وبذيئة. وهناك من ضعاف النفوس من يوافق هذا الشخص الذي ينتقص ذاك الرجل ويشجعه على السباب والنميمة - علماً بأن هذا الرجل على (نيّته) كما يقال، وكل ما تحدّث به قد فهم وفسر بالخطأ!! وهو لا يدري ماذا يقولون عنه وما يلصقون عليه من تهم وأوصاف سيئة وهو بريء منها!!!. وهناك الكثير من المواقف المشابهة والمتنوعة في المجتمع... والتي مع الأسف تبدأ بفهم خاطئ وتنتهي بالعداوة والبغضاء والشحناء، وعلى أثر ذلك تتم القطيعة والتي نهى عنها ديننا الإسلامي الحنيف!!!

ومع إطلالة هذا الشهر الكريم شهر رمضان شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران أن تُصفو الأنفس عن كل ما يشوبها من أحقاد وخلافات وخصومات بين البعض، وأن يتم التواصل مع من كان بينه وبين أخيه سوء فهم أو قطيعة، وألا يحكم عليه بتسرّع في أي تصرف يراه منه، أو خطأ بغير قصد إنما يلتمس له العذر ويتقبل اعتذاره بابتسامة أيضا، فبهذه التصرفات الحسنة ترق القلوب وتتآلف بعضها البعض وتسودها روح المحبة والإخاء والتسامح والتراحم، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلاّ شانه).

وهذا ما أمرنا به ديننا الإسلامي في التناصح، وحُسن الخلق، والمعاملة الطيّبة. وروى الترمذي عن عبد الله بن المبارك رحمه الله في تفسير حسن الخُلق قال: (هو طلاقة الوجه وبذل المعروف وكف الأذى) وقال صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

- حوطة سدير



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد