أيا ما كانت درجة الاتفاق أو الخلاف حول تقرير غولدستون ونتائج البحث الاستقصائية التي توصلت إليها البعثة الدولية، فإن الاصرار الاسرائيلي على عدم الاستعداد لفتح تحقيقات جنائية تمتثل للمعايير الدولية يمثل الفأس التي تقطع كل شجرة عدالة تورق أو توشك على ذلك في الأراضي الفلسطينية.

إن الحرص الاسرائيلي على الانزواء عن العدالة الدولية واللعب على سيرك الضحية يمثل واقعا صعبا يواجه الأمم المتحدة وأصدقاء إسرائيل والعالم أجمع, غير أن العجرفة الاسرائيلية في تحدي التوثيق والرصد للانتهاكات الانسانية لا تزال خارج حدود المسؤولية الدولية، وتشكل تحديا حقيقيا لقيم العدالة والاستقرار الدولي، الأمر الذي يدفع العقلاء في العالم أجمع، وحتى في إسرائيل نفسها، إلى الدعوة إلى موقف دولي حاسم يحقق السلام للعالم بما فيه إسرائيل.

مسلسل الهروب من الرصد والتوثيق والهروب من مواجهة العالم ترجمه في جامعة شيكاجو مؤخرا رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت حين دفعت رغبته في اللحظات الاخيرة الجامعة إلى منع وسائل الاعلام من التصوير، بل والجامعة نفسها من توثيق المحاضرة التي ألقاها هناك وادعى فيها أن لا تاريخ في القدس سوى لليهود! تقرير القاضي غولدستون ورغم تحفظ البعض على خلفيته تضمن توصية بدعم الاعتماد على الولاية العالمية كبوابة امام الدول للتحقيق في انتهاكات أحكام اتفاقية جنيف لعام 1949, هذه التوصية تستند إلى الحرص على عدم افلات المدان من العقاب والذي بعدم ضمانته تستمر تغذية الانتهاكات والتعديات، ولذا فان العالم يدرك ان المزيد من الصمت يشجع على المزيد من الظلم.. ولتعزيز العدالة لابد من موقف!

****