يحق لأهالي محافظة المجمعة ذلك الإبتهاج والغبطة. بصدور الأمر السامي الكريم بافتتاح جامعة في محافظتهم. تخدم هذه المنطقة المترامية الأطراف. من حفر الباطن وحتى الرياض العزيزة، ومن القصيم إلى عاصمتنا الحبيبة. هذا الحلم الذي تحقق على يدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه.
فمدينة المجمعة قاعدة منطقة سدير، ومقر محافظة المجمعة في الوقت الحاضر، لها تاريخ علمي عريق، وماض مشرف، فقد كان أحد علمائها، وهو الشيخ/ عبد الله بن سيف، شيخا لمجدد الدعوة السلفية الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب. قال عنه الشيخ/ محمد: دخلت عليه يوما فقال لي: أتريد أن أريك سلاحا أعددناه للمجمعة.؟ قلت نعم، فأدخلني بيتا فيه كتب كثيرة، وقال لي هذا الذي أعددناه لها.
وهذه المدينة ومنطقتها من أوائل المناطق التي انضوت تحت لواء الدولة السعودية الأولى، وذلك في عام 1188هـ.
ومن علماء هذه المدينة العديد ممن تولوا القضاء والتعليم في سدير وخارجها في ذلك العهد.. كالشيخ/ عثمان بن عبد الجبار الذي تولى القضاء في عمان، والشيخ/ صالح بن سيف العتيقي، الذي تولى التعليم في الزبير، والشيخ/ أحمد بن محمد التويجري الذي تولى القضاء في سدير، والشيخ/ حمد بن شبانه الذي تولى القضاء كذلك في سدير، ومقر عملهما في المجمعة.. والشيخ/ سيف بن محمد العتيقي الذي قام بالتعليم في المجمعة، وأوقف أحد بيوته مدرسة. كما أوقف كذلك نخلا له تصرف غلته على الطلبة..
كما كانت المجمعة من أوائل البلدان التي انضوت تحت لواء الإمام تركي بن عبدالله. مؤسس الدولة السعودية الثانية. حيث رحب به أهلها واستقبلوه في بلدهم عام 1239هـ
لقد حافظت المجمعة على مكانتها العلمية في هذا العهد، فكان من علمائها من تولى القضاء في عدد من المناطق كالشيخ/ عبد العزيز بن عثمان بن عبد الجبار. الذي تولى القضاء في بلاد الجبل، والشيخ/ عبد الرحمن بن حمد الثميري الذي تولى القضاء في سدير، والشيخ/ ابراهيم بن محمد العتيقي الذي تولى القضاء في سدير كذلك.
ولما أشرقت شمس هذه الدولة السنية - الدولة السعودية الثالثة - على يد المؤسس الباني- صقر الجزيرة العربية- الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- كان من أوائل المشاريع التي نفذها في المجمعة بناؤه جامع ومدرسة أهلية عام 1335هـ حسب الوثيقة المرفقة صورتها.
حيث كان لهذه المدرسة دورها مع بقية المدارس الأهلية في المجمعة كمدرسة الشيخ/ أحمد بن صالح الصانع، وكان لذلك الجامع الذي أصبح بمثابة كلية للشريعة واللغة العربية. شأنه في مواصلة خريجي المدارس الأهلية دراستهم الموسعة فيه على أيدي القضاة والمشائخ. ولا سيما الشيخ/ عبد الله بن عبد العزيز العنقري..ثم الشيخ/ عبد الله بن حميد. ولما ابتدأ التعليم النظامي في المملكة على يد المؤسس. كانت المجمعة من أوائل البلدان التي دخلها هذا التعليم. وذلك في عام 1356هـ ومنها انطلق في بقية بلدان سدير. حيث أنشأت إدارة للتعليم عام 1378هـ. أوكلت إدارتها للشيخ إبراهيم بن حمد العبد الوهاب كأول مدير للتعليم بالمنطقة، وعند إنشاء المعاهد العلمية، كانت المجمعة من أوائل البلدان التي افتتحت بها؛ حيث افتتح المعهد العلمي بها عام 1374هـ. كما كانت من أوائل البلدان التي دخلها التعليم العسكري. حيث افتتحت بها المدرسة العسكرية عام 1374هـ. لقد أنجبت تلك الحركة العلمية في المجمعة، وهي بلد العلم منذ القدم.. العديد من العلماء الذين استعان بهم الملك عبدالعزيز باكرا. ثم الملك سعود فيما بعد في مجال القضاء؛ حيث تم تعيينهم في معظم مدن ومناطق المملكة، وذلك على النحو التالي:
- الشيخ/ حمد بن مزيد المزيد- قاضيا في الرياض.
- الشيخ/ عبد الرحمن بن سليمان الحمدان- قاضيا في مكة المكرمة.
- الشيخ/ عبد العزيز بن صالح الصالح - قاضيا في المدينة المنورة.
- الشيخ/ عثمان بن عبد الله بن عتيق- قاضيا في الطائف.
- الشيخ/ محمد بن عبد الله بن إسماعيل- قاضيا في أبها.
- الشيخ/ سليمان بن عثمان بن أحمد- قاضيا في بلجرشي.
- الشيخ/ عثمان بن عبد العزيز الركبان- قاضيا في النماص.
- الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله الخيال- قاضيا في نجران.
- الشيخ/ إبراهيم بن عبد العزيز السويح - قاضيا في المقاطعة الشمالية.
- الشيخ/ عثمان بن إبراهيم الحقيل- قاضيا في المقاطعة الشرقية.
- الشيخ/ محمد بن عبد المحسن الخيال- قاضيا في الأحساء.
- الشيخ/ حمد بن إبراهيم الحقيل- قاضيا في الخرج.
- الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة- قاضيا في الدوادمي.
- الشيخ/ حمود بن عبد الله التويجري- قاضيا في الزلفي.
- الشيخ/ علي بن زيد بن غيلان- قاضيا في الارطاوية.
- الشيخ/ عثمان بن إبراهيم السليمان- قاضياً في الكهفة. جهة حائل. ثم حرمة.
- الشيخ/ عبد الرحمن بن عثمان الدهش- قاضيا في الغاط.
- الشيخ/ إبراهيم بن عبد العزيز السيف. قاضيا في شقراء..
- الشيخ/ عثمان بن عبد العزيز الثميري. قاضيا في الخبر.
- الشيخ/ عبد الله بن ابراهيم الصانع- مستشاراً ومساعداً لمفتي الديار السعودية آنذاك. الشيخ/ محمد بن ابراهيم آل الشيخ.. الخ.
وفي مجال التعليم النسائي. كان في المجمعة حركة تعليمية، وعدد من الكتاتيب النسائية. من أهمها: كتاب نورة بنت عبد الله الشارخ، وكتاب رقية الهديب السريع، ومنيرة الهديب السريع، وكتاب فاطمة بنت محمد السليمان، وحصة بنت محمد السليمان، وكتاب سارة بنت يوسف الزعيبي، وشيخة الحاتم.. الخ.
ولذا فقد كان للمجمعة. أسبقية قي المطالبة بالتعليم النظامي النسائي. وذلك بواسطة أحد أعيانها، وهو الشيخ/ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري. في خطاب وجهه لمفتي الديار السعودية آنذاك. الشيخ/ محمد بن إبراهيم. بتاريخ 26-3- 1379هـ
حيث أجابه سماحة المفتي برقم 730 وتاريخ 2-4-1379هـ. زافا البشرى ببداية افتتاح المدارس النظامية قريبا.. فكانت المجمعة من أولى البلدان التي ابتدأت بها تلك المدارس، وذلك بافتتاح المدرسة الأولى للبنات. عام 1381 هـ. ومنها انتشر في كل مدينة وقرية. لمختلف المراحل.. حتى افتتحت كليات البنات في هذه المحافظة، والمحافظات المجاورة. مما يبشر بافتتاح جامعة للبنات في هذه المنطقة مستقبلا في ظل هذه القيادة الراشدة.
لقد كان صدور الأمر السامي الكريم بإنشاء جامعة المجمعة. لتنتظم الكليات العديدة في هذه المدينة، والكليات المنتشرة في مدن ومحافظات المنطقة. تتويجا لتاريخها العلمي العريق، وخدمة لهذه المنطقة المترامية الأطراف، والتي تمتد من حفر الباطن، وحتى الرياض، ومن منطقة القصيم، حتى عاصمتنا المحبوبة.. وامتدادا لرعاية قادة هذه البلاد للعلم والتعليم. منذ عهد الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه. وحتى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. منشئ هذه الجامعة. حفظه الله..
فهنيئا لأبناء هذه المنطقة بهذه الجامعة التي ستكون بإذن الله قلعة من قلاع العلم والمعرفة في هذه البلاد المباركة.. وأدام الله علينا نعمة الأمن والتقدم والازدهار. في ظل دولتنا السنية. أعزها الله. ورعاية أمير منطقتنا المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز. مثمنين الجهود التي يبذلها سمو محافظ المجمعة الأمير عبد الرحمن بن عبد الله بن فيصل آل سعود.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
حمود بن عبدالعزيز بن ناصر المزيني - مدينة المجمعة