Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/10/2009 G Issue 13534
الأحد 29 شوال 1430   العدد  13534
كيف يهنأ العيش بعد دليِّل الهويش؟!!

 

كيف بأسرة أن تعيش بدون امرأة عاش أفراد أسرتها تحت مظلتها ومتابعتها قرابة قرن من الزمن.. دليِّل بنت عبد الله بن إبراهيم الهويش عاشت بين عمة وخالة لأكثر من ثلاثمائة أو يزيدون من قرابتها وكأنها أمٌ لهم. العجيب أن الجميع يشمِّرون بالبر والاحترام والرحمة والإجلال والتقدير لها. لن تكون كتابتي عن موتها، فالموت مصير كل حي، لكن سأشير إلى أهم صفاتها وأعمالها علَّنا أن نستفيد منها فنقتدي بها:

1- ولدت العمَّة دليِّل في شقراء وتزوجت بداية حياتها ثم انفصلت عن زوجها برغبته ولم تنجب أولاداً.

2 - كُفَّ بصرها وهي شابة في مقتبل عمرها.

3 - توفي والدها وكان من تجار أهالي شقراء فبقيت في كنف أخيها الشيخ إبراهيم العبد الله الهويش المعروف بعلمه وصلاحه والذي تولى القضاء أكثر من أربعين سنة في أكثر من بلد منها المويه وقرية ومرات، وكانت ترافقه تارة، وتارة تبقى في منزله في شقراء.

4 - توفيت زوجة الجد إبراهيم فعُنيت بأولاد العم الشيخ عبد العزيز البراهيم الهويش نائب رئيس ديوان المظالم سابقاً، ووالدي الشيخ الدكتور محمد بن إبراهيم الهويش رئيس تمييز بمحكمة التمييز وأختهم هيلة، فوجدت منهم تعويضاً عن البنوة ووجدوا فيها حنان الأمومة.

5 - حفظت القرآن الكريم كاملاً وتعلمت قدراً جيداً من العلم الشرعي، وأصبحت تقضي معظم وقتها في تلاوة القرآن ومراجعته، وتعليم أهل البيت القرآن حتى إنها -رحمها الله- كانت تختم في كل رمضان خمس عشرة ختمة، وتقرأ في كل يوم خمسة عشر جزءاً، إضافة إلى استمرارها في قراءة القرآن طيلة أيام السنة.

6 - كانت تمارس أدواراً وظيفية داخل البيت رقم كفاف بصرها مثل خضّ اللبن وحلب الغنم، وخياطة الثياب.

7- كانت تحرص على متابعة ما يحدث في البيت وتقوم بأدوار توجيهية، وكانت صاحبة رأي وحزم متميزة بذكاء متقد، وحسن سؤال قلَّ أن تجده في النساء.

8 - ذكرت لي قبل أن يُعييها التعب ويشتد بها الهرم أن قيام الليل لم يفتها منذ أكثر من ستين سنة، وأنها أحياناً إذا كانت مرهقة أو مجهدة أو متأخرة في النوم جاء من يوقظها ويناديها باسمها.

9 - كان لها منزل باسمها يُكرى، أهداه لها ابن أختها عبد الله بن ناصر الهويش -رحمه الله- فقد كانت شقيقته لأمه -رحمها الله- مقرّبة منها ومنه.

10- كانت تكثر من الصدقات والهدايا والعطايا، وكانت تحرص على الصوم فلا تفوتها الأيام البيض ولا الخميس والاثنين ولا مواسم الخيرات.

11 - كانت صاحبة دعابة محبة للأطفال مدخلة السرور على أهل البيت كثيرة الدعاء لهم بالصلاح والتوفيق.

12 - كانت الأعداد الكبيرة من أفراد الأسرة يشعرون بواجب نحوها حتى من لم يكن من محارمها فبعد صلاة الجمعة من كل أسبوع تستقبل الزائرين إضافة إلى سائر أيام الأسبوع.. كل يأتي من أجل صلتها والاطمئنان على حالها.

13 - تميزت بحافظة عجيبة فتعرف الأحداث والأعمار والأنساب والأرحام حتى أطلق عليها بعضهم (كمبيوتر الأسرة)، من كثرة ما تختزله من معلومات.

14 - تحدث عنها الشيخ محمد بن عثمان القاضي في كتابه (روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين) في الجزء الأول ص 299 وذكر أنها من حملة القرآن، وعندها مبادئ في علوم الشرع ومن العابدات القانتات.

15 - عمَّرت -رحمها الله- طويلاً فعاشت قرابة قرن من الزمان حتى وافتها المنية في يوم الجمعة 6- 5-1430هـ، وكانت موتتها سوية في منزل ابن أخيها الشيخ عبد الله البراهيم الهويش.

ذلك اليوم الذي ذكر العلماء أن الموت فيه من علامات حسن الخاتمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليتلها إلا وقاه الله فتنة القبر).. رواه أحمد وصححه الألباني.

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع

أسأل الله أن ينزل عليها شآبيب الرحمة، وأن يسكنها فسيح جناته، وأن يلهم أهلها وقرابتها الصبر والسلوان.

يوسف بن محمد بن إبراهيم الهويش


matheon99@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد