Al Jazirah NewsPaper Sunday  25/10/2009 G Issue 13541
الأحد 06 ذو القعدة 1430   العدد  13541
لما هو آتٍ
(خير البرية)...
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

انَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (7 - 8) سورة البينة

والصغير يسأل عن خير البرية وكيف يغدو واحداً منهم بعد أن كان يصغي إلى تلاوة خاشعة للقارئ عبدالباسط عبدالصمد رحمه الله مع أمه قبل صلاة الجمعة..؟

سألته أمه: وأنت تقرأ هذه السورة في المدرسة ماذا أخبرك معلمك عن خير البرية؟ قال: أخبرنا بأنهم المؤمنون, لكنه لم يوضح لي كيف أرضى عن ربي, أما كيف يرضى عني ربي فقد قال لنا عندما يفوزنا بالجنة.. لكنني لا أدري كيف..؟.. حدثته أمه فقالت له الكثير عن السورة, ومدلولات آياتها، والفرق بين أهل الكتاب قبل الإسلام، وبعد أن جاء رسول الله فأبان للعباد رسالة السماء الخاتمة للأديان، فمن صدقه وآمن، وصدقه فعبد, وصدقه فتزكى, وصدقه فصلى، يكون قد أرضى الله تعالى، وعندما يحقق ذلك الرضاء الإلهي فإن الله يبسط له الخيرات، ويعمه بالتوفيق والمسرات، ويجيب له الدعوات، ويقربه منه بالرحمات, فتطمئن نفسه، وترضى عن ربه العظيم الذي يكافئه بالوعد الصادق, وهو جنات الفردوس التي كلما استجاب, وأطاع وامتثل لربه، نزل منها الأعلى مكاناً, والأطيب جناناً، على أن تلك الأم لم تنس أن تشرح لصغيرها بلغة يفهمها، ما يعتري البشر من نقص, وعيب, وأخطاء وزلات, تلك التي كلما كبر الإيمان في الصدور, عاد بهم للتوبة منها، واللجوء عند أي حاجة لربهم العفو، فيغفر ويتوب, لأنه تعالى يعلم في خلقه الضعف والقصور, وقد وعد بالمغفرة للتائبين المستغفرين وهو تعالى خير من ينجز وعده,.. غير أن الله لا يرضى بالكفر، ويعاقب على الكبائر, ويغضب عند الاجتراء على الحقوق, والتقصير في الأركان، والواجبات, ولا يطفئ غضب الرب, إلا التوبة والاستغفار والحرص على ألا يبيت المخطئ إلا وقد آب إلى ربه، خائفاً راجياً، سائلاً الصفح، والعفو من لدن رب كريم...

*** كانت تلك الأم وهي تحدث صغيرها تربط له المواقف بأقربها إليه، وتمثل له بحبها, وخوفها, وغضبها, ورحمتها, وصفحها، وعقابها, ثم تفرق بينها في مقام الأمَة العبدة لربها, وبين عظمته تعالى التي له فيها المثل الأعلى..

لم ينهض الصغير من مجلس أمه إلا بعد أن عزم وعاهد أن يكون من خير البرية.. راضياً لربه، مَرضياً عنده، ليمنحه منزلة الراضين عن ربهم..

*** تُرى ألا يمكن أن تتحول حصص تدريس القرآن إلى تنشئة تربوية لهذه الخيرية في النفوس، والصدور الغضة، ليكون الجيل في نشأته سليم العقيدة, راسخ المعتقد, قائماً على قواعد سلوكية صائبة، لا تتزعزع معها أفكاره, ولا تنثني بوجودها عزيمته عندما يكبر..؟ إنه الزمن الذي يحتاج فيه ناشئة المسلمين إلى أن يصبحوا مسلمين حقاً قولاً وفعلاً, فكراً ومعتقداً وسلوكاً..

وهي الأمانة للرسالة التي يتوارثها المربون ورثة الأنبياء، معلمين كانوا أو والدين..

** تحية لهذه الأم وهي على هذا الوعي والإدراك.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد