في الحقيقة أن بعض الرجالات في الأمة لهم حضور وقبول في المجتمع على اختلاف شرائحه، وهذا الحضور وهذا القبول لم يأت من فراغ؛ لأنهم يترجمون ما في صدور الناس من خيرية، وهؤلاء هم قلة، وهم بمثابة النجوم يهتدى بهم على مر الأيام والسنين، وهؤلاء القلة من الرجال يعملون بدأب واستمرار، ويواصلون كلل الليل بالنهار، ولا يعرفون الخلود إلى الراحة إلا في خلسة من الزمن، فهم في شغل شاغل لأنهم أمناء ويقدرون ثقل المسؤولية التي حملوها مصداقا لقول الله سبحانه وتعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}. فهم مبدعون في أي مكان يوضعون فيه، وهم أكفاء لذلك، بل هم سفينة نجاة للأمة.
وما معالي الشيخ صالح آل الشيخ إلا كواسطة العقد من بين هؤلاء القلة، فمعاليه رجل دولة وعالم متحدث نهل من صافي النبع الذي شربت منه أسرته، حكيم في أمره يشهد له بذلك العلماء والحكماء والعقلاء والساسة، فحاز على ثناء واعجاب وثقة ولاة أمورنا المتجددة - أدام الله عزهم - ولو جئته وقابلته وحاورته لوجدته العالم والوالد والوزير، وخير مستقبل لك مرحبا ومكرما، وتجده مالوفا لديك وكأنك عشت معه الدهر.
يهتم بالجميع ويجل العلماء وطلبة العلم وينزلهم منازلهم ويقضي حاجاتهم بلهفة وبنفس راضية زكية، ومن شدة اهتمامه وحرصه بحوائجهم لاتدري الحاجة من تكون لأيهم؟ فهم مقصد للجميع عامة وللعلماء وطلبة العلم خاصة يتتبع أخبارهم ويقضي جل وقته معهم بكل أريحية تامة، والزيارات متبادلة بينهم، ويهتم بأطروحاتهم فهو منصت لأحاديثهم بكل مشاعره وأحاسيسه، وجليسهم لايشعر بالكلفة بينهم، فما أجمل وما أروع حديثه عنهم!
كما ويقدر لأصحاب الخطأ من العامة والخاصة خطأهم كلما ابتعدت مسافات مدنهم وقراهم، وتزول الحواجز بينه وبين أصحاب الحقوق لترديده حديث الرسول صلى الله عليه وسلم-: (إن لصاحب الحق مقالاً). ومع كل الالتزمات والارتباطات والهموم التي يحملها بين جنبيه، إلا أنه قريب من ولاة أمورنا يحرص على حضور مجالسهم واجتماعاتهم ويأخذ برأيهم وتوجيهاتهم عن قرب، وهذا ما نلمسه من حديثه عنهم، كما ويكثر من الحث والإلحاح على طلبة العلم في لقاءاته ومحاضراته وندواته بهم على أن يكونوا ملتفين حول القيادة الرشيدة على الدوام، ويبني حديثه على القواعد الشرعية، بأسلوب حكيم وطرح رائع تجد فيها لباقة العالم وحكمة العاقل.
فهنيئاً لقيادتنا الحكيمة ولأمتنا العظيمة بأمثال معاليه، فهو نبراس يضيء لنا طرق الحق ما تعاقب الجديدان.
نعم، أخي القارئ: كم نحن سعداء ونعتز وبكل فخر بهذا العالم الجليل الذي هو امتداد لسماحة الوالد العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله.