Al Jazirah NewsPaper Thursday  14/01/2010 G Issue 13622
الخميس 28 محرم 1431   العدد  13622
 
ابتسامات سعودية
علي الخزيم

 

نعم، أثبتت الرسائل الهاتفية النصية التي يتم تبادلها بين شرائح متنوعة من المجتمع أن المواطن السعودي لا يقل عن غيره في حب الدعابة، يغسل بها هموم أيام الكد والعمل، بل أستطيع القول إن السعودي لديه ملكة خفة الدم ودماثة الخلق مع تفاوت في المستويات وطرق الأداء، لكن في المشهد العام يمكن تصنيف المجتمع بأنه طيب مرح ويدرك أهمية الترويح عن النفس، وكثير من الشعوب العربية والإسلامية تعي هذه الأهمية بل وتبدع في هذا الشأن؛ لعلمها أن هذا لا يتعارض مع التمسك بآداب الشرع القويم وتعاليم السنة المحمدية، لذلك فإني أجد الرسائل ستكون أبلغ في إثارة السرور وإظهار الابتسامة، إذا ما خلت وابتعدت عن عناصر تشوبها أحياناً لدى بعض الفئات، وقد يكون عنصر (إعادة الإرسال) بدون متاعب التعديل له دور مؤثر في هذا الجانب، وفي كل مرة نستسهل المسألة نكون قد أوقعنا الرسالة في دائرة الشوائب، والمذاق غير المرغوب، ويمكن تنقية كثير من هذه المنغصات لو تجنبنا جملة من العبارات والجمل، فلنجرب معاً هنا بعض الأمثلة:

- فكلمة (محشش) ترد في كثير من رسائل الشباب حتى ظن بعض الفتيان أن تعاطي الحشيش أمر طبيعي، وانه مجرد عيب اجتماعي كالدخان والسجائر مثلاً، ومثلها كلمة (سكران) وكأن المخمور إنسان ظريف مثل سابقه ممن يتعاطون الممنوعات المحرمات، وفي هذا تحبيب للصغار في التعرف على المادتين أو تجربتهما، وهناك أسلوب التندر على فئات مناطقية أو شرائح اجتماعية ووصمهم بالغفلة والغباء وكأن البقية معصومون من الزلات والخطأ، وان الذكاء وقف عليهم دون الغير، وثمة ألفاظ خارجة عن دائرة الذوق العام وعن التراحم والتودد الأُسري، ومن ذلك ما يردد من نكات على المسنات والعجائز وهن من أفنين أعمارهن في رعايتنا والتحنان علينا، فلهن منا كل الوفاء وليس الجفاء والود وليس اللد، كما أن من المهم تنقيح مزاحنا من عبارات خادشة للحياء، وجمل تحمل إيحاءات جنسية ساقطة وشاذة يتلقفها الصبية والمراهقون من الجنسين، ويخشى أن يأتي زمن قريب نجدهم قد اعتادوا ترديدها دون أن تدرك ذائقتهم آنذاك أنها من عيب الكلام ولا تباح حتى في المزاح، فإذا ما تعاهدنا أنفسنا وبدأنا بتجربة كهذه سنصعد أنفسنا إلى مستوى أسمى وذوق أعذب في صناعة الطرفة المهذبة ونصبح في الصفوف الأولى بين الشعوب في صناعة المرح الراقي.. لن أستمر في سرد الأمثلة، لكني أجدها فرصة للدعوة بأن تشيع بيننا المحبة كما شاعت الطرفة، وان تزرع في جوانحنا بذور الحب كما أزهرت الابتسامة، وان تضيء أفئدتنا بالمودة وخفض الجناح كما أضاءت وجوهنا بوميض تلك الدعابات، لماذا تجد وتشاهد كل فرد منا مبتسماً وهو يتعامل مع هاتفه الجوال منفرداً وحينما يغلقه ويقبل علينا بوجهه في مجلس ونحوه تشتغل النوايا المعكوسة والظنون السوداوية ويسرع اللسان إلى رديء الكلام قبل جيده؟! في المجالس متجهمون نتسقط الزلات، في المكاتب نتبادل المشاحنات، في الطرقات عراك بالسيارات ومخالفات وألفاظ قبيحة وإشارات بالأيدي مقززة؛ أين ذهبت روح الدعابة وفن الإضحاك وخفة الظل؟! كل منا يستطيع أن يطور ذاته، ابدأ التجربة الآن، لن تخسر، بل المؤكد أنك الكاسب الأكبر.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد