Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/01/2010 G Issue 13625
الأحد 02 صفر 1431   العدد  13625
 
التربية الوطنية كمتطلب إجباري في جامعاتنا السعودية
خالد ضيف الله مظهور الشراري

 

تحيا الأمم بأوطانها الماجدة مثلما تحيا الأوطان بأبنائها البررة الذين يصنعون تاريخها بوطنيتهم الصادقة، وعزيمة الإيمان بالوطن الذين ينتمون إلى كل شيء فيه, وينسجون حاضرهم ومستقبلهم معه ومن خلاله، حتى يصبح الوطن والإنسان شيئاً واحداً لا تنفصم لهما عرى، ولا تنهدم لهما وحدة، ولا يندثر لهما تاريخ مشترك.

ولكن الوطنية تتعدى كونها شعاراً نرفعه في وجه بعضنا البعض كلما استبد بنا الغضب وأخذتنا الحمية في المواقف المختلفة، ولا هي خطاب سياسي أو شعري أو أدبي نلحن به في سوق المزايدات السلبية التي لا تعكس سوى انفعالاتنا اللحظية أو النفعية حتى إذا ما انتهت المناسبة نسينا كل شيء وتركنا وطننا ووطنيتنا خلف أظهرنا، ودخلنا في لعبة الاشتباك اليومي مع مفردات الحياة الصغيرة، وهكذا دواليك، نستحضر وطنيتنا كلما أردنا توظيفها لأغراضنا الخاصة ومناسباتنا الضيقة.

لم تكن الوطنية الحقة يوماً إلا ثقافة وتربية راسخة وعميقة في الوجدان الفردي والجمعي للإنسان، منعكسة في السلوك والأفعال والخطاب الذي نقدمه لأنفسنا وللآخرين وتربية الأمم على ثقافة الوطنية اعتماداً على استنهاض قيمة وفضيلة المواطنة الحقة، هي من أصعب المهمات، لأنها ترتبط بوظيفة إستراتيجية تنهض بها الدولة ومؤسساتها المختلفة لبث التربة الصالحة القادرة على إنبات جيل من المواطنين يعون وطنيتهم بثقافتها وأصالتها وعراقتها مثلما يعون مواطنتهم بحقوقها وواجباتها.

نقول كل هذا الحديث المتقدم لنجعله فرصة أو مناسبة لطرح قضية غاية في الأهمية والخطورة، وهي قضية قد نكون تجاهلناها أو تناسيناها في نظامنا التربوي والتعليمي على مستوى المدرسة والكلية والجامعة، وغابت قصداً أو من غير قصد عن تفكير التربويين والأكاديميين، وعن الذين يرسمون الإستراتيجية التعليمية بامتدادها التربوي الأصيل.

هذه القضية تخص ضرورة طرح (التربية الوطنية) كمادة دراسية وكمتطلب إجباري في جميع تخصصات كليات وأقسام جامعاتنا السعودية، ويمكن في هذا الخصوص أن تبادر الجهات التعليمية المختصة إلى تشكيل فريق وطني متميز تكون مهمته وضع الخطوط العامة والفلسفة الخاصة بهذه المادة، والتي قد تكون في صورة قضايا في التربية الوطنية، تتناول موضوعات تخص تاريخ المملكة العربية السعودية الحديثة والمعاصرة وأنظمتها فضلاً عن تاريخ شبة الجزيرة العربية وأيضاً قضايا تخص الشباب السعودي، والدولة المواطنة، والهوية بين الوطنية والعولمة، والدور الديني الذي تلعبه المملكة العربية السعودية، فضلاً عن السياسة السعودية الخارجية الحكيمة، وقضايا تتعلق بمفهوم الأمن، وثقافة التغريب، والمواطنة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والأسرة والمجتمع والفرد، وغيرها من القضايا والمحاور التي نقترح أن يتضمنها المساق الذي نؤكد على ضرورة الإسراع في اعتماده كمادة متطلب جامعي إجباري لجميع الطلبة من كافة التخصصات.

إننا إذا نطلق هذا النداء أمام الجميع لنأمل من كل المهتمين في هذا الموضوع أن يبادروا إلى مطالبة الأكاديميين والقائمين على شئون التعليم العالي لإخراج هذه المادة إلى النور في أسرع وقت ممكن وشخصياً أحلم أن لا يأتي العام الدراسي الجامعي القادم 1431 - 1432هـ إلا وقد أبصر هذا المساق النور، وأصبح إخواننا وأخواتنا الطلبة يدرسونه في جامعاتهم وكلياتهم، تعزيزاً لمواطنتنا وترجمة لوطنيتنا، وإخلاصاً ووفاءً لوطننا السعودي الحبيب.



Kh_alsharari@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد