«أما الرجل الذي أجرى الله على يديه لطفه بي، واستنقذني بمروءته من العمى، وحاطني حتى عدت بصيراً، فإني لا أملك له جزاء على الإقرار بفضله، إلا الدعاء له كلما أصبحت وأمسيت. صديق لا تنام صداقته عن أصحابه، ورجل لا تغفل مروءته عن غير أصحابه، ثم هو بعد غني عن اللقب بمكارم أخلاقه، وفوق كل لقب بسماحة شيمة: «نايف بن عبدالعزيز آل سعود» لم يزل منذ عرفته قديماً، يزداد جوهره على تقادم الأيام سناً وسناءً.
صرحت بذكر اسمه مطيعا لما يرضيني، عاصيا لما يرضيه».
التوقيع: محمود محمد شاكر. الأحد 25 من ذي القعدة سنة 1397هـ، 6 من نوفمبر سنة 1977م. القاهرة: مصر الجديدة. أهـ.
ثلاث وثلاثون سنة وشهران مضت على كتابة تلك الكلمات الجميلة، كاتبها أفضى إلى ربه عز وجل مرحوماً برحمته تعالى بإذنه.. كاتبها علم من أعلام العربية، قضى حياته منافحاً ومدافعاً عن لغة القرآن الكريم بكل ما أوتي من حجة وبيان حتى قيل فيه «حارس العربية» في هذا العصر.
وقف مع أخيه العلامة أحمد شاكر ضد طوفان التغريب..
قال كلمة الحق يوم تخاذل عن القول بها الكثيرون....
أما من قيلت فيه تلك الكلمات الجميلة فهو في عصرنا علم من أعلام آل سعود، ركن قوي من أركان هذه الدولة المباركة، لا يزال على قيد الحياة -أطال الله في عمره على طاعته-.
وهو كما قال عنه الكاتب -رحمه الله-: (غني عن اللقب بمكارم أخلاقه وفوق كل لقب بسماحة شيمة).
إنه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. إنه كما يحلو للبعض أن يطلق عليه «مهندس الأمن» في هذه البلاد بإذن الله وهو اسم على مسمى.. أكسبته الأيام والمناصب التي تولاها خبرة وأي خبرة.
رجل مهيب، يسهر لراحة بلده ومواطنه، تراه في الميدان مع حماة الوطن يتفقد ويشجع ويكافئ.
تراه في الجامعات والكليات يرعى ويخرج ويبارك ويساهم بجهده وماله، ويضحّي بوقته الثمين.
أما في المجالات الخيرية والإغاثية، فحدث ولا حرج، وأجره على الله تعالى.
وضع ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة ثقتهم فيه منذ وقت مبكر؛ أميراً للرياض، ووزير دولة للشؤون الداخلية، ثم وزيراً للداخلية، فنائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء، وزيراً للداخلية.
وتلك المهام والمسؤوليات مما ينوء بحمله أولو القوة، ولكنه -وفقه الله- وبتوفيق من الله تعالى استطاع أن يبرهن أنه رجل دولة ورجل أمن من الطراز الأول. بدأ -حفظه الله- بتحمل مسؤولياته وهو في ريعان شبابه، أدار الشؤون الداخلية لدولة مترامية الأطراف، متباينة المناطق، مختلفة التضاريس.
وأنت خبير -عزيزي القارئ- أن الأمن بمفهومه الشامل يتبع وزير الداخلية.. إذاً فنايف بن عبدالعزيز متعدد المسؤوليات: حرس الحدود... الشرطة... دوريات الأمن... المرور... الدفاع المدني... السجون... وهلم جرا..
ومع هذا كله: هل وقف سموه الكريم في تحمل مسؤولياته عند حدود دولته؟؟ يأتيك الجواب سريعاً: لا..لا؛ فالجميع يعلم أن سموه الكريم هو الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب كل ذلك ثقة من هؤلاء في سموه الكريم. وهل وقف نايف بن عبدالعزيز عند حدود مسؤولياته الرسمية؟؟
لا..لا، إنه رجل مثقف وواعٍ من الدرجة الأولى..
تستمع إليه وهو يُلقي كلمته في مناسبة من المناسبات فيبهرك بأسلوبه وجمال منطقه ورصين عباراته..
يرتجل الكلمة ارتجالاً، فكأنه -تبارك الله- يقرأ مكتوباً بين يديه.. له علاقات وصداقات مع كبار الأدباء والمثقفين، لم تشغله مهامه ومسؤولياته الرسمية عن الاطلاع والثقافة في النافع والمفيد..وما تلك الكلمات التي سطرها قلم العلامة محمود شاكر -رحمه الله- قبل أكثر من ثلاثين عاماً إلا دليل واضح على ذلك..
وأخيراً.. تلك كلمات جاشت في صدري وأنا أقرأ ما كتبه العلامة محمود شاكر في حق سموه الكريم من كلمات قد لا يعلم عنها الكثير بين طيات الأوراق، أبت -بحول الله تعالى- إلا أن تأخذ طريقها في سطور أخذ بعضها بركاب بعض في صحيفة سيارة يقرؤها الملايين من القراء على ظهر هذه البسيطة.
أمين مكتبة المعهد العلمي في محافظة الرس
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية