Al Jazirah NewsPaper Saturday  30/01/2010 G Issue 13638
السبت 15 صفر 1431   العدد  13638
 

واجب المجتمع نحو أبنائنا العسكريين
د. فهد بن سعد الماجد

 

لا يخفى على أحد ما شهده الحد الجنوبي للمملكة في الفترة الماضية من تسللات يائسة بائسة تنم عن تخبطات أصحابها إذ أساءوا وتعدوا على حاضنة الحرمين وقبلة المسلمين.

ولقد أنعم الله عز وجل ومكَّن لهذه البلاد المملكة العربية السعودية بدحر اعتداء المعتدين وإعادتهم إلى من حيث أتوا أذلة صاغرين وما ذاك إلا لأن الحق أبلج والباطل لجلج {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}, وإنها ولله نعمة توجب الشكر على أهل هذه البلاد التي ما فتئ المتربصون -لا أنجح الله لهم مكراً- يريدون النيل منها والإضرار بها عبر محاولات متعددة وبطرق مختلفة.

هم يقيد بعضهم بعضاً به

وقيود هذا العالم الأوهام

وكما أن من واجب الجندي الحفاظ على الحدود والدفاع عن الوطن وبذل النفس في سبيل ذلك فإن من واجب العلماء والمثقفين الكتاب أن يرصدوا بثاقب نظرهم وعمق تفكيرهم وطول تأملهم تلك المحاولات الماكرة التي تريد أن تنال من هذا الوطن العزيز بتراثه وترابه ومقدساته ورموزه وقياداته ثم يقومون بكشفها والرد عليها وإن واجباً آخر يتأكد علينا هو أن نقدر للجنود تضحيتهم وبسالتهم وإن كان ذلك ليس مستغرباً عليهم فهم إنما يؤدون فريضة شرعية قبل أن تكون خدمة نظامية.

لو كان في الألف منا واحد فدعوا

من فارس خالهم إياه يعنونا

ولا شك أن أبناءنا العسكريين يدركون أنه كلما غلت قيمة الأشياء تضاعفت قيمة الفداء وهم في مرابطتهم تلك إنما يدافعون عن دين وعرض ووطن ومن قتل دون نفسه أو عرضه أو ماله فهو شهيد كما جاء ذلك عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم إن وطنهم هذا ليس ككل الأوطان إنه أغلاها على الإطلاق فعلى ترابه تنزل الوحي ومن أرضه انطلقت دعوة خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم، ثم هو يحضن في رباه البيت العتيق الذي جعله الله مهوى الأفئدة تفد عليه وتحن إليه ولا يزال عامراً بالزوار والعمار والحجاج وفيه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال.

إن المساس بأمن بلاد الحرمين الشريفين ولو على أطرافها هو مساس بأمن الحرمين نفسه، ولذلك كان شعور أبطالنا الجنود شعوراً مضاعفاً ومسؤوليتهم مسؤولية مضاعفة إذ تنامى في شعورهم وتبطن في وعيهم أنهم يحمون البيت الحرام والمسجد النبوي ألا فرعى الله تلك النفوس الزكية ثبت الله قائمهم وشفى مريضهم وتقبل شهيدهم، وإن من واجبنا نحو إخواننا الذين قضوا في ميدان المعركة أن نترحم عليهم كثيراً وأن ندعوَ لهم في صلاتنا طويلاً.. أن نحس ونستشعر أنهم قضوا في سبيل الدفاع عن هذا الدين الذي هو دين الوسطية والاعتدال، وعن هذا البلد الذي هو بلد الله الحرام. وإن من واجبهم علينا أن نخلفهم في أهليهم نرعى شؤونهم ونتواصى بهم ونقضي حوائجهم وفي الحديث الصحيح: (من جهز غازياً في سبيل الله فله مثل أجره ومن خلف غازياً في أهله بخير وأنفق على أهله فله مثل أجره).

ولا شك أن قيادتنا الراشدة الحكيمة التي تحملت الأمانة وقامت بالمسؤولية تقوم بذلك- ولله الحمد- إلا أن المشاركة من كافة الشعب مطلوبة برجاله ونسائه خاصة رجال أعماله ورجال فكره وعلمه فالكل مسؤول ونقطة البداية في تحمل المسؤولية الشعور بها.

أسأل الله عز وجل لمملكتنا العز والتمكين والنصر والتأييد ولولاة أمرنا القوة والإعانة والتسديد والتوفيق وأن يحفظنا جميعاً في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني والحمد لله رب العالمين.

* الأمين العام لهيئة كبار العلماء


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد