Al Jazirah NewsPaper Saturday  30/01/2010 G Issue 13638
السبت 15 صفر 1431   العدد  13638
 
الإصلاح المالي.. الجدل ما يزال مشتعلاً!
هل يقفز المصرفيون حواجز الإقناع في دافوس؟

 

الجزيرة - عبدالله البراك

دافوس المنتدى الذي تأسس بمبادرة فردية بات اليوم في خضم الأزمة العالمية أحد ميادين إنتاج الحلول للمعضلة المصرفية التي يشهدها العالم في مجمل القطاع المالي وقد بدأ المصرفيون وصانعو القرار السياسي النقاش والجدل حول مسألة التشدد في ضوابط العمل المصرفي ما يعتبره البعض إعاقة للنمو بينما يراه آخرون تصحيحاً لابد منه، ويأتي الجدل المتجدد تزامناً مع الخطاب المتشدد من قبل الرئيس الأمريكي أوباما تجاه المصارف الأمريكية والتي استمرت بالتهاوي والسقوط خلال العام 2009 فيما لا يزال الحديث حول الإصلاح المالي سيد الموقف في الساحة المصرفية العالمية. والسؤال الذي يطرحه المتابعون للجدل الدائر في الأوساط المالية يتركز حول السؤال: هل هذا الإصلاح هو للنظام البنكي واحتواء البنوك الاستثمارية التي تحولت إلى تجارية تحت مظلة البنك الفيدرالي أم أنه يمتد إلى نقاط أخرى؟ وتتوقع المحللة الاقتصادية ريم أسعد أن هذه الفترة ستتميز بضوابط أكثر تشدداً يقابلها تحديات واسعة في الهندسة المالية ومحاسبة قوية من دافعي الضرائب ورقابة قوية من المركزي الأمريكي وهيئة الأوراق المالية الأمريكية.

من جانبه قال الكاتب الاقتصادي محمد السويد: إن الاتحاد الأوروبي يعتقد بشكل أو بآخر أن البنك الفدرالي الأمريكي يحابي البنوك وشركات المال الأمريكية بخصوص القوانين الرقابية والتي تعتبر أكثر صرامة في الاتحاد الأوروبي وأقل منها في أسواق المال الأمريكية. ويرى السويد أن أبرز ملامح المطالب الأوربية ومجموعة العشرين تتركز في تشديد الرقابة على المؤسسات المالية وإنشاء قوانين تحد من حدوث فقاعات في السوق لا يمكن التحكم بها، فكما هو ملاحظ أن اختلاف مستويات الرقابة والقوانين المصرفية بشكل عام بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يجعل الولايات المتحدة عرضة لتشكل فقاعات اقتصادية بشكل متكرر يختلف عن دورات الأسواق الأوروبية التي تحكمها قوانين تؤثر بشكل واضح في دورات اقتصادياتها، ففي السابق لم يكن هذا الأمر بذات أهمية لأن تأثير الفقاعات في الاقتصاد الأمريكي السابقة لم تكن بذلك الأثر الواضح على اقتصاديات المنطقة ولكنه مؤخراً أدى إلى إفلاس بلد أوروبي، بينما رأت المحللة الاقتصادية ريم أسعد أن أبرز مطالب الإصلاح التي تبناها الاتحاد الأوربي ومجموعة العشرين هي قيام المركزي الأوربي بزيادة الضوابط والمتطلبات على «الضمانات» المقدمة مقابل القروض في محاولة منه لإعادة الأمور لنطاقها وبنظام أكثر صرامة. وفي هذا النطاق سيتعين على البنك اشتراط تقييمين ائتمانيين على الأقل من شركات التقييم المعتمدة الداخلية والخارجية وذلك لجميع المنتجات الإقراضية المبنية على أصول Asset-backed securities وتتابع ريم أسعد حديثها عن أبرز ملامح الإصلاح حيث قالت: إنه وبحسب التقارير الصادرة عن قمة مجموعة العشرين في مايو من العام الماضي إنه من المتعين القيام بإجراءات إصلاحية يبلغ إجمالها حوالي الترليون دولار تشمل حوالي 750 بليون دولار موجهة إلى صندوق النقد الدولي لمساعدة الدول الأضعف والأكثر تضرراً من الأزمة، كذلك يخصص مبلغ 250 بليون لمكافحة التقلص الاقتصادي وزيادة انفتاح الأسواق والتجارة العالمية، مضيفة إلى أن التعديلات المعلنة شملت زيادة الضوابط التشريعية على المؤسسات المالية ومنها الدول ذات الضرائب المخففة Tax Havens مثل جزر الآيلمان دولة ليكتنستين برغم تخصيص مبلغ 250 بليون صادرة من صندوق النقد لمكافحة الضرر الواقع إلا أن 19 بليون فقط هي التي سيتم منحها للدول الأفقر. أما عن أبرز البنود التي يرفضها الأمريكيون في الورقة الأوربية، قال السويد: إن هذه البنود بشكل أساسي تتضمن وجود تدخل حكومي في البنك الفدرالي وفي السياسة المصرفية للدولار الأمريكي فمع أن الحديث الرسمي للحكومة الأمريكية هو أنهم يدعمون الدولار القوي ولكن البنك الفدرالي يتبع سياسة الدولار الضعيف لمعالجة بعض المشاكل التي يمر بها اقتصاد الولايات المتحدة منذ أكثر من 6 سنوات، وعن الفارق بين النظام المصرفي الأوربي والنظام الأمريكي خاصة وأن غالبية المستثمرين في الأسواق المالية يلاحظون شدة التقارب بين النظامين مع أن الأوربيين يرون أن النظام الأمريكي متساهل والأمريكيون يتهمون النظام الأوربي بالانغلاق وسرية المعلومات المتبعة التي تعيق مجرى العدالة وتساعد في انتشار الجرائم والمخالفات المالية يرى السويد الفرق الأساسي هو أن البنك الفدرالي (المركزي) الأمريكي يملكه القطاع الخاص بخلاف البنك المركزي الأوروبي الذي تملكه حكومات دول الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي يجعلنا نلاحظ وجود مرونة أكبر في القطاع المصرفي الأمريكي مقارنة بمثيله في الاتحاد الأوروبي. ويرى السويد أن كلا السياستين لهما إيجابياتهما وسلبياتهما ولكن الحرية الكبيرة في القطاع المالي الأمريكية تجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين خاصة ممن يبحث عن العوائد العالية على استثماراتهم بسبب تشكل الفقاعات بين الحينة والأخرى. أما بالنسبة النظام الأوروبي فهو يطيل دورة الأسواق ويجعلها أكثر استقراراً على المدى المتوسط مما يجعلها أقل جاذبية للمستثمرين بشكل عام. وعن الرقابة والتشدد بها نجد هناك رأياً رافضاً لإصلاح النظام المالي بحجة أن هذه الإصلاحات ستحد من حرية التجارة، وفي الولايات المتحدة ترتفع الأصوات بأن ذلك سيحد من سيطرة الولايات المتحدة التجارية يقول السويد: إن هذا صحيح ولكنه لا يعني أن الأسواق الأمريكية تحتاج للإصلاح فمجرد تشكل الفقاعة يعني أن هناك نوعاً من الفساد قد استشرى في النظام المالي ويحتاج إلى القضاء عليه، فالمميز في النظام المالي الأمريكي مع وجود النظام الديموقراطي فمع كل انهيار في هذه الأسواق تحدث موجة محاسبة وإصلاح ذاتية تساعد على تطوره لاحقاً بشكل أفضل ولكنها تأخذ بعض الوقت، ولكن الآن مع التدخل الحكومي وإنقاذ بعض المؤسسات المالية فهذا حتماً سيؤخر مسيرة الإصلاح في النظام المالي الأمريكي بشكل أكبر من المعتاد وسيسمح للفساد في بعض المؤسسات المالية بالاستمرار. وعن المطالبة بالحد من المضاربات في الأسواق المالية والسيطرة عليها، يخشى السويد أنها ستقدم له نظاماً مالياً ناقصاً ومشوهاً لا ينمو ويتطور بشكل صحي أو مناسب. يذكر أن عالم الاقتصاد نورييل روبيني - وهو الذي تنبأ بالأزمة العالمية - قد دعا إلى التحرك النشط وقال إن ما يقترحه أوباما في اتجاه المنطق ولكنه لا يمضي بعيداً وعلينا أن نفصل ما بين المصارف التجارية ومصارف الاستثمار.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد