Al Jazirah NewsPaper Wednesday  10/02/2010 G Issue 13649
الاربعاء 26 صفر 1431   العدد  13649
 
مدائن
حتى لا تجهض مشاريع الجامعات
د. عبدالعزيز جار الله الجار الله

 

الحديث التلفزيوني للدكتور محمد القنيبط في محطة الحرة الأخير كان يمكن أن يكون مقبولاً لو جاء قبل 1425هـ العام الذي تغيرت فيه خريطة الجامعات إلى وجه أكاديمي ناشط, كنا فيما مضى ونحن على مقاعد الدراسة الجامعية قبل (30) سنة حين كانت مباني وقاعات جامعة الملك سعود تجاويف وهضاباً كليسة وكومات رسوبية على طريق صلبوخ القديم، كانت أرض الجامعة فضاء للنزهة تلوذ إليها العائلات للابتراد تتلقى هواء الريف الغربي القادم من الدرعية وعرقة وصلبوخ.

حينها بدأت الكسارات والرافعات والحفارات تحدث أخاديد في الأرض لإقامة المدينة الجامعة بالدرعية، في تلك الفترة تعرضت إدارة جامعة الملك سعود للنقد والتعنيف والتشكيك في مشاريعها وفي طموحها، وهي بالمناسبة نفس الشركات التي تعمل حالياً... لو تم الاستجابة للنقد لأجهض مشروع المدينة الجامعية، وما حدث قبل (30) سنة يعاد بصورة مماثلة تماماً؛ حيث تتعرض مشاريع جامعة الملك سعود إلى نقد يذكرنا بما تعرضت له المدينة الجامعية التي بقيت، معمارياً، كما هي، وما زال أمامها سنوات طوال بإذن الله.

أود للتذكير فقط، وأنا هنا أنطلق من حرصي وخوفي أن ينهار هذا الطموح وتجهض مشاريع الجامعة، وأذكر الدكتور د.محمد القنيبط، بالعودة إلى الذاكرة البعيدة، وكيف كان الأستاذ الجامعي، وكيف كانت المناصب الأكاديمية والإدارية حكراً على أسماء محددة، وكيف أن الأقسام تدور رئاستها ومجالس الكليات والجامعة في دائرة مغلقة على أسماء بعينها تتحكم في قبول الطلاب وتعيين أعضاء هيئة التدريس وترشيح المناصب الإدارية ويصبح الانضمام إلى عضوية هيئة التدريس في الجامعات في ذلك الزمن من المعجزات ويمر المتقدم عبر (محاكم) وسواتر إجرائية ومتاريس إدارية وعالم غامض يصعب اختراقه، وكيف هي الآن من انفراج ووفرة في الوظائف التعليمية, كما أذكر د.محمد القنيبط كيف كان أبناؤنا يقفون بالطوابير على أبواب وأعتاب عمادات القبول من ساعات الفجر الأولى من أجل تسليم ملفاتهم فقط وليس الحصول على القبول, ويذكر أيضاً د.القنيبط أن تسجيل المواد يحتاج إلى ساعات انتظار طويلة وعراك على الطابور، وأن نحو (200.000) طالب من خريجي الثانوية خارج أسوار الجامعات، والقبول لا يتحقق إلا لنحو (150.000) طالب من أصل (350.000) طالب وطالبة هم خريجو الثانوية العامة، وأن كمبيوتر جامعة الملك سعود لا يقبل إلا مَن معدله (95%) فما فوق، وما دون ذلك أما في البيوت في انتظار القبول أو في وظائف دون طموحهم أو أرقام إضافية في البطالة, كما أذكر د.محمد القنيبط بأن الابتعاث مر بسبات عميق وطويل وصل إلى مرحلة التوقف التام بل إنه توقف منذ أكثر من 25 سنة حتى تم فتح جميع أبوابه؛ ليصل إلى أكبر هجرة علمية شهدتها المملكة لنحو (80) ألف طالب وطالبة. ما يحدث الآن في الجامعات هو من ممتلكات هذا الجيل ومكتسباته؛ لأن الجيل السابق أُعطي الفرص كاملةً، وحصل على الشهادات والمناصب، فمن حق هذا الجيل أن يدافع عن خطط الجامعات التي فتحت له القبول والتخصصات والبعثات، وأتاحت له أن يكون ضمن عضوية هيئة التدريس التي كانت تتحكم فيها دوائر ضيقة في الجامعات في ظل شح وظائف التدريس. ومن حق هذا الجيل أن يدافع عن مشروعاته؛ فهو لا يريد لها أن تنهار أو تجهض... الحراك الذي أحدثه د.خالد العنقري ود.علي العطية في ابتعاث الطلاب وإنشاء جامعات، ومدن جامعية جديدة.. والطموح العلمي والمعماري الذي حققه د.عبدالله العثمان ود.علي الغامدي بجامعة الملك سعود في تعديل التشوهات التي لحقت بجامعاتنا نتيجة التصنيفات العالمية والجائرة التي تصنفنا في مصاف الصومال وجيبوتي، وأيضاً بناء المدينة الجامعية للطالبات والشراكة مع الجامعات العالمية واستقطاب أكاديميين عالميين وإنشاء المراكز العلمية والكراسي البحثية... والنقلة النوعية لجامعة الإمام بافتتاح تخصصات طبية ومستشفى تعليمي والتوسع في التخصصات التطبيقية وإنشاء مدينة جامعية للطالبات، ومثل ذلك العديد في الجامعات الأخرى.. كل هذه المكتسبات لهذا الجيل لا نريد لها أن تجهض؛ فمن حق هذا الجيل أن يأخذ فرصته التعليمية، ويبني مشروعاته وفقاً لتوجهاته الحالية، وتطابقاً مع أطروحات العالم؛ فهذه فرصة تاريخية قد لا تتكرر في ظل التغيرات والتقلبات الاقتصادية؛ فما تحقق من نجاح معماري وأكاديمي يحسب لقيادة هذه البلاد والجيل القيادي الذي كسر الرتابة وقرر أن ينهض مع آخرين بالتعليم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد