Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/02/2010 G Issue 13650
الخميس 27 صفر 1431   العدد  13650
 
(قراءة في تجربة القصيبي - الشاعر الإنسان) في قصائد أعجبتنا

 

غامرني حزن ورعب، وحنين إثر سماع خبر معاناة الشاعر الإنسان الدكتور غازي القصيبي من المرض، وسفره، ولابد أن كثيراً من محبي هذا الإنسان القريب من الناس يشترك معي في التأثر لما تحظى به شخصيته من حضور أثير ومكانة وجدانية عميقة، وقد ضاعف من حزني وشكي ما ضمته (المجلة العربية) من إصدار مؤثر برغم شفافية عنوانه (قصائد أعجبتنا) المأخوذ من عنوان إحدى مجموعاته الشعرية، إلا أن القصائد المختارة تشي بالغياب، وتشعل الحنين، وتعبر عن الرحيل، قلق يتركه لنا هذا الإنسان الدكتور غازي القصيبي وهو يغادرنا من مرفأ إلى مرفأ آخر صادحاً بالشعر البليغ والنثر الإبداعي الأثير فكيف وهو ينحسب بهدوء صامتاً ناشراً معاناة الصمت وحدة التساؤل على آفاقنا؟! وكل أكف الضراعة تهتف له بالصحو والعافية.

قرأت هذا الملف الوفائي المثير (قصائد أعجبتنا من غازي القصيبي) الذي صاغ مقدمته من اعتدنا فيه الوفاء لكل أحبة الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة الذي آثر أن يختصر كلماته عن صديق العمر والوجدان الدكتور غازي القصيبي لأنه يعده كما يشهد له الكثيرون (ظاهرة شعرية تحتاج إلى دراسة - بل إلى دراسات - للتعرف على خصوصيتها وتميزها وبعدها الفكري والفني، ومدى ملامستها لهموم واهتمامات الأمة بعيداً عن تواضعه وقراءته الشخصية لشعره وما عبر به من آراء عن تجربته الشعرية بصورة قد لا تكون منصفة له، وقد لايوافقه عليها الكثير من النقاد). (1)

وقد قرأت الأعمال الشعرية للشاعر الإنسان غازي القصيبي فلمست شحنات من العواصف الإنسانية الوجدانية تتردد عبر هواجسه وخلايا معاناته، ربما يعبر عنها في تجربته الشعرية بتواضع وتلقائية اعتدناها منه - قراءة - برغم اتهامه بالنرجسية قبل معرفته عن كثب، ولابد من توكيد حضوره الإنساني من خلال إسهاماته في النشاط الاجتماعي بالرأي وبعد النظر في اقتراح نماذج من الجداول والجمعيات الخيرية ذات الأبعاد الإنسانية الاجتماعية المستمرة في العطاء والثمرات المتصلة مثل (جمعية الأطفال المعوقين) و(جمعية أصدقاء المرضى) وكان له دور فاعل في غرس عشق القراءة في المستشفيات والمجمعات الطبية بنشر نماذج التوعية والتثقيف فيها، والمكتبات التي تستقطب مرتاديها وزوارها إلى استشراف آفاق القراءة والوعي لتغطية الفراغ الذي تعاني منه كل المرافق والأروقة العامة، وقد نشرت (المجلة العربية) في إصدارها عن الدكتور غازي القصيبي مقتطفات من تجربته التي عبر عنها في سيرته الشعرية، يقول في موقف من مواقف تلك السيرة:إنني أعتبر كوني شاعراً حقيقة من أهم حقائق وجودي كإنسان، ولكنني لا أعتقد أن هذه الحقيقة تمثل كل معاني وجودي كإنسان، إنني كبقية البشر، ظاهرة مركبة ذات جوانب متعددة وليس كوني شاعراً سوى جانب واحد منها.

لقد قال لي الصديق الأديب الدكتور محمد جابر الأنصاري مرة: إن (مشكلتي) أنني لا أعتبر الشعر حياتي كلها وإنني شاعر (هاو) أو (غير متفرغ) وقال لي: إن الشاعر، لكي يكون شاعراً عظيماً يجب أن يعتبر وجوده كله مسخراً لقضيته الأساسية، وهي شعره، إنني بالتأكيد لا أنظر إلى الشعر نظرتي إلى هواية كجمع الطوابع أو التحف أو لعب الشطرنج ولكنني بالتأكيد أيضاً، أرفض أن أختزل وأختصر وأصنف في كلمة واحدة هي كلمة شاعر.

من هنا فإنني أعتقد أنني في نظرتي إلى الشعر أكثر موضوعية من الشعراء (المحترفين) الذين لا يتصورون لأنفسهم أي معنى خارج إطار الشعر.

بل ربما كنت أكثر موضوعية من النقاد المنقطعين لدراسة الشعر وتحليله، هؤلاء وأولئك، بمنطق الأشياء، يضفون أهمية مبالغاً فيها على الشعر وعلى مكانه في سنن الحياة ونواميس الوجود).

ولأن دور الشاعر مهم في نسيج مجتمعه، مؤثر في مستوى توعيته واستقطابه نحو التفاعل يلفت الدكتور غازي القصيبي النظر إلى أهمية هذا الدور وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة نحوه فيقول:

(إن الشاعر الذي يعتقد أنه بمجرد كتابة قصيدة عن فلسطين ساعد على تحرير فلسطين شاعر يخادع نفسه، ليكتب الشعراء المعاصرون عما شاؤوا من قضايا ولكن يحسن بهم أن يتذكروا أن أشعارهم لن تغير، في حد ذاتها، من طبيعة هذه القضايا، هذه حقيقة معاصرة ولكن الأمور لم تكن دائماً على هذا النحو في الماضي وقد لاتكون على هذا النحو في المستقبل.

عندما يأتي اليوم الذي يحفظ فيه الأطفال أسماء الشعراء كما يحفظون أسماء لاعبي الكرة، عندما يأتي اليوم الذي يبيع فيه شاعر ما ملايين النسخ من ديوانه، عندما يأتي اليوم الذي تشاهد فيه الأفلام السينمائية والبرامج التلفزيونية مكتوبة بالشعر، نستطيع عندها أن نتحدث بثقة عن التأثير السياسي والاجتماعي للشعر، وحتى يحين ذلك اليوم سيبقى الشعر وسيلة من وسائل المتعة الروحية والإثراء الذهني، لا أكثر من ذلك ولا أقل).

وعن دور الشعر في الحياة والوجدان يقول الشاعر د. غازي القصيبي:

(إنني أعجب من الذين لايكتفون من الشعر بذلك، ألا يكفي أن أفتح ديوان المتنبي اليوم بعد ألف سنة من وفاته فأقرأ أشعاره وأشعر بنشوة روحية غامرة؟ ألا يكفي أن يقرأ إنسان قصيدة كتبتها فيشعر بتعاطف قوي مع التجربة البشرية التي تختفي وراء القصيدة؟ لماذا نصر على أن يكون الشعر مجرد وسيلة نحو غاية أكبر كائنة ما كانت هذه الغاية؟

إن الذين يصرون على (دور) للشعر يسيئون إلى الشعر من حيث يعتقدون أنهم يحسنون، ليس للشعر دور منفصل عن وجوده كشعر، الشعر غاية في حد ذاته الشعر يحقق كل أهدافه لمجرد أنه شعر).

وعن ظاهرة الشعر ووصفه ومدى تأثيره في حياة الناس يقول:

(إن الشعر، من حيث المبدأ، ظاهرة محايدة كالموسيقى، ليس هدف الشعر إعادة تكوين العالم وليس هدف الشعر إبقاء العالم كما هو، هناك شعراء كتبوا شعراً ثورياً وهناك شعراء آخرون تغنوا بالوضع القائم، هناك شعراء يمنيون وشعراء يساريون، شعراء مناضلون، وشعراء قاعدون، شعراء مخلصون وشعراء خائنون، أما الشعر، في حد ذاته، فلا يعرف اليمين ولا اليسار ولا يعترف بالشعارات السياسية: الشعر هو ذلك الكلام السحري الجميل يتحدث الشعر عن الأطفال وعن الأبطال، عن البشر وعن الحيوانات، عن الانتصارات وعن الانهزامات، ويبقى شعراً).

والشاعر الإنسان د. غازي القصيبي يدرك دوره الشاعري الإنساني في نسيج مجتمعه ويعبر عن ذلك حين يقول وفي قوله مصداقية عرفناها في شخصيته وحضوره الأثير في صيانة وفعاليته في مجتمعه:

(من نظرتي إلى (دور الشعر) وإلى طبيعة الشعراء انطلقت عدة مواقف عملية محددة، نظراً لاقتناعي بأن الشعر غاية في حد ذاته وليس وسيلة نحو غاية أكبر رفضت أن أجند شعري لخدمة أي قضية من القضايا، لا أذكر أني كتبت قصيدة ما لأن أحداً اقترح علي أن أكتبها أو لا عتقادي أن جمهوراً ما سيقابلها بالاستحسان.

ولقد خاب أمل كثيرين أرادوا أن أكون متحدثاً شعرياً باسم قضاياهم وكثيراً ما أتهمت (بالذاتية) و(اللا التزام) و (العبث)، إن هذه التهمة هي ثمن استقلالي الشعري، وهي لاتزعجني اليوم، ولم تزعجني في يوم من الأيام).

لذلك فهو يرى ويعتقد أن الشاعر لايتميز عن غيره من أعضاء المجتمع الفاعلين.

(ونتيجة اقتناعي بأن الشعراء لايتميزون عن غيرهم من البشر بشيء سوى قول الشعر، فإنني لم أحرص، كما يفعل بعض الشعراء، على التعرف نظرة عداء أوشك أو ريبة إلى بقية الشعراء انطلاقاً من قاعدة (عدو المرء من عمل عمله)، فهذا لم يخطر لي على بال كل ما أعنيه أنني لم أتعمد اصطناع المناسبة للتعرف على شاعر ما.

لقد جمعتني الظروف بعدد لا بأس به من الشعراء، ولكن الظروف جاءت مصادفة ودون تخطيط إن عدداً من أصدقائي يكتبون الشعر أو يتذوقونه، ولكن عدداً آخر من أقرب أصدقائي المخلصين ينفرون من الشعر، أذكر أنني في السنة التي صدر فيها (أشعار من جزائر اللؤلؤ) طلبت من زميلي في السكن، محمد إبراهيم كانو ومحمد صالح الشيخ عبدالله وهما صديقان حميمان أعرفهما منذ سن السادسة، أن يحفظا بيتاً واحداً من الديوان ولكنهما عجزا عن ذلك.

إن الاعتقاد بأن هناك خيطاً خفياً يربط بين الشعراء أو صلة روحية تجمع بينهم هو اعتقاد لايوجد - في رأيي - ما يبرره من الحقيقة والواقع).

وقفة على نماذج من شعره:

(إن أي قارئ لغازي القصيبي ناشراً ولغازي القصيبي شاعراً لابد أن يستمتع بذائقته وأسلوبه وتعبيره الباذخ بالجمال والروعة والشاعرية المشرق بالتجليات الصادقة المنهمرة كالمطر من شاعر معبر يقول:

إن هذا العالم يضج بأعداد هائلة من التجار والصيادين والزراع والصناع والمهندسين والأطباء، وباستطاعة العالم بالتأكيد أن يستقبل أعداداً أكبر من الشعراء دون أن يشتكي الزحام، إن الشعر ليس تنظيماً بيروقراطياً هرمياً يحتاج إلى رئيس ونواب ومديري إدارات، والشعر ليس إرثاً ينتقل من مالك إلى مالك، وفي الشعر لا يوجد جهاز تشريفات يمنح النياشين والأوسمة والألقاب، من طبيعة الشعر أن تعجب أنت بشاعر ما وأعجب أنا بشاعر غيره، ومن طبيعة الشعر أن تعتبر أنت قصيدة رائعة وأعتبرها تافهة سخيفة، ومن طبيعة الشعر أن تهمل فترة زمنية شاعراً ما لتكتشفه فترة زمنية أخرى، إن الأمور لابد أن تكون على هذا النحو وإلا كنا بصدد (ديكتاتورية) شعرية لاتقل في سوئها عن بقية الديكتاتوريات).

إنني لا أدري هل ترك شعري أي أثر، سلبي أو إيجابي، في المجتمع أو في هل استفادت هذه الأرض من كوني شاعراً، كل ما أدريه أنني منذ البداية كنت صادقاً مع الشعر، أميناً مع الشعر، مقيماً على عهد الولاء).

وعندما نتوقف.. ونصغي، ونتأمل قسماته الشعرية وهو يهتف ويعزف، ويأخذنا في تجلياته الشعرية ليقول ما نعشق أن نقوله، وليعبر عما ترغب أن تعبر به البراءة والتلقائية والطفولة إذ يقول عن حبه وعشقه (الرياض) هذه العاصمة المحبوبة:

كأنك أنت الرياض

بأبعادها، بانسكاب الصحارى

على قدميها

وما تنقش الريح في وجنيتها

وترحيبها بالغريب الجريح

على شاطئيها

وطعم الغبار على شفتيها

أحبك حبي عيون الرياض

يغالب فيها الحنين الحياء

أحبك حبي جبين الرياض

تظل تلفعه الكبرياء

أحبك حبي دروب الرياض

عناء الرياض، صغار الرياض

وحين تغيب الرياض

أحدق في ناظريك قليلاً

فاسرح في (الوشم) و(الناصرية)

وأطرح عند (خريص) الهموم

وحين تغيبين أنت

أطالع ليل الرياض الوديع

فيبرق وجهك بين النجوم

وفاتنة أنت مثل الرياض

ترق ملامحها في المطر

وقاسية أنت مثل الرياض

تعذب عشاقها بالضجر

ونائية أنت مثل الرياض

يطول إليها.. إليك.. السفر

وفي آخر الليل يأتي المخاض

وأحلم أنا امتزجنا

فصرت الرياض..

وصرت الرياض

وصرنا الرياض..

وعندما تعصف بنا المعاناة الإنسانية ونتأمل شخصية الإنسان الشاعر غازي القصيبي نلمس تلك الشحنات الإيمانية المعبرة في مواقف من مواقف الوداع وما أكثرها في قصائده الشعرية التي يلجأ إليها أحياناً بمباشرة انكسارية طاغية مسكونة بالخشوع إذ يقول في أحد مرافئ الرحيل:

إليك عظيم العفو أشكو مواجعي

بدمٍ على مرأى الخلائق، لايجري

ترحّل إخواني، فأصبحت بعدهم

غريبا يتيم الروح، والقلب، والفكر

لك الحمد، والأحباب في كل سامرٍ

لك الحمد، والأحباب في وحشة القبر

وأشكر إذ تعطي بما أنت أهله

وتأخذ ما تعطي، فأرتاح للشكر

والشاعر الإنسان غازي القصيبي يتمتع بحضور إنساني نبيل، يستثمر علاقاته الأخوية بلفتات نبلى تحولها مصداقيته إلى تلقائية معبرة عن الإعجاب والتمازج الوجداني.

القصيدة بعنوان (سيدة الأقمار) والإهداء (إلى الصديق عبدالله الجفري، الذي سرقت منه هذا التعبير الجميل: (سيدة الأقمار). (1)

ما بال سيدة الأقمار.. تبتعد

وأمس كانت على أجفاننا تقد؟

أراقها كوكب في الأفق مرتحل

أم شاقها راهب في الأرض منفرد؟

فملّت الوصل.. والأقمار أمزجة

نارية.. قلما وفّت بما تعد

أواه! سيدة الأقمار! سيدتي!

أواه! لو تجد الأقمار ما نجد

أواه! لو ترد الأقمار إن ظمئت

موارد الألم الطاغي كما نرد

أواه! لو تسكب الأقمار أدمعنا

ولو يعذبها التفكير والسهد

أبحرت، سيدة الأقمار، عن رجلٍ

مازال يبحر في أعماقه الكمد

وراعك الحزن في عينيه.. مؤتلقاً

وصدك اليأس في دنياه يحتشد

والتفاتة أخرى رائعة نحو الشهداء نعيش فيها بمعاناتنا ووجداننا وإنسانيتنا ونحن نشهد مواكب الشهداء الذين يسقطون أحياناً نتيجة الغدر دون مواجهة، فيتوقد الانفعال في هاجس الشاعر الإنسان المؤمن د. غازي القصيبي في مجموعة من قصائده، منها قصيدة (للشهداء) التي يقول فيها:

(للشهداء) (2)

يشهد الله أنكم شهداء

يشهد الأنبياء.. والأولياء

متم كي تعز كلمة ربي

في ربوع أعزها الإسراء

انتحرتم؟!.. نحن الذين انتحرنا

بحياة.. أمواتها الأحياء

أيها القوم! نحن متنا.. فهيا

نستمع ما يقول فينا الرثاء

قد عجزنا.. حتى شكا العجز منا



وبكينا.. حتى ازدرانا البكاء

وركعنا.. حتى اشمأز ركوع

ورجونا.. حتى استغاث الرجاء

ولعقنا حذاء (شارون) حتى

صاح: (مهلاً، قطعتموني!) الحذاء

وارتمينا على طواغيت بيتٍ

أبيض ملء قلبه الظلماء

أيها القوم!.. نحن متنا.. ولكن

أنفت أن تضمنا الغبراء

وقبل أن نغادر هواجس الشاعر الفذ د. غازي القصيبي لابد أن نقف أمام لفتةٍ معبرة عن همه وهمنا صاغها صديق عمره ومعاناته الدكتور محمد عبده يماني متأثراً من هواجسه في إحدى قصائده الأخيرة المسكونة بشفافية الحزن والمعاناة، فيقول الدكتور محمد عبده يماني في أصداء تلك الهواجس والذكريات:

تسائل نفسك الآنا

فأصغى القلب ملآنا

أماني الأمس يا غازي

ثوانٍ، كان أزمانا

فما استذكرت لاينسى

وأنت تظل عنوانا

وما استحضرت من ماضٍ

يطوف علي سلوانا

كلانا يا أبا يارا

رأينا الناس ألوانا

كما تتلون الدنيا

فيبدو العمر فتانا

وتبقى أجمل الذكرى

وينسى المرء ما عانى

نعم: تبقى أجمل الذكرى، ويبقى الألق الإبداعي الأخاذ المنهمر من وجدان الإنسان المعبر عن معاناة مجتمعه معلناً عن حضوره الأثير الذي يظل أثيراً خالداً في أنسجة الذاكرة وخلايا الوجدان إلى الأبد.

عبدالله بن سالم الحميد





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد