Al Jazirah NewsPaper Saturday  06/03/2010 G Issue 13673
السبت 20 ربيع الأول 1431   العدد  13673
 
بقلم تنفيذي
الإدارة العربية
م. عمر الأيداء

 

قرأت قبل أسبوع تقريباً مقالاً عن «الجوقاد»، والتي تُعبِّر عن منهجية إدارية هندية للإدارة، ومعناها إنجاز الكثير بالقليل، فهو أسلوب إداري هندي تلجأ إليه المنظمات عندما تشح الموارد وتشتد الأزمات، لحل المشكلات في ظل غياب الأدوات، فتكون النتيجة حلولاً تفي بالغرض، دون قروض خارجية أو غيره، وبأقل القليل من القروض الداخلية.. فهو ابتكار إداري هندي تقشفي يُطبق مقولة: «الحاجة أم الاختراع» دون ملاحقة الموضات واستنفاد الثروات، ولكن ليس هذا هو ما شدني.

لأننا قرأنا قبل سنوات أو درسنا الإدارة اليابانية، وأنها كانت السر، وأحد أهم عوامل النهضة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية، والتي كانت تسعى لتطبيق مبادئ إدارية حديثة من بينها إدارة الجودة الكاملة، والعمل ضمن فريق عمل، وإتقان العمل الإداري وتحويله إلى قيمة اجتماعية مرتبطة بالثقافة اليابانية، والابتكار والتطوير، إلى غير ذلك من المبادئ والمفاهيم الإدارية الفعَّالة، وقبلها كانت الإدارة الغربية وما أنتجته مدارسها المختلفة، المدرسة الكلاسيكية، والإنسانية، والسلوكية، والمدارس الحديثة، من نظريات ومفاهيم إدارية مختلفة، وأغلب تلك المساهمات العالمية والنظريات سواء اليابانية أو الغربية أو الهندية حديثة، لم يتجاوز البعض منها عشرات السنين.

وفي نفس الوقت لم نقرأ أو نسمع عن منهجية أو نظرية إدارية عربية تجاوزت الحدود الزمانية والمكانية، وتناقلتها المراكز العلمية والأكاديمية، ودرست في جامعاتنا ومعاهدنا الإدارية، رغم أن تاريخنا العربي والإسلامي غني بالتجارب والأحداث والصفحات الإدارية المشرقة، والشخصيات والقيادات الإدارية الجديرة بالوقوف عندها والاطلاع عليها والتأمل فيها، ودراستها واستخراج الأساليب والطرق الإدارية المستمدة مبادئها ومنطلقاتها من عقيدتنا الإسلامية، ومن بيئتنا العربية، ومحاولة تطويعها وتكييفها مع الواقع الذي نعيشه من أجل بناء منهجية ونظرية إدارية عربية، استمدت مبادئها من بيئتنا وعقيدتنا الإسلامية.

إذاً.. ما هي المشكلة التي تحول بين الانطلاق من القيم الثابتة والبيئة العربية واستخدام الإمكانيات المتوفرة، بعقول عربية تُغذي مخزونها المعرفي من بيئتنا العربية الإسلامية لوضع نظرية ومنهجية عربية إسلامية تتوافق مع بيئتنا وعقيدتنا؟

المشكلة في نظري ليست في عدم توفر العقول القادرة على إيجاد تلك الطرق والمناهج الإدارية، أو عدم توفر الإمكانيات، فجامعاتنا وكلياتنا، ولله الحمد، تزخر بالقدرات البشرية والعقلية المشهود لها عالمياً، فجامعة الملك سعود وجامعة نايف العربية، وجامعة الملك عبدالعزيز ومعهد الإدارة العامة وغيرها من الجامعات والكليات المتخصصة، يوجد بها أعضاء هيئة تدريس على قدر عالٍ من الكفاءة والقدرة العلمية، التي تمكنهم من إيجاد نظريات وأساليب إدارية نابعة من عقيدتنا الإسلامية، وبيئتنا العربية، كما أن المشكلة ليست في عدم توفر الإمكانيات، فجامعاتنا ومعاهدنا، ولله الحمد، على قدر عالٍ من التجهيز وتوفر الإمكانيات التي تضاهي بها كبرى الجامعات العالمية.

المشكلة في نظري تكمن في انعدام الثقة في العقول العربية، وأنها غير قادرة على ابتكار نظريات وأساليب إدارية جديدة، مما جعلها تقع أسيرة لتلك التصورات وتلك النظرة القاصرة من المجتمع، وتحجم عن الإبداع والابتكار في هذا المجال.. وقد تطرقنا في مقال سابق بعنوان: «الدارسات الإدارية الاستشارية»، إلى اندفاع القطاع العام والخاص إلى المكاتب الاستشارية الغربية لإجراء الدراسات الاستشارية، وإحجام تلك القطاعات عن المكاتب الاستشارية العربية، مما يدل على انعدام الثقة في الإمكانيات العربية المادية والبشرية.

فالواجب على المجتمع تغير تلك النظرة القاصرة، عن تلك العقول، وأنها لا تقل عن مثيلاتها في الدول الغربية، إن لم تتفوق عليها، وتشجيعها وإيجاد البيئة المناسبة للإبداع والابتكار، بإعطائها الفرصة والثقة التي من خلالها تستطيع الانطلاق والإبداع، وإلا ما تفسير تفوق الكثير من العقول العربية المهاجرة، إلا تغيُّر البيئة ونظرة المجتمع لها، في المقابل على تلك العقول التحرر من تلك القيود ومحاولة فرض أنفسها على المجتمع، ليكون العمل من الجانبين، للوصول إلى بيئة صحية ومشجعة على الإبداع والانطلاق نحو التميز.. في ذلك الوقت سوف نجد الكثير من النظريات والأساليب الإدارية العربية.



alaidda@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد