Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/03/2010 G Issue 13678
الخميس 25 ربيع الأول 1431   العدد  13678
 
لما هو آت
ذاكَ الربيعُ
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

حين يُبدي الربيع تلويحته في أديمنا المحدود، نبتة وردية زاهية، نسمة باردة حنونا، بهجة تتسلّل للقلب بلا أسباب، كنا نتقافز فرحاً، وأول ما نسأل عنه آباءنا، أن يأخذونا إلى البر، لتهفو الرياض بنا نشوة، ووروداً، ولحظات تزيد نفوسنا اتساعاً, وأذهاننا صفاء، وأرواحنا متعة... إذ نكون قد حُمِّلنا من كل ذلك زاداً, فالحياة كانت لنا الحب الذي يحيطنا به والدانا، والعناية التي يولونها لأغذيتنا حيث لا يوجد ما يشغلهم عنا سوى شق الجداول والروافد التي تمد عقولنا تجارب وتحصيلاً معرفياً, وعلمياً، وثقافياً، وتكون أخلاقنا قيماً، وسلوكاً، تقوي أجسادنا، صحة عافية، ينصبون الموازين لنا، لنضع نحن بين أيديهم ثمار هذه الأغذية، في كفة يمنى الصالح منها، وفي اليسرى الفاسد، عندها تعلو وجوههم الفرحة، وتستقر في صدورهم الطمأنينة، وتخرج من رئاتهم تنهدات الراحة،...

كان الربيع لنا ليس موسم مناخ ينبسط على كفة الأرض، وينتشر أريجه في الفضاء من حول رئاتنا وعيوننا فقط... إذ كانوا يعلموننا أنّ الربيع موسم دائم في البيت حين يعطي الآباء، ويأخذ عنهم الأبناء، أي حين يزرعون هم، ومن ثم نُثمر نحن، وحين نعيد لهم كفة الميزان وقد مالت كل الميل لليمين، وخوت الكفة الثانية تعصف فيها أصداء النقاء...

لذا كلما لوَّح الربيع، عادت تدور بكرة الذاكرة، وتحسسنا صدورنا ما بقى فيها من ماء جداولهم، وأذهاننا ما تركوه فيها من جذور ميزانهم...

فالطرق للبر لم تَعُد قريبة.., والمساحات من حولنا اكتظت فغاب الربيع في غبارها، والجداول تقطّعت بين الأيدي مساربها، لكن القلوب البضة، والعقول النامية لا يزال للربيع فوق شفاهها تلويحة فرح...

ولأنّ الربيع في الرياض هذه الأيام يلوِّح بكثير من بهجات... تعيد للأماني مفاتيحها، وللأحلام مراكبها، ولخريطة الميزان خطوطها... فإنه يبعث للذائقة طعم الثمار، وللقلب طمأنينة العطر، ويستلهم النهدة المريحة كي تتبخّر عن الصدر...

لله درُّك بيتٌ بُعِثَ الربيع منه...

لله ما أبهى ربيعكِ نوَّارة... وأمدَّ الطريقَ منه للبرِّ...!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد