Al Jazirah NewsPaper Monday  29/03/2010 G Issue 13696
الأثنين 13 ربيع الثاني 1431   العدد  13696
 
معرض الرياض للكتاب: غياب الرياضة.. لماذا؟!
تركي ناصر السديري

 

عاشت الرياض تظاهرة ثقافية كبرى، تمثلت في معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي بات بازارا موسميا للثقافة والآداب والمعرفة التي تحتاج إليها مجتمعات العولمة الراهنة، لتكوين نوافذها المعرفية والمعلوماتية في فضاء الإبداع والجديد والمستقبليات.

لقد تحول الكوكب الأرضي إلى منظومة واحدة، هي بمثابة وعاء ثقافي أممي يحوي الجميع ولا انفكاك لأحد في أن ينعزل عنه، وإلا ليسر وسهل ذوبانيته وترك مصيره لهندسة الآخر الأكثر فعلاً.

ومعرض الرياض للكتاب ذو فارقية عن معارض الكتاب في وطننا العربي في التنظيم والترتيب، وتعددية أطياف دور النشر من كل دول العالم، ورحابة مساحة التواجد لكل المناهج والأفكار، وغياب وصاية الرقيب التقليدي المتوجس.

كأنما معرض الرياض للكتاب، وهو يشهد اكتظاظ الزوار الكبير وبالذات من العائلة السعودية ذكوراً وإناثاً، صغاراً وكباراً.. ليؤكد على أن هناك صحوة ثقافية حضارية واسعة النطاق بين مختلف شرائح منظومة المجتمع السعودي الراهن، منفتحة على الآخر وراغبة في مواكبة الحديث والجديد والقادم في الحضارة الإنسانية المعاصرة، وحرص في المساهمة فيها، وجودا وتواجدا، فعلا وتفاعلا، استفادة وإفادة.

معرض الكتاب المبهر، يؤكد فيما يؤكد - إذا ما أخذناه معيارا ومؤشرا دلاليا - أن مجتمع التنمية السعودي، قد ازداد نضجا ورشدا، وقد تحرر وتعافى مما أحدثته هيمنة حقبة (الصحوة الوافدة) التي عوقت وشوهت بعض جوانب مسيرته التنموية، حينما مارست وصاية المنهاج الواحد والوحيد، المرتدي عباءة الدين في ترويج فكر خوارجي معاصر هندسته تنظيمات حزبية ظلامية ومحافل الاستخباراتية، ديدنه إشاعة ثقافة الكراهية، ومعاداة العلوم الحديثة، وإزاحة ثقافة المعرفة التعددية العولمية وإحلال (الوعظية) بديلا عن الثقافة والواعظ بديلا عن المثقف.

تتواجد في معرض الكتاب وقد تحول إلى نافورة ثقافية لكل الأطياف، ملامح جديدة في وجوه الناس كبارا وصغارا، ذكورا وإناثا وهم يجوبون أركان المعرض، تشع ابتسامة وثقة متفاءلة في شيوع الاخاء والتسامح والعطاء في مجتمع مكارم الأخلاق العربي، وطهارة الإسلام النقي.

معرض الرياض قدمته مشكورة وزارة الإعلام للوطن الغالي، وتحول الى احد تقاليد الرياض السنوية حسب وصف عضو مجلس الشورى وأستاذ التاريخ الدكتور المحترم عبدالله العسكر.

معارض الكتاب عادة ما تكون مناسبة وفرصة سانحة للتعريف بمساهمات كافة تكوينات المنظومات الإدارية في المجتمع تعرّف وتعرض منجزها الثقافي والمعرفي والإبداعي وما قدمته لوطنها وللإنسان المنتمي إليه.

لذا تجد معظم مؤسسات وهيئات المجتمع متواجدة في معرض الرياض الدولي للكتاب. هذا ركن دارة الملك عبدالعزيز وذاك ركن جامعة، وآخر لمصلحة الإحصاءات، وعاشر لهيئة الأمر بالمعروف، وثلاثة وعشرون للوزارة الفلانية.. إلا الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلا اللجنة الأولمبية السعودية.. إلا النادي الرياضي أو أي منشأة أو مؤسسة قطاع خاص معنية بالرياضة.. فلا احد يتواجد (!) لذا غابت (الرياضة) كعلم وثقافة وقيمة في طول وعرض وفضاء معرض الكتاب.. المهم!

وسأجتهد بإجابة تبرر (التواري)، مفادها ألا بضاعة فتعرض! وقد احمّر وجه الرياضة السعودية المملوءة بالعلم والثقافة والفكر، لا بد من طرح التساؤل حيال غياب (البضاعة) توجهه الرياضة السعودية صوب من يتحمل وزره، لعله يحفزه في ألا يكون الغياب مستمرا في المعارض القادمة.. حيث ستكون البضاعة من كتب وبحوث ودراسات معنية بالفكر الرياضي وعلوم الرياضة (75 علماً رياضياً أكاديمياً تدرس في جامعة الرياضة في روسيا التي تضم 11 كلية متخصصة بعلوم الرياضة!!) وظواهرها وشجونها وأمورها وما له صلة به ثقافيا واجتماعيا وطبيا وإداريا وتسويقيا واستثماريا وهندسيا.. الخ.. موجودات متواجدة في رحاب ملتقيات الثقافة والفكر والتحضر.

ولكن كيف يتواجد الاصدار الرياضي وليس لدينا جهة مناط بها مثل هذه المهمة الوطنية العلمية المهمة في زمن البحث العلمي؟! وليس للرياضة السعودية مركز للبحوث والدراسات مثلها مثل أي قطاع منتمٍ إلى منظومة العمل المجتمعي في حقبة العولمة، لذلك لم يتواجد الفكر الرياضي السعودي الذي يستطيع أن ينتج ويسهم في مخزون ثقافة الرياضة وعلومها المعرفية من خلال الكتاب والبحث والاطروحة العلمية وتواجد ثقافة الرياضة وعقول تنتج (الحقل).

فعلاً، من يتحمل وزر غياب الكتاب الرياضي السعودي. وقبل ذلك لماذا لم يتواجد فكر رياضي سعودي، مساهم في صياغة الرؤية والدراسة والتحليل للظاهرة الرياضية الاجتماعية والنفسية والابداعية والثقافية والاستهلاكية.. ويتصدى لمسائل وشجون الرياضة للفرد والمجتمع من خلال الفكر والعقل الرياضي المرتدي لثوب رياضة جزيرة العرب السعودية التي لن يكترث احد بهمومها هذه سوى مخلوقاتها.

نحن وعاء معظم ألعاب الرياضة الحديثة، والارض التي انبتت شجرة الرياضة الأولى في التاريخ، حيث تواجد فيها أول انسان مارس الرياضة في التاريخ، وقدمنا للإنسانية ألعاباً رياضية توارثتها الى يومنا الحاضر.. بدءا بألعاب الفروسية والرماية وحمل الاثقال والمصارعة وألعاب الكرة والجولف والجمباز ورياضة المشي (هناك 127 نوعا عرفتها جزيرتنا العربية دلالة ثراء وعاء الرياضة لوطننا الطاهر!!)

ورغم ذلك.. لا أحد يعرف ذلك، وتحتضن الرياضة السعودية لذلك في ساحة الثقافة والفكر حيث معرض الكتاب الذي لم يتواجد فيه الكتاب الرياضي!

التساؤل للجامعات السعودية وكليات الرياضة.. وطبعا المنظومة الرياضية الرسمية.

ماراثون..

العائلة السعودية الجديدة..

لأول مرة في تاريخ بلادنا الحديثة، شاركت العائلة السعودية في سباق للماراثون.

فبمناسبة المهرجان البيئي الذي أقيم في القطيف الوارفة شاركت ثلاثمائة عائلة رجالا ونساء، صغارا وكبار في السباق الذي نظمته جمعية العطاء النسائية الخيرية وبمشاركة عدد من الهيئات والمؤسسات اقتصر تنظيم وترتيب الفعالية الحضارية والإشراف عليها طاقم نسوي لأول مرة في تاريخ تنظيم الفعاليات الرياضية والتوعوية والترويجية.. محليا عاونهم في ذلك 1500 طفل متطوع قدموا الزهور لكل المتواجدين في مواقع الاحتفال الذي شهده حشد غفير من المواطنين والمقيمين تفاعلوا معه، واستمتعوا وشاركوا في فعالياته الثقافية والتوعوية والترفيهية التي صاحبت إقامة المناسبة الرياضية الاجتماعية الكبرى.

قبل عدة شهور قامت وزارة التربية والتعليم بدعوة عدد من عائلات الطلاب والطالبات من مدارس المرحلة الابتدائية لحضور سباق الخيل الذي يقدم فيه الكأس الموسمية لوزارة التربية والتعليم ضمن سباقات نادي الفروسية السنوية.

هذه الدعوة لاقت قبولا كبيرا من عائلات الطلاب والطالبات، وسعدوا وتجاوبوا في الحضور مع أبنائهم وبناتهم هذه المناسبة الرياضية التاريخية.

وكنت قد تساءلت في مقالة سابقة عن امكانية تهيئة المجال والمكان للعائلة السعودية في المناسبة الرياضية في الملاعب والفعاليات الرياضية في المملكة.

وما أقوله ليس اختراعا وليس مخالفا لثوابت دينية، متى ما تم التعامل معه بموضوعية وتجل لما حدث في المجتمع السعودي من تغيرات وتحولات حضارية ثقافية معرفية، تحتم عدم تداهل حاجة واحتياج (العائلة) من ان تهيأ لها وتوفر ظروف حضور المناسبة الرياضية كاختيار ورغبة تحقق لها معاني وفوائد اجتماعية واسرية وترفيهية لا حصر لها.

أستاذ الجامعة والناقد الدكتور محمد العثيم أشار في حد مقالاته إلى ضعف وتخلفية النمط الإداري والتنظيمي المتعامل مع إدارة وتنظيم الملاعب الرياضية بحيث افقدت جمهور العائلات التي تحب متعة الرياضية من هذا الخيار والحق.

يتساءل الدكتور العثيم: الغريب أن جهات السياحة في المملكة نشطة في تطوير منتجعات يؤمها الناس والعائلات على وجه الخصوص وتشجع الاستثمار في قطاعات الترفيه ولكنها تجاهلت الجانب الرياضي في السياحة الاجتماعية وتجاهلت تأهيل الملاعب من خلال شركات مستثمرة لتصير قادرة على استيعاب الاسرة مع ابنائهم شابات وشباب، تصير الرياضة متنفسا يذهب اليه الناس في أيام العطل.. في ظل فقر تعدد خيارات الترفيه المتاحة أمام العائلة السعودية!!

طبعاً الإعلام المحسوب على الرياضة، حوّل نفسه الى إعلام كرة ولو أردتم الدقة الى صحافة مرئية ومكتوبة يحتشد فيها أميون على منتفعين على فهلوية على مشجعين تابعين لهذا الرئيس وذاك الشرفي وذلك التاجر او السمسار او اخو الرئيس وخوياه.

العشم بقلة قليلة، لكنها مؤثرة تنحاز الى رسالة الرياضة وتتمسك بقيمها ومبادئها وأخلاقياتها المهنية والوطنية تأبى إلا ان ترتقي بالطرح الرياضي نوعا وقيمة وفائدة للفرد والمجتمع والوطن قبل اية حاجة تافهة أخرى.

علة تحكيم

لاختصار الجهد والوقت وقد أهدرنا ما يكفي، ولكي لا يتحول - فعلاً - اشكالية التحكيم الكروي الى أزمة دائمة، اي حينما تُفقد الثقة ب(مقدرات) ونزاهة حكم الكرة عندها وباللغة العامية (رح.. رقعها!).

لذلك علينا ان نلجأ الى الحل العلمي وننحاز الى العلمية بديلا في فهلوية إدارة الفراسة المتوارثة، ونستعين بأصحاب التجارب الناجحة في الدول المتقدمة رياضيا لتنظيم وترتيب أمور التحكيم الكروي.

إذا ما فعل ذلك سيكتشف (الجماعة) ان تأسيس (منظومة إدارية للتحكيم) هي الحاجة التي تأخرنا كثيرا في ايجادها منذ عشرات السنين فيما ظللنا نلت ونعجن ونخبز في تشكيل لجنة، وحل لجنةن تشكيل لجنة، حل لجنة.. وأخيراً لجنة لا أدري كيف يمكن الوثوق بقدرات وحيادية بعض من اقطابها تأملوها واستنتجوا لكي تتأكدوا ان كل هذه الحلول ما هي إلا هدر للجهد والوقت.

آخر فنون.. التشويه

يا الله هل وصل فن التكريه بالهلال وتشويهه الى درجة (الاستعانة بحكم) على طرقة الاستعانة بصديق حسب برنامج (من سيربح المليون!!)

الحكم المطرب نصراوي الميول حسب ما ذكرته الصحافة، لكنه - ويا للعجب - ظهر له كاسيت غنائي يمجد فيه الهلال في احيائية غبية الى انحياز الحكم السعودي للهلال.. وهو ما ينافي حقيقة الحال التي يعرفها مدرج الرياضة السعودية.

على فكرة لو عمل احصاء كشف للميول بين حكام الكرة في المملكة.. سيكتشف مدرج الكرة ان ذوي الميول الصفراء يتجاوزون الـ 90% بنفس نسبة المنتسبين الى وسائل الإعلام الرياضي المرتدين للفانلة الصفراء.. اي من التسعين وطالع!!

لكن رغم ذلك المنجز الهلالي المتكاثر يقدم للجميع وصفة علمية ناضجة مفادها ان كنت تريد ان تكون صاحب الشعبية الاولى والبطولات الأكثر انحز ثم انحز ولدرجة التعصب.. للعلم ومكارم الأخلاق.. تحقق ما تحلم به!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد