Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/04/2010 G Issue 13699
الخميس 16 ربيع الثاني 1431   العدد  13699
 
الحبر الأخضر
الصحافة والحسبة وجهان لعملة واحدة
د. عثمان بن صالح العامر

 

برعاية كريمة من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وبحضور إعلامي ضعيف ومشاركة رسمية وعلمية وأكاديمية وميدانية متميزة شهد أول الأسبوع الماضي انعقاد ندوة (الحسبة وعناية المملكة العربية السعودية بها) واحتضنتها العاصمة الرياض، ومع أن محاور الندوة كانت ثرية والمداخلات والتساؤلات متعددة وذات أبعاد مختلفة ومتنوعة وهامة وتستحق التعريج عليها والحديث عنها، إلا أن ما لفت أنظار الكثير وطرحه البعض من المداخلين والمتحدثين تعجباً واستغراباً غياب الإعلام خاصة الصحافة المحلية عن المشاركة والتواجد في مثل هذه الفعالية الهامة التي تُشرَف برعاية خادم الحرمين الشريفين رعاه الله وتطرح وتناقش قضايا هامة وساخنة تهم الوطن وربما تشغل بال العديد من المواطنين، مع أن الحسبة والإعلام في نظر المدقق المنصف عينان في جسد الوطن، فالحسبة مشروع ديني مجتمعي وطني قيمّي هام يمارس النقد والتصحيح على السلوك والأفعال بصورة مباشرة وبصفة رسمية من أجل سلامة المجتمع وحماية قيمّه والمحافظة على طابعه العام وهويته التي تميزه عن غيره من المجتمعات، والإعلام السلطة الرابعة في أي مجتمع حتى ولو صغر يرصد ويحلل الأقوال والأفعال ويمارس النقد المسؤول على جميع المستويات وفي كل الأحوال والظروف، نعم الرئاسة والصحافة يهدفان في النهاية إلى تحقيق المصلحة الوطنية العامة التي تتوافق وتتسق مع طبيعة المجتمع وتتكيف مع مرجعيته الأساس، مع أن كل منهما يعمل في مدار ومسار مستقل وحسب قدرات ومهارات المنضوين تحت لوائه - هذا هو المفترض والمؤمل- ولذا لا عجب أن يكون هذا التساؤل الذي ينظر للغايات ويتطلع للمصالح الكلية ترى: لماذا غابت الصحافة عن هذه الندوة الهامة مع أنها أرادت أم لم ترد شريك في أداء رسالة الاحتساب في المجتمع؟. لقد أرادت اللجنة المنظمة من كل الأطياف والشرائح والتوجهات المشاركة والنقاش فجعلت الدعوة عامة وفتحت باب الحوار على مصراعيه وكانت المداخلات والتساؤلات علنية وذاتية لجميع الحضور ذكوراً وإناثاً، إضافة إلى أن الهدف الضمني لهذه الفعالية الهامة والشعار الفعلي الذي ترفعه الرئاسة ويلتقط من ثنايا التصريحات والأفعال في هذه المرحلة الجديدة التي يعيشها هذا الجهاز بعد أن تسنم كرسي القيادة فيه معالي الشيخ عبد العزيز بن حمّين الحمّين وفقه الله.. الهدف والشعار هو باختصار (من أجل غد أفضل، وفي سبيل عمل استراتيجي متقن، ولا شيء يمنع من التغيير مع بقاء المرجعية وضمان المصلحة الآنية والمستقبلية للوطن وأبنائه)، لماذا لم يكن من ضمن أوراق الندوة وبحوثها مثلاً دراسة أعدها أحد أعمدة الحركة الصحفية في بلادنا عرض فيها رؤيته التي تجيش في نفسه وربما تواترت على مسامعه عن الهيئة ومنهجها ومنسوبيها، أو على الأقل لماذا لم يقدم أحد المختصين رصداً وتحليلاً ونقداً للمآخذ والمثالب التي تتداول وتطلق عن هذا الجهاز الهام وطرحها على طاولة النقاش أو كتب عمّا قيل عن (الرئاسة في الصحافة السعودية) أو ما شابه ذلك، كنت أترقب أحد من أولئك الذين يكتبون عن هذا الجهاز أو يتكلمون عنه عبر وسائل التواصل المختلفة أن يحضر جلسة من جلسات هذه الندوة ويقدم وجهة نظره بكل تجرد وشفافية ليعرف ما عند الطرف الآخر وليسمع وجهة النظر التي ربما لم تصله بعد وبهذا يتحقق الحوار الذي ينشده الوطن ويتطلع له قادته رعاهم الله بعيداً عن التراشق والاتهام والحكم على النوايا وإنزال الظن منزلة الحقيقة التي لا تقبل الجدل. إننا بحاجة إلى المصارحة ومن ثم المصالحة من أجل الوقاية قبل أن نحتاج إلى علاج، والهيئات تمثل ولي الأمر في الاحتساب على الناس وتمارس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل الناس ولضمان الخيرية التي ربطها الرب سبحانه وتعالى بإقامة هذه الشعيرة الهامة ولذا حقها وحق كل مشروع أمني ناضج الدعم والمساندة ومن هذا الباب يأتي طلب المصارحة والحوار وفتح قناة التواصل البناء بين الإعلام وهذا الجهاز الهام، وإلى لقاء والسلام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد