Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/04/2010 G Issue 13727
الخميس 15 جمادى الأول 1431   العدد  13727
 
اُرقص ...؟!
محمد بن عبد العزيز الفيصل

 

عجباً لتلك القيم، فكلَّما تقادم بها الزمن ازدادت ضعفاً، هل شاخت؟!، أم شاخ عهدها، أم أنها لم تَعُد قادرةً على مجابهة الرياح (العولمية) بكل ما تملكه من مقوّمات فكرية أثبتت فاعليتها (المطلقة) في السيطرة على عقول البشر.

(هز وسط!) .. أذكر أنّ الأمير خالد الفيصل قد أمر بإيقاف إحدى الحفلات الغنائية المقامة على هامش فعاليات (المفتاحة) في مدينة أبها، عندما بُلِّغَ أنّ بعض الجماهير قد نسيت مكانها وزمانها فاندمجت مع ألحان الفنان لتشرع بالرقص ؟! ؛ فقام بنهر هؤلاء وتوبيخهم على رؤوس الأشهاد بكلمات (رنانة) لم تغب عن ذهن كل من حضر ذلك الاحتفال (الراقص) ؛ بأنّ هذا السلوك ينافي الأخلاق والقيم الإسلامية والعربية (الأصيلة)، وأنّ رقص الرجال محصور في فنون التراث ك(العرضة النجدية)، أما غيرها من الرقصات التي تذيب الرجولة قبل القيم، فهي وافدة من الخارج بتأشيرات مزوّرة أو منتهية الصلاحية.

لفت نظري إعلان لإحدى السيارات ذات العلامات التجارية المشهورة ؛ يتجوّل بحرية مطلقة بين فضائياتنا (العزيزة) دون رقيب أو حسيب، ليصوّر حال تلك المركبة وهي تسير في الطرقات حاملةً على متنها عصبة من الشباب، أشكالهم لا توحي إلاّ بالانحراف الأخلاقي، يسيرون بطريقة غير نظامية تخالف جُلْ قوانين المرور و بأسلوب استهتاري هيستيري تواكبه أصوات الموسيقى الصاخبة، لتصدح معلنةً التمرُّد على كل ما هو نبيل في مجتمعنا، المقزز في الأمر أنّ السيارة (الصاخبة) مرّت أثناء تسكُّعها في الشوارع بأصناف متعدّدة من البشر (العجوز، والشاب، والطفل ...) وغيرهم من الفئات المجتمعية، والكل بلا استثناء كان يرقص!، تماشياً مع الأنغام (الأجنبية) التي تطلقها السيارة الحديثة.

هذه الدعوات المبطنة - إن صحّ التعبير - للتخلِّي عن كل ما هو عفيف في مجتمعنا، وإن كان صداها الآني ليس ظاهراً، إلاّ أنّ تأثيرها سيتضح ويتفتّق بعد حينٍ قريب، فالكبير قبل الصغير سيستمرئ هذه الأفعال المشينة، والجيل القادم بكافة شرائحه سيكون منغمساً في تطبيق هذه الحركات والسكنات (المنحلّة) التي تهدم في كل يوم لبنةً في سور مجتمعنا المحافظ.

ما يزيد الأمر خبالاً أنّ كل ذلك يكون في ظل إحجام الجهات الرسمية عن إيضاح ما يكتنف هذه الإعلانات من تجاوزات صريحة للقوانين (المحلية) بمختلف أنواعها، تتصدّرها الأنظمة المرورية، فمن يقود هذه السيارة ويركبها شباب هيئاتهم توحي بأنهم دون السن القانونية، بالإضافة إلى أنهم يَحُضُّونَ على القيادة المتهوّرة وممارسة العبث، فزيادة صوت المسجل بشكل هستيري جنحة يعاقب عليها القانون ؛ ولم أر من إدارة المرور أي اعتراض أو مجرّد تعليق على ذلك لماذا؟!، أليس هذا هو جزء من دورهم التوعوي وحراكهم الاجتماعي؟!، وأين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مناصحة هذه الشركات وأصحابها ممن يذيع هذه الدعايات التي تحضُّ على المنكر، وتصادم جميع المفاهيم (القيمية) في مجتمعنا، أوليس ذلك أيضاً جزءاً من مسؤولياتهم الميدانية؟!، أما أصحاب هذه الشركات والقنوات فهم أبعد ما يكونون عن المسؤولية ... استفهامات أفقية طولية أتمنى أن أجد الإجابة عليها قبل أن يقع الفأس في الرأس، فمجتمعنا لا يقبل القسمة على اثنين.



Alfaisal411@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد