Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/04/2010 G Issue 13727
الخميس 15 جمادى الأول 1431   العدد  13727
 
أُضحية والدة المدير
علي الخزيم

 

رسالة إلكترونية وصلتني من مرسل لا أعرفه، ومضمون الرسالة لا يستدعي معرفة مرسلها الذي عبّر عن استيائه من رئيسه في العمل، ويبدو أنه يرغب طرح رأيه بين هذه السطور، ويشير إلى أن مصدر انزعاجه طريقة المدير في تتبع موظفي القسم؛ فهو يشغل نفسه بما يرى أنه وسيلة لضبط الحضور، وانهماك الموظفين في عملهم واستثمار وقت الدوام لإنجاز أكبر قدر ممكن من المهام، وهذا جيد، لو أن المدير يتخذ أسلوباً يحبب الموظفين إليه ويحببهم به ويرغبهم بالتفاني بالعمل، يقول: إن هذا المدير كان قبل الإدارة غير منضبط في حضوره وانصرافه، ويتهرب من العمل بشتى الأعذار والحجج، وعلاقاته بزملائه غير حميمة، وحين صدر قرار بنقل مدير الإدارة إلى موقع آخر كان هو المرشح (بحكم المرتبة) ليتولى الإدارة بالإنابة مؤقتاً، فتغيّر حاله، وأخذ بالحضور مبكراً، والترصد لبقية الزملاء وتسجيل كل تأخير بالدقيقة، وفي بعض الصباحات يسألهم عما يحملون في أيديهم حتى عرف مذاقاتهم وما يحبون من الشطائر التي يحضرونها معهم، وصار يفاجئ الموظفين في مكاتبهم ويعرف من منهم يجتمع بغيره وبم يتحدثون، ونصب له عيوناً من صغار الموظفين المغلوبين على أمرهم أو ممن يأملون كف شره عنهم إن هم جلبوا أخباراً جديدة عن موظفين يحددهم أحياناً، هذا موجز لبعض سلوكيات المدير وليس كلها والمرسل أراد التدليل على أن بعض رؤساء العمل يخطئون الطريق حينما يركزون على إحاطة أنفسهم بسياج إداري صارم مضاد لنظرات وآراء الموظفين على حساب حسن أداء العمل ونسبة الإنجاز، وهو مع ذلك قد نفر الموظفين منه ومن أجواء العمل، وجعلهم أبعد ما يكونون عن روح التفاني والتعاون والإنجاز، وأقرب ما يكونون للهرب من الإدارة وبذل كل ما بوسعهم للعمل بإدارة غيرها يجدون فيها أنفسهم محاطين بالتقدير وبالتفهم لقدراتهم وتثمين جهودهم، ومن أحسن فله الثناء، ومن كان دون ذلك فالأنظمة معروفة واضحة.

هذه قصة مرسل الرسالة.. ولكني أَزيد بواحد من المواقف التي سبق أن سمعتها في فترات متفرِّقة: فأحد الموظفين كان قبيل عيد الأضحى يتحدث مع زميل له عن الأضاحي وأنه سيتجه مساءً لشراء أُضحيته، وكان أن سمعه المدير فناداه لمكتبه وطلب منه أن يشتري له خروفين ويحضرهما لمنزله، فكان الموظف متجاوباً (وإن كان على مضض يشوبه الاستغراب) وعند تنفيذ الطلب، قال له: لا بد أنك حاذق في طريقة الذبح، أنا بانتظارك صباح العيد لترينا مهاراتك، وافق الموظف وهو يكاد ينفجر من الغضب أو من الضحك لا يدري أيهما يقدم على الآخر.. وبالفعل حضر في الموعد وبعد إنجاز المهمة أراد توديع المدير، ولكن هيهات أن يتركه، قال له: عليك أن تتوجه لمنزل الوالدة فهم هناك بانتظارك لتذبح وتسلخ وتقطع أضحيتها، وإنك لعلى أجر عظيم من الله في هذا الصباح المبارك أحسن الله إليك، مع السلامة (هيا لا تتأخر)!!

ومع كل هذا وذاك، فالمؤكد أن نماذج كثيرة قد نالت إعجاب زملاء العمل والرؤساء و المرؤوسين للكفاءة والمهارة وحسن الخلق وعلو الهمة ولين الجانب والحزم في مكانه وزمانه.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد