Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/06/2010 G Issue 13764
السبت 22 جمادىالآخرة 1431   العدد  13764
 
شذرات اقتصادية
السعودة.. هنا يكمن الخلل
د. عبد العزيز إسماعيل داغستاني*

 

على الرغم من عدم دقَّة بعض الإحصاءات المتاحة عن الكثير من قطاعات الاقتصاد السعودي، إلاّ أن ما تفصح عنه بعض الإحصاءات من أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يشكل نحو 86% من حجم السوق، يمكن قبوله بدرجة معقولة من الاطمئنان.

كما تشير الإحصاءات المتاحة إلى أن هذه المنشآت تمثل الحاضن الأكبر للعمالة الوافدة بنسبة قد تصل إلى 90% من إجمالي العمالة فيها، الأمر الذي يفترض أن يجعلها هدفاً أولاً لتحقيق اشتراطات السعودة ويضعها أمام مواجهة حقيقية للموازنة بين تحقيق هذا الهدف الوطني وبين انعكاساته على هيكل التكاليف فيها، مع قبول الافتراض بأن تكلفة استخدام العامل السعودي أعلى من تكلفة استخدام العامل الوافد، وما يتبع ذلك من التباين بين ساعات عمل العامل السعودي والعامل الوافد وأثر ذلك على التكاليف. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن إنشاء معظم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا يقوم على أسس علمية أو دراسات جدوى اقتصادية، أو رؤية إستراتيچية طويلة الأجل، وهو ما يعكسه الموت المفاجئ لنسبة كبيرة من هذه المنشآت، فإن تلك الموازنة قد تصب النار على الزيت، إن لم تتمكن تلك المنشآت من إعادة هيكلة تكاليف مدخلات الإنتاج، وفقاً للمتطلبات العلمية والأنظمة الرسمية. والسؤال.. من يتحمل مسؤولية إخفاق هذه المنشآت؟ في الإجابة على مثل هذا السؤال، يجب أن نبتعد عن العاطفة ونتصدَّى لهذا الواقع بموضوعية ومهنية، بحيث نسمِّي الأشياء بمسمَّاها الحقيقي حتى نضمن سير فعاليات الاقتصاد وفق أسس وقواعد اقتصادية بعيداً عن أي مؤثرات أخرى لا تخدم الاقتصاد في الأجل الطويل. ولهذا فإن المسؤولية تقع في المقام الأول على عاتق أصحاب هذه المنشآت الذين يريدون البقاء على حساب الآخرين، والتغاضي عن اشتراطات السعودة، ذلك لأن توظيف الشباب السعودي لم يعد مطلباً اقتصادياً ملحاً فحسب، بل هو ضرورة يفرضها الواقع الاجتماعي الجديد الذي يجب استيعابه حتى لا تفرز البطالة سلوكاً اجتماعياً جديداً قد يقود المجتمع السعودي إلى مرحلة يصعب التحكُّم فيها في المستقبل، ويكون تأثير ذلك بالضرورة على أمن البلاد واستقرار الاقتصاد.

من هنا فإن إنشاء أي منشأة اقتصادية يجب أن يحتكم إلى أبجديات الاقتصاد التي تستند بدورها على الأسس والقواعد العلمية، والأنظمة الرسمية التي تنظِّم السوق، ومراعاة ذلك عند إعداد هيكل التكاليف. وفي مثل هذه الظروف، يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن؛ وعلى أصحاب هذه المنشآت الالتزام بتطبيق اشتراطات السعودة التي تحقق مصلحة عامة يفترض أن تتقدم على المصالح الشخصية الضيقة.

* رئيس (دار الدراسات الاقتصادية) - رئيس تحرير مجلة (عالم الاقتصاد) - الرياض


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد