Al Jazirah NewsPaper Sunday  20/06/2010 G Issue 13779
الأحد 08 رجب 1431   العدد  13779
 
مسؤولية
نحن والقيم ولغة العقل
ناهد سعيد باشطح

 

فاصلة:

(ليست الأشياء قط كما هي، بل كما تبدو)

«حكمة إسبانية»

تشكيل الأفكار والقيم ليس أمراً سهلاً لأنه يسيّر حياتنا، إذا أردت أن تتنبأ بسلوك أحد ما فتعرف إلى أفكاره وقيمه أولاً.. مشكلتنا أن تشكيل القيم وبنائها لم يعد كما السابق مسؤولية الأسرة بل أصبحت المدرسة والمسجد ووسائل الإعلام وسائط تسهم في تشكيل القيم.

على سبيل المثال فإن وسائل الإعلام بكل ما تحمل من مغريات التغيير السريع تستطيع أن تشكل قيماً لا يستطيع الوالدان بوسائل تقليدية تشكيلها في وجدان الطفل. أصبحنا نستسلم لما يمر أمام أطفالنا في الحياة من صور فيؤثر في وجدانهم دون إدراك أن الصور تختزن ومن ثم تبني القيم.. بمعنى الطفل الذي يرى والديه يلتزمان بالصلاة في وقتها وتسجل ذاكرته صور السجادة والقرآن يختلف عن طفل لا يشهد المنظر بالرغم من أن والديه يأمرانه بالصلاة باستمرار ويسمعانه الكثير من التوجيهات والنصائح.

القيم لا تبنى بالقول بل تؤسس عبر ما نسلكه أمام أطفالنا من سلوكيات معتادة نمارسها في تكرار بإيمان واقتناع. معظم السلوكيات الخاطئة التي يرتكبها الشباب هي جزء من قيمهم يترجمونها إلى سلوك..

الموظف الذي يتغيب عن وظيفته دون إحساس بالمسؤولية اختزنت ذاكرته صوراً عدة لأب يتغيب عن الوظيفة وأم تنام كثيراً ولا تعمل سواء في البيت أو خارجه. وعندما تسأل هذا الموظف عن غيابه غير المبرر تجده لا يشعر بالخطأ، هو يتصرف حسب قيمه، والعمل لا يشكل لديه قيمة قوية، فهو من خلال عبارات الاستهتار مثل: «العمر يخلص والشغل ما يخلص» مثلاً يرسخ قيمة للتكاسل أو التهاون.

علينا لأجل جيل قادم أن نهتم كآباء بسلوكياتنا لأنها تشكل قيمهم وتترجم سلوكهم فيما بعد. سلوكنا هو ترجمة لقيمنا، هو تعبير عن أفكارنا التي تسيرنا ونترجمها إلى سلوك لذلك فإن أي سلوك هو في الأصل فكرة مترجمة. إن تغيير أفكارنا ليس أمراً مستحيلاً، بل إن في ذلك تسيير لكثير من الأمور في حياتنا.

مشكلة البعض أنه لا يناقش حتى أفكاره، يرثها لأنها سائدة ويقتنع أنها صحيحة لمجرد استمراريتها، ربما لو فكر قليلاً في أفكاره لتغيرت حياته إلى الإيجابية، بعضهم يخبرك بقواعد يتبعها في حياته ناتجة عن فكرة معينة، ولو سألته عن جدواها لما عرف، فقط هو اعتادها ولذلك هو مقتنع بها.

ماذا لو استطعنا أن نكف عن اللهاث لنتأمل حياتنا ونركز لماذا نسلك هذا السلوك ونتجنب السلوك الآخر؟.

لماذا لا نتعلم أن نقول لعقولنا لماذا؟.



* nahedsb@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد