Sunday  24/10/2010 Issue 13905

الأحد 16 ذو القعدة 1431  العدد  13905

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

           

أخي العزيز يوسف: نشرتَ في الخميس الماضي مقالاً تحدثتَ فيها عنّي، وقد تقوّلت عليَّ، وجعلتني أقول ما لا يمكن أن يقنعني، خاصة في فقرة تخصّ أهالي (العيص) المنكوبين، تعليقًا على تصريح مدير عام المصروفات بوزارة المالية المتعلّق بصرف تعويضاتهم المنتظر بعد أكثر من عام، فلا يمكن أن أتحدّث عن مكان لا أتواجد فيه ولا أشهد عليه، فالناس هناك لديهم خيام وأكواخ صفيح، وحين أتحدّث عن معاناتهم لا بد أن أكون حاضرًا هناك، كي أنصّت إلى همومهم، وأيضًا ليجدوا ما يستندون عليه، أو يخبطون رؤوسهم فيه عند الحاجة! لذلك أعتذر من هؤلاء المغلوبين على أمرهم، إن لم يسعدوا بي أو بإخوتي الجدران، الذين هم عزاء المقهورين، فهؤلاء مصيبتهم أكبر من الخبط على مجرّد جدار مثلي!

الأمر الآخر يا عزيزي يوسف، أنت تحدّثت عن الجدران وكما لو أنها شيء واحد، رغم أنها مختلفة، فهل أنتم البشر سواسية؟ ألا يوجد بينكم الطيّب والمخلص، كما الشرير الخائن؟ نحن أيضًا بيننا أنواع مختلفة من الجدران، جدار مائل وجدار عدل، جدار أرستقراطي مكسو بالرخام أو الحجر، وجدار فقير مسحوق أعزل مبني من البلوك فحسب، جدار متين وقميء كجدران السجن، وجدار عازل كالجدار الإسرائيلي القبيح، جدار يحمي من البرد، وجدار يمنع من الحرّية! الأمر المهم أننا نحن معشر الجدران شاهدون على قضايا كثيرة، لا مجال لذكرها، فما تظنونه، أنتم البشر، سرّياً وغير مكشوف، نحن نكتشفه وننصت إليه، فكم من الخيانات والسرقات والمؤامرات والرشاوى شهدنا عليها، وأتحداك أن تقبل بها وتصدّقها أو تنشرها في زاويتك، بل حتى لو امتلكتَ الجرأة ولم تحذفها من رسالتي، فسيطالبك رئيس التحرير بحذفها! أحد الجدران الصديقة التي تسكن في بيت الراقي الذي صرّح قبل أيام بجريدة عكاظ بأن القاضي أو كاتب العدل المتهم بالفساد كان يزوره منذ عامين لمعالجته بالرقية ضد السحر، يقول بأننا نحن الجدران أكثر نزاهة وصدقًا منكم أنتم البشر، وقال بأنه لديه أسرار مهمة عن هذا المكان، بعضها مضحك إلى درجة البكاء، وبعضها محزن، ولو عرف عنه مراسل الجريدة الذي يتابع قضية الفساد تلك، لركض إليها حالاً، ولكن: هل سيصدقه القرّاء حينما يكتب عن اعترافات جدار شاهد على قضية فساد؟! طبعًا لا، فالقارئ اليوم أصبح ذكيًا جدًا، لا يمكن خداعه أو الضحك عليه، ويكفيك تعليقات القراء والمجتمع على حكاية هذا القاضي المسحور، وسخط المجتمع على طلب المحكمة في المدينة بتدوين العبارات التي كان يطلقها القاضي عند النفث عليه، كي تكون دليل إثبات براءته! هل ستكون كلمات الجنّي الساحر الشرير دليل براءة في محكمة! بالمناسبة الجنّ لا يعترفون بنا، ونحن لا نستطيع أن نحتجزهم مثلما نحتجزكم، فكيف سيُسجن الجنّي المتهم بالمساعدة على الاختلاس؟! طبعًا أكيد القراء الذين تابعوا هذه القضية، سيطالبونني أنا الجدار الصديق بأن أتصل بأخي الجدار الذي يخفي المتهم الهارب، كي يخبرنا في أي دولة يقيم الآن، وفي أي فندق خمس نجوم يستمتع؟ ولكن لدينا نحن الجدران أعراف دولية نحترمها، ولا يمكن أن نخونها! المهم يا عزيزي، أخبر قراءك الكرام، بأن لا يستهينوا بالجدار الذي يستندون عليه الآن، فهو ينصت إليهم ويفهم، أليس للجدران آذان؟

إذن ليفضفض أحدهم لو ضاقت الدنيا عليه، ولو كانت حالته صعبة فليخبط رأسه به، فنحن نتحمّل كثيرًا.

على فكرة، الجدار خلف رئيس التحرير الآن، ينصت إلى سخط الرئيس أو آهاته حينما يكمل قراءة رسالتي، وقد يسأل نفسه لِمَ ينشر يوسف رسالة جدار؟ ضاقت؟!



 

نزهات
رسالة عاتبة من السيد: الجدار
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة