Sunday  24/10/2010 Issue 13905

الأحد 16 ذو القعدة 1431  العدد  13905

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

مستواها أضعف من الحكومية
مدارس أهلية.. تتقوى بالوزارة!

رجوع

 

سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك - سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد اطلعت على ما نُشر في صحيفة الجزيرة في عددها (13888)، وتاريخ: 28-10- 1431هـ، في مقال بعنوان: (من يوقف تجاوزات المدارس الأهلية؟)، بقلم الأستاذ: محمد بن عبد العزيز الفيصل.

بداية، فإن الجدل يستمر حول فاعلية التعليم الأهلي؛ كون مدارسه مؤسسات تعليمية وتربوية، تعبر بتكويناتها وكينوناتها المختلفة عن السمات العامة للمجتمع، مع التأكيد على أن انتشار المدارس الأهلية يعتبر ظاهرة تربوية صحية؛ حيث ساهمت رغم ما يعتريها من بعض السلبيات في التخفيف من العبء الملقى على عاتق المدارس الحكومية.

لنتفق على أن التعليم رسالة، والرسالة أمانة؛ لذا فإن التعليم هو أحد مرتكزات التنمية، وعصب التطور في المجتمع؛ لقدرته على إدراك الرأي العام للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية كافة، ولا يمكن أن تؤدي تلك الرسالة إلى مخرجات تعليمية مميزة قادرة على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل إلا إذا كانت كذلك.

ما أشار إليه الأستاذ محمد، من تدني رواتب المعلمين الزهيدة؛ بسبب التسلط الوظيفي، الذي يمثل متوسط الراتب ما بين الألفين، وثلاثة آلاف ريال، هي رواتب قليلة - بلا شك - مع أن المعلم لا يعطى راتب سنة كاملة، وإنما يعطى راتب عشرة أشهر، أو تسعة فقط ؛ ما أدى في المقابل إلى انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية بين معلمي المدارس الأهلية، كل ذلك بسبب قلة رواتبهم، وهضم حقوقهم المالية. ولا تسل - حينئذ - عن كرم الدرجات، وسهولة الاختبارات، وتجهيزاتهم للملخصات الجاهزة؛ من أجل ضمان النجاح بأي شكل كان؛ أرضاء لأولياء أمور الطلاب؛ وبالتالي فإن العملية التعليمية تحولت إلى عملية تجارية، حمَّلت الأسر مبالغ باهظة في السنة، دون تحصيل علمي مرموق بل إن بعض إدارات المدارس الأهلية تطالب مدرسيها بأن تكون النتيجة في سنوات النقل 100 %؛ ما جعلنا نراهن على أن المستوى التعليمي العام لتلك المدارس الأهلية أقل بكثير من المدارس الحكومية، ولا يتناسب حجم الإنفاق المادي مع مخرجاتها التعليمية؛ ما يضعها في قفص الاتهام، حتى علَّق أحد أساتذة تلك المدارس الأهلية بالفم المليان بأن مدير المدرسة قال له بالحرف: «المدارس الأهلية مثل البقالة، والطلاب هم الزبائن، ونحن هنا لخدمة الزبون، ويجب علينا أرضاء الزبون بكل الوسائل»! وأيده أستاذ آخر، حين قال: «من خلال تجربتي في التعليم فإنني أقولها لكم: إنما هي مؤسسات استثمارية، همّها ومصلحتها المادة فقط، والدليل على ذلك أن معظم طلبتها يتركونها فارين إلى المدارس الحكومية». ولذا فلا غرابة حين كشفت نتائج اختبارات الثانوية العامة بشقيها (الأدبي والعلمي) قبل سنوات قليلة عن وجود خلل كبير في المنظومة التعليمية، وبخاصة في قطاع التعليم الأهلي. وإنه لمن غير المعقول أن تنفرد مدرسة بحصول أكثر من عشرين طالباً فيها على نسبة: (100 %) في حين أن هناك مدارس أخرى يُشهد لها بالانضباط والتميز والنوعية للقائمين على العملية التعليمية فيها، ومع هذا لا نجد فيها سوى طالب أو طالبة من الحاصلين على هذه النسبة (100 %)، أو لم نجد فيها أصلاً مَن يحصل على هذه النسبة.

أما المفاجأة غير السارة لأولياء أمور الطلبة والطالبات هذا العام، التي أشار إليها الأستاذ محمد، فهي قرار عدد من المدارس الأهلية للبنين والبنات زيادة رسوم الدراسة فيها بنسب تتراوح ما بين 10 % و15 % من رسوم العام الماضي، بدعوى تحسين رواتب المعلمين والمعلمات. وقد أكّد مسؤولون في وزارة التربية والتعليم أنّ «الوزارة لا تملك صلاحيّات بشأن رسوم المدارس الأهلية، وأنّ مدارس الحكومة مفتوحة لكلّ مواطن مجّاناً». ومثله قال - رئيس لجنة التعليم الأهلي - في غرفة الشرقيّة للتجارة والصناعة، رشيد الحصان: «إنّ تحديد الرسوم الدراسيّة أمر داخليّ، وكلّ إدارة مدرسة بإمكانها أن تقرّر الرسوم التي تراها مناسبة لما تقدّمه من برامج تعليميّة، وما ستقدّمه من رواتب لمعلّميها». وبشأن دور وزارة التربية والتعليم في ضبط مصاريف ورسوم المدارس الخاصّة قال المدير العام للتربية والتعليم للبنين في المنطقة الشرقيّة د. عبد الرحمن المديرس: «إنّ هذه المدارس تعدّ قطاعا خاصّا، وعملية تحديد الرسوم غير ممكنة على أيّ مدرسة». فإذا كانت هذه هي أجوبة مسؤولي الوزارة فكيف نطالبهم بعد ذلك بضرورة وضع سقف أعلى؛ لمنع زيادة نسبة رسومها دون ضوابط أو قيود؟ مع أن هذه الزيادة المستمرة في الرسوم غير منطقية، بل مبالغ فيها. وهي في الوقت نفسه لا تتناسب مع مستوى الخدمات التعليمية المقدمة، سواء على مستوى المدرسين، أو على مستوى الأنشطة المقدمة، أو على مستوى التجهيزات المدرسية، كما لا تتناسب والتوسع في القطاع التعليمي، وزيادة أعداد المدارس الأهلية، وهو قرار لن يفيد تعزيز المنافسة في هذا المجال الحيوي، وسيترتب عليه بطء في مواكبة هذه الزيادة. ثم إن تضارب الأنظمة الحالية، ووقوفها ضد انفتاح الاستثمارات التعليمية، من شأنهما أن يُضرّا بالعملية التعليمية من جهة، وعدم تحفيز الاستثمارات التعليمية من جهة أخرى، وهذا بلا شك سيظهر جلياً بشكل غير إيجابي خلال الأعوام القادمة؛ وبالتالي فإنني أعتقد أن متابعة الزيارات المستمرة للمدارس الأهلية؛ لمتابعة عملية تطبيق تلك المدارس للائحة التنفيذية، ومن ثم مراقبة مدى التزام كل مدرسة بالأسس والمعايير المطلوبة، التي من بينها الرسوم الدراسية، هي سياسة غائبة عن أرض الواقع.

من جانب آخر، فإن قبول أساتذة المدارس الأهلية العمل خارج النطاق الوظيفي لمهامهم، عن طريق زيادة عدد ساعات عمل طويلة، أو إحضارهم في يوم الخميس دون مقابل، هو نوع من أنواع التعسف في استخدام السلطة، مع أن كثيراً من تلك المدارس لا تتطابق مع المواصفات المدرسية؛ فأغلبها منازل مستأجرة، لا تجد مساحات واسعة فيها؛ من أجل إقامة المناشط اللاصفية «الثقافية والرياضية والفنية»، كما لا تجد قاعات مخصصة لتعليم اللغة الإنجليزية والحاسوب، ومع هذا فهم يظهرون أنفسهم خلافاً للواقع؛ حتى يحصلوا على أكبر عدد ممكن من الطلاب، إضافة إلى عدم الاهتمام بسعة الفصول، وعدد الطلاب، ووسائل الترفيه المصاحبة لتلك الفصول، بما يتناسب مع المناخ العام الذي تعيشه المملكة. وهذا لا ينفي أن هناك قلة من المدارس الأهلية حسب المواصفات الحديثة، وتدار بأساليب متطورة، وهي بلا شك مدارس طموحة، تحقق الجوانب التربوية والتعليمية التي تصقل مواهب وقدرات الطلاب، وهو ما يؤكد أن الاتفاق على تحديد عناصر الجودة والتميز لتلك المدارس؛ حتى يمكن متابعتها، ومدى تحققها على أرض الواقع، مطلبٌ مهمٌ.

د. سعد بن عبدالقادر القويعي - drsasq@gmail.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة