تقدمت سيدة مصابة بجرح من عيار ناري إلى الشرطة مرتين بدعوى ضد زوجها، وكانت فحوى شكواها إدمانه على تعاطي المخدرات إلا أن الشرطة طردتها خارج المبنى ما لم يكن معها ولي أمرها للاستماع إلى شكواها. وبطبيعة الحال اختارت المرأة ألا تتقدم بالشكوى لأن ولي الأمر هو الجاني. وحين أطلق عليها زوجها النار للمرة الثالثة ماتت متأثرة بجراحها في مستشفى الحرس الوطني في الرياض.
وتحجم الشرطة عن التدخل في المشاكل الأسرية من باب الورع والتقوى! أو عدم الدخول في (مشاكل الحريم) ولا ترى غضاضة في ترك المرأة فريسة للرجل مهما كانت خطورة ذلك عليها ! فالمرأة السعودية هي الوحيدة من بين نساء العالمين التي لا يتوفر لها نظام يحفظ لها آدميتها، فتغلق أمامها أبواب الشكوى إلا باب الله، فلا تدري أين تذهب ولا لمن تشكو عندما يُشبع جسدها رفساً ووجهها لكماً كل حين بسبب أو بدونه.
ولا يتوقف الأمر على الشرطة فحسب بل إن المحاكم تمارس نفس الأسلوب ضد المرأة بطلب حضور وليها. وهنا تواجه المرأة بالإحباط ولاسيما حين يكون مسيئا لها، وعربيدا، ويتعاطى الخمر والمخدرات، فتلجأ للخلع وإعادة المهر أو أضعافه للتخلص منه، برغم أن سوء خلقه كاف لإثبات حقها في الطلاق بكرامة. ولا يوجد قانون أو تشريع يُجرِّم العنف الأسري، مع استحالة إلغاء ولاية الرجل مهما كان سوء خلقه. حيث تذكر محامية في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن نزع ولاية الرجل حتى لوكان مسيئاً أصعب القضايا التي يمكن توليها، وهو ما قد يتسبب في خوض النساء والأطفال حياة من العنف. وتذكر أن إحدى القضايا استغرقت خمسة أعوام لإلغاء المحكمة وصاية أب أساء لبناته جنسياً. وهو ما يؤكد غيابا سافرا لقوانين حماية المرأة والأطفال من الإساءة،كما يشير لحاجة المرأة إلى من ينصفها من استبداد وذل الولي. ولو كانت الولاية محصورة على الأنثى القاصر أو المعاقة أو المصابة بأمراض نفسية أو المنحرفة أخلاقيا لكان في ذلك إنصاف وتقدير للمرأة البالغة والعاقلة والمتعلمة والعفيفة بحسب الشرع والعرف.(فالصالحات قانتات حافظات للغيب).
وفي حين أن الدول المتقدمة تحرم حكوماتها على من لديهم إعاقات ذهنية معينة من الحق في اتخاذ القرارات بأنفسهم لعدم أهليتهم، فبالمقابل لدينا فرض قيود الأهلية القانونية على كل النساء البالغات ممن يمتلكن أهليةكاملة!
ومن حيث الجوهر تحرم ولاية الرجل المرأة السعودية من حقها في أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل وهي ما تناقض اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والمساواة بينها وبينه في فرص ممارسة تلك الأهلية. وتعامل النساء البالغات في بلادي على أنهن قاصرات في نظر القانون، ولم يبلغن سن الرشد ! فلا يحق لهن ولا القليل من اتخاذ القرارات المصيرية في كل ما يتصل بحياتهن وسلامتهن، وتطلق يد الولي للاستحواذ على راتبها ولا تستطيع الشكوى لأنها تحتاج إليه لتقف أمام القاضي، وتحتاج لمن يعرّف عليها أمامه وأمام غيره، خاصة أن بطاقتها المدنية غير كافية كإثبات لوجودها وشخصيتها، وفي المحاكم لا يخصص لها مكان يليق بإنسانيتها عدا عن كرامتها حيث تقبع في الممرات والدهاليز مهما كانت عدالة قضيتها ووضوحها وبساطتها، ولا تعطى الوقت الكافي لشرح قضيتها، وكثيرا ما تمنع من التحدث للقاضي! فيتحدث عنها وليها، وفي المقابل يمنح خصمها كامل الوقت! والأدهى أن بعض السيدات لديهن قناعة تامة أن صوتها عورة. وفي تناقض عجيب ينكر على النساء حقهن في اتخاذ القرارات طيلة حياتهن، دون ولي فإن المحاكم لا تتوانى عن تحميلهن مسؤولية أفعالهن الإجرامية لدى البلوغ بل وتقيم عليهن الحدود، دون محاسبة الولي أو تقاسمه العقوبة ومازال السؤال يتردد: متى تبلغ المرأة السعودية سن الرشد؟
www.rogaia.net