Saturday  15/01/2011/2011 Issue 13988

السبت 11 صفر 1432  العدد  13988

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

إن المدن التي لا يشارك سكانها في تقويمها ووضع التصورات لتطويرها ستظل متأخرة عن ركب التقدم والحضارة وستكون مكلفة في إدارتها وصيانتها إلى ما شاء الله. إن سكان المدن ومستخدميها هم أقدر الناس على معرفة نقاط ضعفها وقوتها وبالتالي تقويمها وتطويرها..

أما الحلول الخارجية للمشاكل التخطيطية المحلية المتمثلة غالباً فيمن يأتوا إلينا من خبراء أجانب فهي ستعكس قيمهم أو قيم النظير المحلي المتعامل معهم مهما اجتهد الطرفان... فالتكنوقراطيون بشر كغيرهم ويرون العالم من خلال قيمهم وإن اجتهدوا... وما لم يتم إشراك الساكنين بشكل فعال وحقيقي ومؤثر فسيكون من الصعب التغلب على تلك المشكلات خصوصاً أن السكان هم الذين يتأثرون بشكل يومي بقضايا مدينتهم العمرانية.

وأذكر هنا كيف تعاملت إحدى مدن الصحراء في ولايات الجنوب الغربي الأمريكية مع مشكلة قد تبدو بسيطة للبعض لكن لها علينا كمخططين تأثيرات ومدلولات كبيرة. فقد انتشرت في تلك المدينة ظاهرة الإضاءة القوية فأصبحت بعض المحلات وبعض المباني تستخدم الكشافات ومصادر الضوء القوية للتعريف بمواقعها مما يسبب إزعاجاً بصرياً قوياً لكل من تقع تلك الإضاءات ضمن مرمى بصره. والأصل أن تصريح البناء في الغرب يعطي صاحب الملك حق استخدام الأرض حسب الأنظمة المحلية ودون إحداث أي ضرر لمن هم خارج المبنى سواءً كان هذا الضرر ذا طابع ملموس وواضح مثل التخلص من النفايات أمام مباني المجاورين أو التعدي على مواقف سياراتهم... الخ أو أن يكون الضرر ذا طابع بيئي كأن يصدر المبنى أدخنة أو يقذف بهواء حار إلى المجاورين أو يعكس إشعاعات شمسية مزعجة للمجاورين أو تصدر منه روائح أو أصوات أو أضواء مزعجة بسبب طبيعة الاستخدام القائم فيه.

والشاهد في هذا الموضوع أن تلك المدينة وبناء على عدم رضا السكان من تلك الأضواء وما تسببه من إزعاج لهم قررت إجراء دراسة لمعرفة كيفية التعامل مع هذه المشكلة وبعد فترة وحين انتهت الدراسة توصلوا أن أقصى ضوء تراه العين وترتاح له حتى في الظلام الدامس هو ضوء القمر ليلة وعليه فقد تم سن التشريعات التي لا تسمح لمبنى بأن يرى منه مصدر ضوء تزيد شدة إضاءته، حسب ما تحس بها العين البشرية، عن شدة ضوء القمر ليلة البدر .. لذا من يسير في تلك المدن ليلاً يقدر ذلك كثيراً... طبعاً هذا لا يمنع أن يتم وضع كشافات في المباني أو ما شابهها بشرط أن تكون موجهة للمبنى وتكون فوق مستوى رأس الإنسان بمسافة كافية على أن لا ترى عين المارة مصدر الضوء المباشر. ولو لم تكن هذه المدينة لها أمينها أو محافظها الخاص ومجلسها البلدي الرقابي الذي يعكس هموم الساكنين لما استطاعت الخروج بمثل تلك الحلول المميزة.

 

تخطيط المدن والاحتكام إلى ضوء القمر
د. خالد بن سكيت

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة