Monday  17/01/2011/2011 Issue 13990

الأثنين 13 صفر 1432  العدد  13990

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

الله يبدأ الخلق ويعيده، ويعدل ويبدل فيه كما يشاء. حفريات علماء الآثار وتقديرات أعمار الأحافير بدراسة الكربون المشع وتحاليل الأحماض النووية المتحجرة والمحبوسة في أصماغ النباتات (الراتنجات) قادت إلى الاستنتاج أن الأرض كانت في إحدى حقبها القديمة مأهولة بكائنات حية هائلة الأحجام تعيش في بيئة فطرية خصبة جدا بلغ فيها حجم بعض الكائنات النباتية والبرية والبحرية مقادير لا يتخيلها العقل. حصل حدث ما، ضخم وكارثي جدا، أطبق على الأرض فهزها وخضها وأغرقها بماء بحارها وحجب عنها بالغبار المتطاير منها نور وحرارة الشمس لأحقاب طويلة من السنين. مات كل ما هو كبير وضخم على اليابسة بسرعة وكمنت أنطاف الكائنات الدقيقة والصغيرة والبحرية في الكهوف والمستنقعات والبحار. بعد فترة كمون طويلة عادت الحياة بقدر الله من جديد على الأرض، ولكن تحت ظروف جديدة وبإمكانيات غذائية مختلفة. الحياة في البحار عادت بسرعة نسبية إلى ما يشبه ما كانت عليه، أما على اليابسة فلم تعد الكائنات المهولة الأحجام إلى الظهور مرة أخرى واستبدلت بكائنات تشبهها في بعض الأمور وتختلف عنها في الكثير منها. من تلك الحيوانات البرية التي انقرضت الديناصورات، وقد كانت حسب الاستنتاج العلمي من الحفريات أكبر الحيوانات على اليابسة على الإطلاق. ظهرت كبديل لها كائنات لها مناقير صلبة وأعناق طويلة ومخالب قوية وشكل انسيابي تشبه الديناصورات في خصائص كثيرة، لكنها صغيرة الأحجام ومزودة بأجنحة بحيث تستطيع الطيران عند الحاجة وتعشش وتتوالد فوق الأشجار وقمم الجبال.

لم تعد الضخامة والقوة بدون دماغ متناسب مع الحجم الهائل كافية للمتطلبات والإمكانيات الجديدة للحياة على الأرض.

ما يستنتجه علماء تطور الحياة على كوكب الأرض هو أن الديناصورات الهائلة الحجم والقوة كانت تعيش في بيئة فطرية غنية بالطرائد والإمكانيات الغذائية، لكن حجم جمجمتها، وبالتالي كمية الدماغ الذي تختزنه صغير جدا قياسا إلى الجسد الهائل. تلك المواصفات التي كانت كافية لسيطرتها على الأرض في أحقابها الفطرية القديمة أصبحت من أسباب انقراضها عندما تغيرت الظروف، وكل شيء بقدرة الله الذي استبدلها بخلق جديد.

العبرة الإلهية في الخلق مودعة في مخلوقاته، وعلى العاقل أن يعتبر ويتكيف. القدرة على التكيف مع ظروف الحياة ومستجداتها جعلها الله في دماغ الإنسان أي في عقله، وليس في عضلاته أو لسانه أو عواطفه. القوة دون العقل أقصر طريق إلى الانقراض. التطور البشري للحضارات ونتائج التدافع فيها تخضع لنفس القانون. عقل الديناصور كان صغيرا بالنسبة لحجمه فانقرض، وعقل الطائر أصبح مناسبا لحجمه فتكيف وطار في فضاء السماوات.







 

إلى الأمام
انقرض الديناصور وحلق الطائر
د. جاسر عبد الله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة