Saturday  22/01/2011/2011 Issue 13995

السبت 18 صفر 1432  العدد  13995

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

** في زمنٍ مضى خشي الغُيُر على اللغة العربية والثقافة الجادة من مزاحمة صفحات الشعر العامي ونصوص الشعر الحديث، وربما عدَوا قصيدة التفعيلة خطرًا وبرنامج البادية معول هدم، وأقرؤونا صغارًا الكتب الممتلئة بالفكر التآمري على وحدة الأمة؛ فلم يبقَ من نثق بهم إلا ثلةً منتقاةً تمثل توجهاتٍ محددة أو لنقل: أدلجة غيرَ معلنةٍ تشي بأحادية فكرية شِيءَ سوقُنا إليها بأهدافٍ أغلبُها نبيل ومبرر.

** للتجاذبات السياسية آنذاك تأثيرُها الكبير على صنع التيارات؛ ليأتي - في الطرف المقابل - من لا يرى مؤامرةً أو يخشى من تغيير، و هو ما صاغ المنحنيات الثقافية التي مر بها الناس خلال العقود الماضية، وما تزال ماثلةً في عمليات التصنيف التي تَبرز عناوينَ جاذبةً لشخوصٍ وتيارات ومواقف.

** يبدو هذا في المستوى النخبوي؛ لكنه - في المسار الشعبي - مختلف؛ فلم تعد مشكلةُ الجماهير الباحثة عن كفافها التعاملَ مع حداثي أو تقليدي، ومنغلق أومندلق، وعلماني أو أصولي؛ بل مع الطائفيين والقبليين والإقليميين والمنتخين بأصلهم وفصلهم والمستبدين في مناصبهم ومن يتعمد المشقة على الناس في أرزاقهم، وباتت حوارات المثقفين - في أغلبها - ترفًا لا تُهم إلا المتخصصين.

** لم تعد فضاءاتُنا مسكونةً بالشعر والمشاعر، بل بأحداث يُنسي آخرُها أولَها، وليس لمعلوماتنا الجغرافيةُ ثبات؛ فالوطن العربي ازداد تشظيًا، ووزارات التربية ستنشغل بتجديد مقررات الجغرافيا؛ ودروس العراق والصومال وتونس ولبنان والسودان ومصر وسواها أهم بالتأكيد من نظريات القرطاجني والجرجاني ونازك الملائكة.

** في المنتديات الشبكية المفتوحة على كل التكوينات الثقافية تثار قضايا الوطن والأمة بشكل معتدل يتماهى مع قراءة الغد، وآخرَ مشبوهٍ قد يأذن لنظرية المؤامرة التداخل فيه؛ ما يجعل المسؤولين مساءلين عن استيعاب المتغيرات والنأي بأجهزتهم عن مزادات المصالح الخاصة ورغبات الأهل والجماعة، وما يجعلنا متطلعين إلى صياغة جديدة للقاءات مركز الحوار الوطني غير المجدية حتى تاريخه في تقديم حلول عملية للفقر والبطالة والتقسيمات العلنية والسرية للوظائف وتخطي مبدأ الجدارة والأهلية؛ ما لا نحتاج معه إلى ندوات وخطابات وانتدابات؛ فالوطن كله - بكل ذرة رمل - هو المنطق والمنطلق، ولا لغةَ فوق لغته.

** اليوم قفز الرأيُ فوق حواجز معتقليه ولم يعد حكرًا على أعمدة الصحافة الرسمية وعبر القنوات المراقبة بل عبر الوسائط الذاتية التي انفتحت في الفضاء السايبروني الذي يسهم بتخليق فكر الشباب وتوجهاتهم وحواراتهم وطرائفهم وأفراحهم وأحزانهم، ومن يتجاوزها بدعوى فوضويتها وعبثيتها وعدم انتشارها يكرر خطأ تجاهل إرهاصات الإرهاب الذي تكونت خلاياه تحت السمع والبصر بلافتات متنوعة أفرزت أحداث الحرم (1980م) والصحوة (1990م) والقاعدة (2000م) وما سبقها ولحقها من تخطيط وتدبير.

** وجِمَاعُ الحكاية فوارقُ بين الواقع والمتخيل في الآتي؛ فالمؤدلجون يرسمون شكلاً يتمناه المحبطون من انتكاسات قرون، لكن توهماتهم تعوق مشروعهم ومشروعيتهم، وحين يأتي التحديثيون برؤيةٍ فوقية فإن الشارع لا يلتفتُ لجدلياتهم، والمتورطون في الأنا والطائفة والقبيلة غائبون عن معطيات الزمن العولمي؛ حيث التشابكات التي خلقت قواسم مشتركةً بين شباب لا تربطهم لغة ولا دين ولا دم يلتقون في مواقع فضائية ويشجعون أنديةً عالمية ويتابعون أفلامًا هولوودية، ولا يعنيهم الموروث والمبثوث؛ فمن يعانق أفهامهم واحتياجاتهم ونداءاتهم؟

** نكبر فنظن أن لنا المكانَ كما كان، وننسى أن أجيالاً نشأت وتنشأُ لا تدري أي بيئةٍ أنجبتنا وأي ثقافةٍ احتوتنا وأي محافظةٍ شدتنا بوثاقها حتى انفلتت الخيوط وتبعثرت الخطوط وتحرر اللسان والساق.

** الاستشراف بداية.

 

أحادية أم وحدة..؟
د. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة