Sunday  23/01/2011/2011 Issue 13996

الأحد 19 صفر 1432  العدد  13996

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

الخطأ الطبي أمر وارد الحدوث حتى في أفضل الأنظمة الصحية؛ لأن العمل الصحي ليس مثل الصناعة يمكن ضبط عملياته وفق خط إنتاج مبرمج لا يحيد عنه، وإنما هو عمل تتداخل فيه القدرات المهنية والعوامل الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية وغيرها. لكن المؤسسات الصحية المتميزة هي التي تقلص فيها الأخطاء الطبية إلى أقل نسبة ممكنة. قبل أن نتطرق إلى كيفية حدوث الخطأ الطبي نشير إلى أن الخطأ يمكن أن يصنف إلى درجات ثلاث:

- الخطأ البسيط الذي لا يسبب ضرراً كبيراً ويمكن تلافي أثاره بشكل سريع.. مثال: حدوث خطأ في وصفة طبية لا تسبب ضرراً كبيراً، ويمكن تلافيها عبر تغيير نوعية الدواء أو جرعته.

- الخطأ المتوسط والذي قد يكون له ضرر لكنه لا يكتشف بسهولة من قبل غير المتخصصين، وغالباً ما يختلط فيه الأمر هل هو خطأ أم مضاعفات مقبولة وبعضه يتم تداركه وبعضه يعيش معه المريض. كأن يحدث التهاب في العملية ولا يدرك هل الأمر مضاعفات طبيعية أم أنها نتيجة خطأ في الإجراءات والتعقيم وغير ذلك. أو يحدث فشل في وظائف أحد الأعضاء نتيجة أدوية خاطئة.. إلخ.

- الخطأ الكبير والذي يقود إلى إعاقة أو وفاة أو مضاعفات مزمنة، مثال: بتر عضو خطأ أو التسبب في إعاقة أو وفاة ما.

بعد هذا التصنيف المبسط يمكن القول بأن غالبية الأخطاء التي توثق في الأنظمة الصحية المتواضعة هي تلك الأخطاء الكبيرة، بل إنه يمكن القول بأن غالبية ما يتم توثيقه في مستشفياتنا هو ذلك الذي يكتشفه أو يشتكي منه المريض أو ذويه، والمريض كما قلنا لا يكتشف سوى الأخطاء الكبيرة، أما ما دون ذلك فلا يكتشف أو يتم ستره من قبل المعنيين. لذلك نجد أن إحصائيات الأخطاء الطبية لدينا تظل محل شك ونلجأ في الغالب للحديث عن القضايا الطبية وليس الأخطاء الطبية. هذه النقطة بالذات تفند آراء أولئك القائلين بأن نسبة الأخطاء الطبية لدينا لا تختلف عن مثيلاتها في الدول المتقدمة.

عند الحديث عن نظم صحية مثالية، يفترض وجود آلية يقوم فيها الممارس الصحي (الطبيب، الممرض، الصيدلي، الأخصائي، الفني، وغيرهم) بالتبليغ عن الخطأ الذي يكتشفه، لكن في نظمنا الصحية لا يوجد مثل هذا النظام ولا يوجد اكتشاف للأخطاء قبل أن يشتكي منها المريض، اللهم في حالات الوفاة التي توجد ببعض المستشفيات لجان تدرسها وتحلل حدوثها وغالباً ما تتحول تلك اللجان إلى شكلية.

لماذا يحدث هذا؟ لعد أسباب منها؛ أولاً: عدم وجود الحماية الكافية للشخص المبلغ عن أي خطأ فتحدث هنا المجاملات، ثانياً: عدم استقلالية المهن الصحية وتقدير كل منها للآخر، فالتمريض نجده تحت إدارة الطبيب وفي حال إبلاغ الممرض عن خطأ فإنه يعاقب من قبل الطبيب بحكم التراتبية الإدارية والسلطوية وهكذا، ثالثاً: بسبب تعدد خلفيات العاملين في القطاع الصحي وحدوث مجاملات للجنسية الواحدة والمرجعية الفئوية، والمهنية، وغير ذلك. وبالذات في ظل قطاع قد يتسبب فيه الإبلاغ عن خطأ إلى فقدان الأجنبي وظيفته ومصدر رزقه.

ألم نقل بأن تركيبة القطاع الصحي معقدة، وتركيبته الإدارية كذلك معقدة وقابلة لحدوث التجاوزات المهنية والإدارية بكثرة، وحينما يدرك القائمون أو المسيطرون على هذا القطاع بأن أي إصلاح قد يزعزع مكانتهم داخل القطاع ذاته فإنهم يتجهون للانحياز سواء المهني أو غير المهني تجاه بعضهم البعض.

يتبع..

malkhazim@hotmail.com
 

نقطة ضوء
الخطأ الطبي: كيف يحدث - 1
د. محمد عبدالله الخازم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة