Monday  24/01/2011/2011 Issue 13997

الأثنين 20 صفر 1432  العدد  13997

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

فلا تظنن أن الجوع يبتسم.. إضافة حرف الياء بين الشين والراء أعلاه أقصد بها ترطيب الأجواء قبل الدخول في موضوع الجوع، مع أن أجواء الجوع لا يرطبها سوى الدخل المنتظم وتوفير الكرامة. ثلاث لا يعرفها ثلاثة، حرارة الجوع في المعدة الخاوية، ولسع البرد على الجسد العاري، ومرارة الانتظار في حلق العاطل العاجز عن تحصيل حقوقه الإنسانية الأساسية. الثلاثة الذين لا يعرفون تأثير هذه الثلاث هم المستثمر الذي يريد للشاب أن يأكل ويشرب ويتزوج ويسكن ويغطي كافة نفقاته المعيشية من ألف وخمسمائة ريال، يليه الفقيه الذي يريد للفتاة العاطلة وأم الأولاد المحتاجة وزوجة الرجل العاجز والأرملة أم الأيتام أن تعيش عفيفة مستورة على الكفاف، فيحلل لها ويحرم عليها من أبواب الرزق ما يراه بأسانيد خلافية غير متفق عليها، أما الطرف الثالث فهو الحكومة الوطنية المسئولة عن الطرفين الجائع والمجوع حين تجامل صاحب المال وصاحب المنبر على المحتاج ذي المسغبة.

أستطيع تجاوزاً إيجاد بعض عذر للمستثمر حين يكافح مستميتاً لتحديد أجور العمالة الوطنية عند مستوى أو ما دون أجور العمالة الأجنبية، لأن ذلك يعطيه ثلاث ميزات على الأقل، التحكم في ساعات العمل بما يشبه الاسترقاق وتوفير الأموال وسهولة التخلص من الأجنبي عند الاختلاف معه بدون عقبات تذكر، وهذا حسب الحاصل على أرض الواقع فدعونا من الحقوق النظرية على الورق. كذلك من الممكن إيجاد بعض العذر للفقيه المتشدد؛ لأنه يطبق ما تعلمه من سلفه ويعلمه لخلفه من كتب التراث الفقهي الصامدة في وجه التغيرات المعيشية بقضها وقضيضها. الفقيه المتشدد يخشى أن يبدي ليناً وتيسيراً فقهياً هنا أو هناك فتقل هيبته ويستسهله مناوئه وينفضّ عنه مريدوه. يتشبث هذا النوع من الفقهاء بفقه التشدد لأنه يرى أنه على حق ويقوم بواجبه الشرعي المعتمد على فقهه القديم الذي لا يريد التفريط فيه. أما مسائل الهيبة والاستسهال وجذب المريدين فتلك أمور تقع في خانة الهاجس الذي لا يناقش رغم أهميته الوجاهية والمعيشية والأخلاقية.

يبقى الطرف الذي لا عذر له وهو الحكومة الوطنية فهي في النهاية مسئولة عن شؤون المواطنين كلها وكلهم من المهد إلى اللحد، وهي التي تشترط الولاء الوطني الذي لن ينازعها عليه أحد إلا جائع أو عار أو مقرور أو مسلوب كرامة. الحكومة تعرف أن الأخذ بخاطر الأثرياء والفقهاء لا ينفعها إلا في فترات الرخاء الاجتماعي، لكنهم يصبحون عبئاً عليها إذا ساهموا في مراكمة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وعلى رأسها الفقر. الفقر يفتح الأبواب لكل الكبائر والموبقات وبالذات تلك التي يريد الفقيه المتشدد سد الذرائع دونها.

الاستقرار الغذائي والقضائي والصحي والتنمية البشرية المستدامة للمستقبل، هذه كلها أمور من صميم واجبات الحكومة، بل هي واجباتها الحقيقية ومقدمة على الانتشاء الإعلامي بمستوصف هنا أو طريق هناك. إذا تعطل الفتى والفتاة عن الكسب الشريف وجاعا لن يأكلا شوارع ولا مستوصفات، بل سوف يحملان المسئولية من اعتقدا أنه سبب في البطالة والجوع.

أهرشوا رؤوسكم رجاء لا تودونا في داهية.

 

إلى الأمام
إذا رأيت نيوب الجوع كاش(ي)رة
د. جاسر عبد الله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة