Tuesday  01/02/2011/2011 Issue 14005

الثلاثاء 28 صفر 1432  العدد  14005

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

التجويع والتطويع قسرا !؟
محمد بن حمد البشيت

رجوع

 

العالم العربي غني بثرواته النفطية والاقتصادية والزراعية والفكرية وعلماء وعالم يموج بسبل المعارف العظيمة، وسبل العيش الرغِد والتعايش السلمي بين أطيافه وألوانه، ولكن دوام الحال من المحال، فنهشت الثعالب البشرية ثرواته وخيراته وتركته يعاني الفقر والمجاعة، فتأصلت المعاناة بمواطنه بالبؤس والحرمان، وأصبح لديه مناعة قوية ضد المطالبة بأبسط حقوقه الإنسانية، مفضلا التعايش مع حكوماته مخافة التحرش بها، خصوصا تلك الحكومات العربية التي أتت عن طريق الثورات والانقلابات العسكرية، وعملت بنظام المؤسسة العسكرية التي تدار بعقلية الأنظمة الأوتوقراطية القمعية، التي سارعت لمحو الدستور الكافل للحريات ومؤسسات المجتمع المدني، وإعادة تشكيله وفقا لأهوائها مختطفة بلدانها نحو الهاوية، مطلقة شعاراتها الحزبية البراقة بأن مجيئها هو مطلب الشعب الحرة الذي يرغب التعايش برغد وسلام.. وما أن استتب الوضع لها إلا وبدأت بصنوف العذاب والهوان، وعملت تنكيلا وقتلا بمواطنيها، وإن شئت فقل فتحت المعتقلات لمن يخالف أمرها، وتحولت لدولة بوليسية تتعقب كل شاردة وواردة عند مواطنيها المغلوبين على أمرهم!!

فاستفرد الحزب الواحد الموالي للدولة البوليسية في إدارة شئون وطنه ومواطنه، واستحوذ على كل الميزات والامتيازات من رفاهية وثراء، بينما المواطن مسلوب الإرادة وليس باستطاعته الحصول على مراده بعمل يكفيه وأسرته من التضور جوعا، ولم تفد الاستغاثة بصوت مسموع وحتى التفكير بشئونه الخاصة ممنوع، إن لم يكن مقموعا، وقد أصبح الحزب هو المفكر والمنظر والمقرر لكل صغيرة وكبيرة، وكأنه يقول لمواطنه نحن نفكر ونقرر عنك فلا تجهد نفسك فأرح أعصابك، واسترح مكانك مخافة مصابك بمكروه، بمعنى أنسَ آدميتك فضلا عن إدامتك، حتى لا يأتيك ما يريبك!!

خلق الاستئثار بالسلطة المطلقة، التسلط على مواطنيها، فاستخدم جبروت الظلم فنون التعذيب القهري، داخل أقبية ومعتقلات مخابراتي، فمسخت كرامة مواطنها مابين جوع مدقع وتطويع قسري، حتى أضحت حياة شعبها حياة مدجنة.. ثقافة وإعلام بشقيه المقروء والمسموع، يعزف أنشودة نشاز مملة تمجد ب(النظام) وكارثة اجتماعية نسجت خيوطها فشلا اقتصاديا وركودا تنمويا، أثقل وطأة الفقر والبطالة وخلق فوارق اجتماعية رهيبة لم تستطع دولها بشعاراتها ومواعيدها ردم هوتها، و إنعاش بلدانها من حالة التدهور التي عمت بلادها، والبطالة والمجاعة التي أصابت عبادها.. ولكن المنتفعين الممسكين بزمام الأمور، لا يرون ذلك المصاب الجلل بتدهور البلاد، غير مكترثين بنبض الشارع الهامس، بقدر ما هو هاجس التوجس للقبض على الهامس، من خلال التقرير المخابراتي ذي الصبغة الكيدية التي شنعت وأضرت إضرارا جسيما بمواطنيها وبلادها، عبر نظرات نواطيرهم البوليسية بمقولة الأمن (مستتب) جاع من جاع وضاع من ضاع لايهم، بينما همهم واهتمامهم بسط نفوذهم وفرض نظرية مؤدلجة تهمهم بالدرجة الأولى، أما مواطنيهم فالدرجة السفلى مكانتهم!!

ولكن! عندما يشتد الخناق وتتقطع سبل الأرزاق وينهش الفقر الجياع ويتساوى الوجود والعدم، فآن للقيد أن ينكسر وآن للظلم أن ينحسر وآن قول (مس شعري ولا تمس رغيفي) وتونس العربية نموذجا!!

فرغم كل المهدئات والتضمينات والوعود المستقبلية، لم تفد الرئيس بن علي، فأطيح به وهرب بعدما انتفض عليه شعبه وقد شبع من حكمه جوعا وتطويعا طيلة ثلاثة وعشرين عاما، كان الشعب العربي التونسي الشقيق يرزح تحت نير الفاقة والفقر، وليهنأ الآن بعدما حان الأوان لمستقبل مشرق وضاء.. وليرقد - الشابي - قريرا في مثواه بعد انفصام عرى القيد فلم يهب التوانسة الرجال صعود الجبال!!

تلك هي حالة مزرية وكارثة إنسانية فيما انتهجته وتنتهجه الأحزاب الأوتوقراطية العربية الحاكمة المتحكمة بشعوبها العربية!!

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة