Wednesday  09/02/2011/2011 Issue 14013

الاربعاء 06 ربيع الأول 1432  العدد  14013

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

قال لي أحد الأصدقاءإنه يريد أن يؤثر على أبنائه من أطفال ومراهقين وبالغين من خلال قناعاته التي شكلتها معارفه المتراكمة، وأنه كلما قام بدوره في التأثير الإيجابي على أفراد أسرته يفاجأ بأن معارفهم تختلف عن معارفه، وأن قناعاتهم مختلفة تماما عن قناعاته خصوصا وأنها تقوم على أسس فكريه أكثر من كونها عادات أو انطباعات كما هو حاله ما يجعلهم يؤثرون في معارفه وقناعاته بدل أن يؤثر بهم الأمر الذي يجعله يراجع معارفه ويشتري الكتب ويتواصل مع المستشارين لاختبار معارفه وقناعاته من جهة، ولفهم معارف وقناعات أبنائه من جهة أخرى.

صديقي هذا حائر ويسألني هل هذا منطقي بسبب ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات التي باتت تشكل فكر ومعارف ومهارات أبنائه أم أنه يعيش أمرا شاذا؟! نعم فهو يتساءل بمرارة فيما إذا كان هو من يربيهم ويؤثر بهم أم أنهم هم من يربونه ويؤثرون به مضيفا أنه وقع أكثر من مرة في موقف محرج حيث كشفوا له عدم منطقية فكره وضحالة معارفه وعدم دقة معلوماته وغياب الجذور الفكرية لكل ما يطرحه مؤكدا لي أن الحفظ والتلقين جعله يتلقى المعلومات كحقائق دون تدقيق.

وقلت له اطمئن يا صديقي وضعك مع أبنائك طبيعي، وهو الوضع القائم بين رجال الأجيال السابقة والأجيال الجديدة كل من موقعه، وإنها العلاقة بين المعرفة والتأثير، وهي علاقة جدلية (تأثير متبادل) واضحة حيث تؤدي زيادة معرفتك إلى زيادة قوة تأثيرك على أبنائك، وتؤدي زيادة قوتك في التأثير إلى زيادة قوة معرفتك لتكون أكثر تأثيرا، فمعرفتك القوية تدفعك للتأثير الإيجابي على أبنائك بقوة من خلال الحوار والنقاش والجدال معهم، وعندما تصدم بقوة معارفهم وقناعاتهم التي شكلوها من مصادر غير مصادرك تتولد لديك رغبة بزيادة معارف جديدة لتستطيع التأثير فيهم بما تريد، وقد تنجح في التأثير بهم وقد ينجحون هم بالتأثير بك وهذا يعتمد على قوة الفكر والمعرفة لدى كل منكما، ولكونهم تعرضوا لوسائل اتصالية حديثة ومتنوعة في فترات مبكرة من أعمارهم فإني أكاد أجزم بأنهم هم من سيؤثرون بك وإن تكلست أو تصلبت أمامهم ستعاني الأمّرين من ذلك التكلس والتصلب.

الفجوة المعرفية وبالتالي الفجوة في القناعات والمواقف والتصرفات بين صديقي هذا الذي يعيش عقده السادس وأبنائه الذين يحتضنون أجهزة اللاب توب ويتواصلون من خلال البلاك بيري والآي فون بشبكات محلية ودولية ليتشكل وعيهم الجديد هو بالضبط ما يحصل بين معظم قادة الدول وكبار مسؤوليها في المنطقة والذين يعيشون بالمتوسط في عقدهم السادس وأكثر مع شعوبهم ومرؤوسيهم والتي يشكل الشباب غالبيتها (قاعدة الهرم) ولكن دون بذل جهد كبير من القادة والمسؤولين للتحاور مع القاعدة الشبابية وفهم معارفها وقناعاتها وما تتطلع له الأمر الذي يؤدي بالمحصلة إلى الصدام غير المحمود.

هذا الصدام وإن كان في بداياته سياسيا إلا أنه وبكل تأكيد سيؤثر على حاضر ومستقبل المنطقة الاقتصادي إذ بكل تأكيد أن الطاقات الشبابية المتفجرة تريد أن تتحول من «عالات بشرية» فقيرة على أممها إلى ثروات بشرية» غنية ومنتجة تلعب الجدارة المعيار الحاسم في تقدمها وتأخرها وفي قدرتها على تحقيق طموحاتها بدل عنصر المكانة الاجتماعية.

أجزم إذا استطاع قادة ومسؤولون الأمة العربية فهم منظومة المعارف والقيم والمعارف والمفاهيم الجديدة التي اكتنزها الشباب الذين يشكلون النسبة الأكبر ، واستجابوا لها بالكيف والوقت المناسب فإننا أمام مستقبل اقتصادي باهر يحقق الاستفادة المثلى من الموارد العربية الطبيعية والبشرية في ظل أنظمة سياسية متقدمة ومرنة تحافظ على المكتسبات والإنجازات السابقة وترعى الطاقات الشبابية وتفجر إمكانياتها لينعم الجميع بمستويات معيشية راقية.

alakil@hotmail.com
 

جدلية «المعرفة والتأثير» والمستقبل الاقتصادي ..
د. عقيل محمد العقيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة