Wednesday  09/02/2011/2011 Issue 14013

الاربعاء 06 ربيع الأول 1432  العدد  14013

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الصهيونية العالمية واضطهادها للدول العربية؟
محمد بن حمد البشيت

رجوع

 

زرعت الصهيونية العالمية دويلة (إسرائيل) في خاصرة الدول العربية مجتمعة، ممثلة في أرض فلسطين العربية المحتلة. فقد تولى ترودور هرتزل الصهيوني العنصري مهمة تأسيس ونمو الدويلة العنصرية (إسرائيل)، وحشدت الصهيونية العالمية كل طاقاتها لمساعدة دويلتها وتذليل كل العقبات التي تعترض طريقها لديمومة استمرار نموها، بشكل متواصل ومحموم سرا وعلانية. وما أن تمكنت دويلتهم من بناء مكانها وكيانها مدعومة بمفاعلها النووي لاستقرار أمنها وأمانها، إلا وبدأت بزرع عملائها الخونة في دول الجوار، للتجسس على هذه الدول لقراءة أنشطتها عسكريا ومدنيا.. وهذا بالطبع ما ثبت على ارض الواقع حينما تم القبض على هؤلاء العملاء الخونة في لبنان ومصر والعراق. وهم الذين جندتهم إسرائيل للتجسس على أوطانهم فخانوها بثمن بخس. ناهيك عن تتبعها للعلماء العرب في كل مكان فعملت على إبادتهم والأمثلة كثيرة.

تطل الصهيونية الاستعمارية العالمية بوجهها القبيح مجددا وبطريقة تكتيكية استراتيجية استعمارية مغايرة عما كانت تنتهجه من قبل في زمن افتعال الحروب الطاحنة ما بين المحارب والمحارب عبر ساحة مكشوفة حافلة بالمواقع الحربية، مخلفة الدمار والكوارث، فكانت قوة السلاح هي الحاسم بالانتصار في المعركة. إلا أن الأمور اختلفت كلية حيث لم يعد الإقدام على افتعال الحروب عملية سهلة ومستساغة، بقدر ما هي باهظة الثمن وعبء على ميزانيات هذه الدول، فبقيت هذه الأسلحة متكدسة في المخازن الاستراتيجية، وبدأ التفكير العملي الجاد لديهم للتخلص من هذه الترسانة المكلفة صيانة وحفظا، وبتفكير استثماري خالص تم عقد صفقات لبيعها لدول العالم الثالث، وكأنها أورثت فيهم سباق التسلح والشراء بجنون عند أمراء الحروب. فراق للصهيونية العالمية تسويق نتاجها الحربي. فقدمت جملة عروض جالبة للمشتري، على هيئة عقود طويلة الأجل، أو التبادل التجاري مقابل التزويد بالسلاح، إذ تعذر وجود المال، فراجت تجارة السلاح بشكل تصاعدي، فتخلصت هذه الدول المصنعة له من عملية الخزن الاستراتيجي دون فائدة منه. وهو ما نراه اليوم من وجود السلاح بشكل فوضوي لدى الأحزاب والطوائف ببلدان عربية يشكل تهديدا لأمنها.. نعم الصهيونية بتخطيطها الجهنمي تخلصت من أسلحتها التي كانت عبئا عليها.. ولكن انتهجت نهجا جديدا أمضى من السلاح وأكثر هدوءا وراحة بال وبعيدا عن خوض الحروب المكلفة صناعة حربية ومجاميع بشرية.

الصهيونية العالمية في زمن البدايات المبكرة سيطرت على الإعلام فاشترت ومولت الكثير من الوسائل الإعلامية في أمريكا وأوروبا كالصحافة والمحطات الإذاعية والفضائية، وعملت جاهدة على دوران هذه المكائن الإعلامية على مدار الساعة في الدعاية لأنشطتها، ولكن بشكل خفي حتى استقوت واستفحلت وتمكنت من صنع القرار في صالحها بمعظم الدول العالمية، فكانت ولا زالت هي الأداة الفاعلة بالساحة الدولية. بشكل مستتر حينا وبشكل واضح وقبيح في أحيان أخرى!!

ولعلني لا أذهب بعيدا فيما تنتهجه من نهج مستتر.. فالجنوب السوداني، يشكل قطب الرحى فيما تقوم به الصهيونية العالمية في إيقاظ روح الصفة الاستعمارية مجددا، وفق مبررات شيطانية متلبسة برداء الإنسانية، حينما زعمت ذلك الزعم القائل لمناصرة (حقوق الإنسان) ومداراة للفقر والمجاعة والتصدي للظلم، وكل ما يدخل في قاموس الخدمات والمساعدات العالمية بغطاء (شرعي دولي) وهي كلمة حق أريد بها باطل!، فمشكلة الجنوب السوداني لا تخفى على القاصي والداني وذلك الدعم اللوجستي لزعماء الجنوب، ماضيا من أيام جون قرنق، وحاضرا إلى سلفاكير، وحروبهم الدامية والدائبة المطالبة بفصل الجنوب إلى أن تم الاستفتاء وحصول الجنوب على الانفصال، فالوعي غير غائب عند الزعماء الجنوبيين عما أقدموا عليه. لكنها الرغبة العارمة المدفوعة لتنفيذ أجندة خارجية رسمت وأسست بتشكيل دويلة جنوبية، وهو ما يمثله ويباركه الوجود الأمريكي والأوربي والإسرائيلي، ذو الحضور الطاغي بقوه في عملية الاستفتاء، وهم الذين عملوا جاهدين ماديا ومعنويا على تثبيت عملية الانفصال في تدخلهم السافر بأرض السودان العربية. حينما عملت هذه العصابة الإجرامية الثلاثية بتجزئتها لجزأين فاستأثرت بجنوبه عن شماله.. أليس هؤلاء هم من ينبغي تقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية؟ وليس زعماء الحكم السوداني الشرعي الذي يدافع عن أرضه وبسط سيادته عليها، حينما تكون (الأرض كالعرض) والمعنى شرف الإنسان وكرامته. وهم الذين رفضوا جملة وتفصيلا التفريط بها برفض التدخل الدولي بتجزئة شطره الجنوبي عن شماله. ولكنها النوايا السيئة والخبيثة معا، للصهيونية العالمية، فيما أقدمت عليه، وهو بالطبع اضطهاد للسودان كدولة عربية ورسالة ملغمة للعرب والركيزة الأساسية لانطلاقة مخطط المد الاستعماري، والعمل على مضايقة مصر العربية في مصاب نهر النيل. وخدمة جليلة يقدمها الغزاة لدويلة بني صهيون، والتي هي بالطبع الأداة والذراع الطويلة في إثارة الفتن للدول العربية. وإلا ماذا يعني سر الاهتمام بالمكان في أجندة الاهتمام الأمريكي الأوربي الإسرائيلي في مسألة جنوب السودان فليس حبا بجنوبه ولكن جنونا بنفطه ومشتقاته ونقطة انطلاق الخطة الاستعمارية، وان أتى ذلك على حساب العرب وأراضيه بلا مبالاة ودون وجه حق، ولكنها الأطماع والطباع الاستعمارية الإمبريالية. فاليوم جنوب السودان وغدا شمال العراق ولبنان والبقية تأتي. ويا أمان الخائفين أمنا في أوطاننا العربية.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة