Saturday  26/02/2011/2011 Issue 14030

السبت 23 ربيع الأول 1432  العدد  14030

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

ملحق اعلامي

 

في ظل اهتمامه وعنايته بالتراث والفنون والثقافة وإعطائها صبغتها العربية والإسلامية
الملك عبدالله جعل من الجنادرية مَعْلماً لرجال الفكر والثقافة والأدب تجاوز المحلية إلى العربية والعالمية

رجوع

 

الجزيرة - التحقيقات

اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالثقافة والمثقفين لم يقتصر على تأسيس مهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة والفنون وحده، بل جعله مهرجاناً وطنياً يبرز الوجه العروبي للمملكة ثقافياً على مستوى العالم، ولم يتوقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز في دعمه للثقافة وإيمانه بها كوسيلة لمد الجسور مع العالم، على فعاليات هذا المهرجان، بل تجاوزها إلى إنشاء المكتبات وتيسير تداول الكتاب، ودعم المؤلفين، وطبع الكتب على نفقته، والعيش في حوار مستمر مع المثقفين داخل المملكة وخارجها.

وبعد مبايعته -حفظه الله- ملكاً على المملكة العربية السعودية أخذ الاهتمام بالثقافة توسعاً جديداً، وتفعيلاً أكبر للدور المنوط بوزارة الثقافة والإعلام ووكالاتها على كافة المستويات، ومن مختلف فئات الشعب مع تأكيده على إشراك المرأة في الأنشطة المختلفة ومواكبتها حركة تجديد الدماء التي تشهدها كافة المؤسسات في البلاد. ويقف الملك عبدالله مع الاستفادة من أحدث معطيات التقنية الحديثة في مجالات التنمية، ومواكبة مسيرة الحضارة العالمية وعطاءاتها، ولكن بعيون مفتوحة، وعقول يقظة، تفرق بين النافع والضار، وتميز بين الغث والسمين من تلك العطاءات الحضارية، فتأخذ ما ينفعنا وينفع بلادنا.

وترفض القشور والمظاهر التي لا طائل من ورائها فهو ضد الانبهار بالثقافات الوافدة، التي تستهدف الاستخفاف بالثقافة الوطنية، وبتر الأجيال عن ثقافاتها وتراثها وأصالتها، وصبها في قوالب ثقافات الغير، وهو ضد الانهزام أو أولئك الذين تأثروا بموجات التغريب والتحديث، الداعين إلى الانسلاخ من القيم الموروثة، وجذورنا وتقاليدنا الأصيلة. ويعد الملك عبدالله في طليعة الداعين بقوة إلى هضم الثقافة وإعطائها صبغتها العربية والإسلامية الأصلية. فالثقافة العربية بتراثها وأصالتها قادرة على أن تستوعب جميع الثقافات وتعيد صياغتها بالطابع العربي الأصيل، دون أن تؤثر في بنيان النفس العربية واتزانها.

المهرجان الوطني للثقافة

لم يجعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من الحرس الوطني منذ توليه مسؤوليته مؤسسة عسكرية بحتة بل جعله مؤسسة تربوية ثقافية كبرى تؤدي دوراً مشهوداً على مستوى الساحة العربية كلها، بل تجاوزتها لتحدث صدى عالمياً لما تقدمه من عرس ثقافي سنوي في أحضان تراث أصيل ينضح بالعراقة والنبل وأخلاق الفروسية العربية.

كان يؤكد أن بناء الإنسان في هذه البلاد الطاهرة عقدياً وفكرياً وأخلاقياً وتربوياً يقوم على معطيات العقيدة الإسلامية والأصالة العربية، وما يزخر به تاريخ هذا الوطن من تراث عريق ونبيل أصبح شلالاً يمطر كل العرب، وأصبحت الجنادرية قطعة الأرض التي تبعد عن الرياض حوالي 40 كيلو متراً، ولا يعرفها في السابق إلا البدو الرحل، أصبحت علماً لرجال الفكر والثقافة والأدب والفن في العالم العربي كله.

وبدأت من هذا الفكر انطلاقة إثراء الفكر ومناقشة الثقافة ومحاورة الحضارات.

الأهداف الثقافية

وسيظل يوم 2-7-1405هـ يوماً تاريخياً فاصلاً ورائداً في حياة الحرس الوطني السعودي بقرار الملك عبدالله بن عبدالعزيز إنشاء المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وقد جاءت هذه استكمالاً للركنين الأولين في فلسفة تأسيس الحرس الوطني في فكر الملك عبدالله، فبعد أن أسس الحرس الوطني عسكرياً وتعليمياً جاء الركن الثالث، وهو الركن الثقافي.

وعلى هذه الأركان الثلاثة أو المحاور الثلاثة أنشأ الملك عبدالله الحرس الوطني السعودي، وحدد له دوره ورسالته التي لا تكتفي بحماية الوطن وحراسة أمنه والمحافظة على مكتسباته ضمن منظومة القوات المسلحة والأمن العام والحرس الوطني، بل تتجاوز ذلك إلى الحماية المعنوية.. حماية أصالته والدفاع عن عروبته ونشر ثقافته وخدمتها.

وقد أقام الحرس الوطني حتى الآن العديد من المهرجانات للثقافة والتراث يحضرها إضافةً للعناصر الوطنية نخبة مختارة من رجال الثقافة والفكر والأدب في العالم العربي.

وتعد هذه المهرجانات على الصعيدين الحضاري والثقافي نقطة ارتكاز الدائرتين العربية والإسلامية في عالم اليوم، لأسباب تاريخية ومعاصرة، بحيث أصبح النشاط العربي والإسلامي يرتبط بدرجة أو بأخرى بالفاعلية السعودية في هاتين الدائرتين، خاصة في وقت أصبحت فيه المهرجانات والتظاهرات الثقافية و الفكرية وسيلة ذات فاعلية ملموسة في تحقيق التماسك الثقافي على الصعيد الداخلي، ووسيلة للتفاعل الثقافي والفكري على الصعيد الخارجي.

وخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي عايش الحرس الوطني منذ أن كان حلماً إلى أن تحول إلى بناء ضخم، هو الذي أعطاه الرعاية الخاصة بحيث أصبح أحد مفردات نهضتنا الحديثة، ويكفي أن الجمع بين الضوابط العسكرية وآفاق الثقافة التراثية كعمودين في بناء واحد، إنما يعطي لنا الحقيقة بأن مؤسسات هذا الوطن تتكامل عناصرها ووجودها في حلقات مترابطة، فهذا المهرجان الكبير الذي تعددت نشاطاته يؤكد أن تاريخنا قائم بحضارته وإنسانيته، ولعل الحرس الوطني الذي حول هذه الفكرة إلى عمل كبير، يشهد بأن هذه المؤسسة ليست ذات طابع عسكري أو أمني، وإنما هي تعليم وثقافة، وإنسان يتطور مع العصر.

ويأتي المهرجان الوطني للتراث والثقافة ليبرز الوجه الثقافي، والتوجهات الفكرية للدولة السعودية الحديثة، وليحقق التفاعل والتواصل بين ماض ثقافي واجتماعي، وبين حاضر يشهد بالإنجازات في مختلف المجالات، ويعود الفضل إلى الملك عبدالله في قيام مهرجان الجنادرية فهو (صاحب فكرة المهرجان) وراعيه الأول منذ أن كان سباقاً للهجن، ثم تطور شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح مهرجان الجنادرية بفعالياته المختلفة واحداً من أبرز المهرجانات الثقافية في المنطقة العربية، وملتقى حوار ثقافي وفكري واسع، بين كبار المثقفين والمفكرين والأدباء العرب.

وقد نبعت فكرة المهرجان باعتبار أن الثقافة هي إحدى المحاور الأساسية التي ينهض عليها التطور في المملكة ومن أجل ترسيخ قيمنا وعاداتنا التي نبعت من ديننا، ولجمع شمل المثقفين العرب، والتحاور فيما بينهم من أجل الخروج بصياغة فكرية تخدم الأمة الإسلامية في المقام الأول، وإبطال الأفكار الهدامة التي من شأنها إضعاف مقدرات الأمة الإسلامية.

وقد وضع رائد المهرجان الملك عبدالله بن عبدالعزيز أهدافاً للمهرجان منذ بداية انطلاقة سنة 1405هـ - 1985م تتمثل في ما يلي:

- التأكيد على أهمية التراث، وتغطية الجوانب الثقافية والفنية باعتبار الثقافة هي المدخل إلى الحضارة.

- العمل على إيضاح العلاقة التبادلية بين التراث والنمو الثقافي فكلاهما يؤثر ويتأثر بالآخر، فالهدف الشاغل لكل منهما هو صنع حضارة الأمم.

- إظهار الوجه الحضاري المشرق للمملكة من خلال التعريف بأوجه النشاطات الثقافية والفنية المختلفة المتوافرة في المملكة، وإبراز دور كل منها، وخاصة تلك التي تستمد مادتها من التراث، حيث إنها توضح جهود أسلافنا في شتى ميادين المعرفة، والإنجازات الضخمة التي حققوها، وتربط حاضر هذه الأمة العريقة بماضيها المجيد.

- إبراز رسالة الأدب العربي والشعر الشعبي وأهدافهما في مضمار الحياة، من خلال الندوات الأدبية، والأمسيات الشعرية، وشعر النظم والمحاورة.

- إشراك فرق الفنون الشعبية من مختلف مناطق المملكة لتعبر برقصاتها الشعبية المختارة عن صميم البيئة.

- تسليط الضوء على دور الفن التشكيلي في الحفاظ على الثقافة وصيانتها في المجتمع باعتباره وسيلة هامة دون وسائل التسجيل التاريخي وذلك من خلال إعداد معرض للفنون التشكيلية يشترك فيه نخبة من الفنانين يتقدم كل منهم بعدة أعمال فنية تبرز التراث الشعبي.

- استعراض بعض جوانب التراث والثقافة في المجالات المختلفة من خلال معارض للصحف والدوريات الإعلامية، لرسوم الأطفال والحلي، لصور الفروسية والهجن، لصور الصيد والرياضة، كما يشتمل المهرجان على (سوق شعبية كبيرة من بين معروضاته بعض ما كان يستخدم في الحقول الزراعية من أدوات وآليات مثل: الدياسة، السواني، الحراثة).

- إثراء الفنون الشعبية بفرق المملكة المختلفة، لتعبر كل فرقة تعبيراً حياً عن صميم البيئة الجغرافية التي نشأت فيها، فهذه التعبيرات والأهازيج والرقصات تنبع من ذات المجتمع.

- تطوير سباق الهجن.

البداية

كانت بداية هذا المهرجان الوطني الفريد من نوعه تقتصر على سباقات للهجن تجري بشكل دوري وتوزع الجوائز على الفائزين فيها، تشجيعاً لهذه الرياضة العربية العريقة وحفاظاً على تراث نعتز به ولا يمكن التخلي عنه، وكانت فكرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله أن يتم تطوير هذا السباق الرياضي بمدلولاته التراثية وتحويله لفعالية أكبر ونشاط أوسع يخدم الثقافة والتراث فكان القرار التاريخي بإطلاق مهرجان الجنادرية، لتقدم فيه العروض الفنية والثقافية والتراثي والفكرية بهدف تعريف الجيل الجديد بماضي وأمجاد الآباء والأجداد وإحياء الموروث الشعبي والانطلاق لبناء المستقبل بثقة استناداً على تراث عريق.

وكان لافتاً من البداية حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله على الاهتمام بالتراث وكانت توجيهاته ببناء القرية التراثية لتكون مكاناً رحباً تتجسد فيه أنماط وصور من حياة الأجداد ومخزونهم التراثي، وظهرت البيوت القديمة وأشكال الحياة البسيطة، وكل ما يعكس صورة الماضي بتفاصيله وأسراره، من أسواق وألعاب شعبية بتنوعها وأشكالها المختلفة وبعضها كاد أن يندثر، فكانت فرصة متاحة للتذكير بها وإطلاع الأبناء على جزء مهم من الذاكرة الشعبية.

وعلى مر السنوات الطويلة التي انقضت من عمر مهرجان الجنادرية كرَّس قيماً ثقافية رائدة تمثلت في هذا الكم الكبير من النشاط المعرفي إلى جانب تكريم الرواد في الأدب والعلم كقيمة اجتماعية مهمة ووفاء لهم ولدورهم الريادي في إثراء المعرفة والثقافة المحلية والعربية، كحمد الجاسر، وحسين عرب، ويحيى المعلمي، وعبدالكريم الجهيمان، وعبدالله بن عبدالجبار، وغيرهم كثير.

واهتم المهرجان بإقامة أنشطة ثقافية متعددة تتناول قضايا معاصرة فكرية وسياسية كما في ندواته التي بحثت في: فلسطين والانتفاضة، والغورباتشوفية وانهيار الماركسية، والثقافة العربية والبث الإعلامي العالمي والحركات الإسلامية المعاصرة بين الإفراط والتفريط، والاتجاهات الفكرية في العالم العربي وأثرها على الإبداع، وأزمة الثقافة العربية ومنهج الإسلام في الدعوة، والإسلام والغرب وغيرها من العناوين والأفكار التي طرحت في أجواء من الانفتاح وبحضور مفكرين عرب وأجانب من تيارات مختلفة، وتم بحث كل ما يخص الموروث الشعبي عبر الندوات التي تطرقت لتأثيراته وأنواعه وعلاقته بمخيلة المبدع وأهميته وأثرها بالسلوك والأنماط وعلاقته بالفنون المتعددة وتأثيره بها.

كما شهد المهرجان ندوات ولقاءات ومحاضرات ومعارض للكتب وحوارات ومسابقات لحفظ القرآن الكريم وأنشطة نسائية متنوعة، وقدمت فيه عروض افتتاحية أوبرالية مميزة اشترك في انجازها عشرات المبدعين.

وبالمحصلة تعزز كل هذه الفعاليات أهدافه وأهميته في الحوار والتلاقي بين الأدباء والمثقفين وبحث مختلف القضايا التراثية والمعاصرة للوصول لقيم مشتركة تساعد على أن يكون المستقبل بصورة أفضل.

وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يطمح لأن يكون مهرجان الجنادرية متميزاً عن غيره ومتفرداً بخصائصه، وقد حقق ذلك لأنه انطلق من رؤية تؤمن بأهمية الهوية وتسعى لذلك، وحرصت على تحقيق أهدافه فكان متميزاً ومختلفاً؛ فهو يجمع الثقافة والتراث ويعكس طبيعة المجتمع السعودي ثقافياً حتى تحول لفعالية مؤثرة بل الأكثر حضوراً في العالم العربي، ولم يعد مجرد تظاهرة عربية تجسد عملاً فكرياً عربياً هدفه خدمة الثقافة العربية والإسلامية والعالمية بأطروحاته الجادة والمعاصرة، كقضية الإسلام والغرب وما تعنيه من حوار وتفاعل بين الحضارات.

فقد تحول المهرجان في رأي الكثير من المفكرين العرب إلى منبر حضاري إنساني يحمل رؤية متفتحة تؤمن بالحوار كقيمة حضارية لا غنى عنها للتفاهم والتلاقي مع الآخر، والمحاور التي طرحت للنقاش في دورات المهرجان عكست ذلك وكانت شاملة وملبية لآمال الكثير من المثقفين والمفكرين العرب.

سباق الهجن

بدأ سباق الهجن في عام 1394هـ كسباق سنوي يجري على مضمار الجنادرية، واستمر كذلك يجري كل عام عدا عام 1395هـ حيث لم يجر لوفاة الملك فيصل - رحمه الله - حتى قبل عام 1405هـ حيث شكلت لجنة لتطوير فكرة السباق إلى مهرجان شامل لمعظم صور الماضي والحياة الماضية.

وسباق الهجن السنوي الذي ينظمه الحرس الوطني مع نادي الفروسية ظل يجري كنشاط بارز في مضمار سباق الجنادرية.. حيث يشرف على السباق الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ أيام الملك فيصل والملك خالد والملك فهد - رحمهم الله - بحيث يكون على شوطين: صباحي، ومسائي، يشترك فيه آلاف من الهجانة على الجمال.. ومضمار السباق 19 كيلو مترا يحصل الخمسة الأوائل على جوائز مجزية.

ويحضره أيضاً في كل عام عدد من كبار المسؤولين العرب خصوصا من دول الخليج العربية، ويذكر أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة كان قبل وفاته من الحريصين على حضور السباق عدا السنوات الأخيرة من حياته التي لم تساعده حالته الصحية في حضوره حيث أخذ ينيب عنه أحد كبار المسؤولين.

كذلك يحضره كبار المسؤولين في المملكة وعشرات الآلاف من المواطنين والوافدين والأجانب الذين يشدهم السباق أكثر من غيرهم.

وبدأ مع عام 1405هـ السباق الحادي عشر أول مهرجان للتراث والثقافة في يوم السبت 2-7-1405هـ حيث تغير الوضع وأقيمت مبان قديمة تحاكي ما كان يوجد في القرية قبل فترة النهضة والازدهار.

فوجد السوق بدكاكينه ومحلاته.. ومدرسة كتاتيب القرية.. كما وجدت السواني وأدوات الزراعة القديمة.. وكل أشكال الحرف والمهن القديمة في كل المجالات وأقيمت معارض، وعرضت عشرات الفنون الشعبية القديمة كما عرض الشعر الشعبي والفصيح.. بالإضافة إلى سباق الهجن السنوي الذي يعد من فقرات المهرجان المهمة وهذا كله انطلاقاً من إيمان الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتمسكه بشدة بالقيم التراثية والشمائل العربية الأصيلة مع الأخذ بكل جديد جنبا إلى جنب مع المحافظة على المبادئ الإسلامية والوقوف بحزم في وجه التحديات التي تمثلها معطيات الحضارة الغربية المادية ومخاطر الغزو الفكري الثقافي والرياح التي تهب علينا من بعيد تحمل سموماً لا بد أن نستعد للوقاية منها.

الملك عبدالله

والعرضة السعودية

يعد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من فرسان العرضة السعودية ومن عشاقها، وهو في كل عام فارسها الذي لا يبارى، وقد تألق في عرضة جنادرية 21، وهي أول عرضة يشارك فيها بعد مبايعته ملكاً على البلاد في 27-6-1426هـ الموافق 2-8-2005م لأنها في نظره استمرار لتراث الأجداد والآباء والإخوان.

ولعل وقفةً عند تاريخ العرضة تبين لنا مدى أهميتها في تاريخ التراث الوطني. حيث تعد العرضة السعودية الفن الذي سطَّر الملاحم التاريخية التي قادها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - والتي بدورها ساهمت في إحياء هذا الموروث والحفاظ عليه، ولم تكن العرضة السعودية في يوم من الأيام مجرد رقصة تؤدى في وقت الحروب أو الانتصارات، بل إنها تؤدى كذلك في وقت الأعياد والاحتفالات.

وتختلف العرضة في طريقة الرقص من منطقة إلى أخرى في المملكة، فهناك العرضة النجدية والعرضة الشمالية و العرضة الجنوبية، فهي تختلف وتتنوع حسب المنطقة، لذلك نجد أن الأجيال قد تواترت على معرفتها بها.

وربما جاء مسمَّى العرضة من عرض الخيل، إذ كانت العرب تعرض خيلها وتدربها باستمرار وأحياناً في حفل بهيج استعدادا للحرب.

وربما جاء من الاعتراض بالسيف، ومن المعروف أن السيف من أدوات العرضة الأساسية، وكان الفرسان منذ الجاهلية، سواء في الحرب أو التدريب يتقابلون بالسيوف منشدين الأشعار الحماسية.

وفن العرضة منتشر في منطقة نجد، وسط المملكة وهو معروف عند الحاضرة، كما أنه موجود في مناطق أخرى من المملكة ودول الخليج العربي، لكن هناك اختلافات تضيق وتتسع حسب الموقع الجغرافي.

فهناك من قال في وصف العرضة: هي تنظيم الصفوف بين الرجال بشكل مقوس أو دائري، ويكون وسط هذا التجمع الجميل الشعراء، الذين ينشدون الأبيات، ويقوم العارضون بترديد آخر بيت، وتكون هذه القصائد إما حكمة يرددها الشاعر عن تجربة أو خبرة له، أو تكون القصيدة كمدح لرجل أو لقبيلة.

ومن مستلزمات هذا اللون من الفن الراية والسيوف والبنادق للمنشدين قصائد الحرب، بينما هنالك مجموعة من حملة الطبول، التي يضربون عليها بإيقاع جميل متوافق مع إنشاد الصفوف، ويطلق على أصحاب الطبول الذين يقفون في الخلف طبول التخمير، أما الذين في الوسط، فهم الذين يؤدون رقصات خاصة طبول الإركاب، كما يوجد بالوسط حامل البيرق (العلم) وتقام في وقتنا الحاضر العرضة النجدية في مواسم الأعياد والأفراح.

والعرضة وإن كانت غالبا مرتبطة بالحرب، إلا أنها تؤدى في مناسبات أخرى كالاحتفالات والأعياد والزيجات، فعندما تقام حفلة كبرى لاستقبال شخصية مهمة غالبا ما تؤدى العرضة.

جنادرية 21

وتعد (جنادرية 21) أول انعقاد للمهرجان الوطني للتراث والثقافة والفنون بعد مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملكاً على المملكة العربية السعودية، حيث استضاف هذا المهرجان ستة آلاف ضيف وعدداً كبيراً من الأدباء والعلماء والمفكرين من مختلف البلاد العربية.

ورعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فعاليات هذا المهرجان واحتفى بضيوفه كعادته كل عام.

وقد ظهر هذا المهرجان بشعار (تراث خالد لوطن واحد لجيل واعد) وناقش المفكرون والمثقفون عدداً من قضايا الأمة والتحديات التي تواجهها في مرحلة تعد من أخطر المراحل التي تمر بها في تاريخها، ومن أهم الموضوعات نوقشت مسألة أسباب النهوض بالأمة الإسلامية، حيث تم النظر إلى الواقع باعتباره متخلفاً عن ماضيها المجيد حيث كنا نمسك بزمام الحضارة، وتقود الأمم الأخرى فترة تقارب الألف سنة، حيث كانت الكتب العربية الإسلامية مراجع العلم والمعرفة في أوروبا وغيرها، وكانت أسماء علماء المسلمين هي أشهر الأسماء في ميادين العلم، وكانت اللغة العربية هي لغة العلم في ميادين العلم،والطب والتشريح والفلك والهندسة والكيمياء والرياضيات والجغرافيا.

وهذا يدل على أن التخلف الذي تعيشه الأمة الآن ليس وصفاً ذاتيا لها، ولا هو حكم أبدي عليها، فكان عليها أن تضع خطة للخروج من تخلفها والعودة إلى مكانتها القيادية التي فقدتها منذ قرون عدة.

واهتمت محاور المهرجان عند مناقشة المظاهر السلبية في الأمة ووحدتها عند عنصرين هما:

1- ضعف العلاقات بين أطراف العالم الإسلامي.

2- قلة العمل بالشورى.

وخلال استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود كعادته في قصره بالرياض ضيوف الحرس الوطني من العلماء والأدباء والمفكرين ورجال الإعلام والصحافة من داخل المملكة وخارجها الذين كانوا يحضرون المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الحادية والعشرين، ألقى المندوب السابق لجامعة الدول العربية في الولايات المتحدة والأمم المتحدة وأستاذ القانون الدولي كلوفيس مقصود كلمة ضيوف المهرجان أكد فيها أنه قد ترسخت قناعة عند جميع المثقفين والمفكرين والكتاب وغيرهم بأن الحرس الوطني الذي أسسه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تحول بالإضافة إلى مهامه الدفاعية عن الأمة إلى حارس للثقافة القومية.

وقال: (من هذا المنطلق نعيش اليوم مرحلة فيها كثير من الطموحات بقيادة الاعتدال الديناميكي الذي تقودونه، ليس للمملكة فحسب بل للأمة العربية والإسلامية أيضا في هذه المرحلة التي يحاول فيها خصوم هذه الأمة استباحتها وروتنة الاستباحة، تأتي المناعة من خلال المبادرات التي تقومون بها في مختلف أنحاء العالم وأيضا داخليا في النهضة التنموية التي تقودونها بكل حكمة واعتدال). وأضاف (لقد جعلتم من الاعتدال ليس فقط سياسية بل جعلتموها ديناميكية للاعتدال في العالم، وهذا الموضوع هو ما نراه اليوم خاصة في مبادراتكم في الانفتاح داخليا وعالميا، ولقد كانت زيارتكم للهند والصين وماليزيا وغيرها دليلا على انعتاق للعرب والمسلمين في أن يشكلوا من أنفسهم ومن وحدتهم المناعة التي تحول دون أي اختراق، وأن تعطي للعالم ما يمكن أن تعطيه بسخاء من تراث وعطاء وامكانيات وطاقات فكرية وحضارية.

هذا العطاء بسخاء يمكننا أن نأخذ بكرامة هذا الوضع الذي جعل من الجنادرية المختبر لجميع الأطياف العربية والإسلامية بأن تؤسس لنفسها الرسالة التي أنتم قيمون عليها ونحن حاضنون لها ومستعدون للقيام بالمهام التي ترشدون هذه الأمة بها).

كلمة خادم الحرمين

وقد ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود كلمة قال فيها:

(يسعدني أن أرحب بكم في وطنكم الثاني، وإني أتمنى لكم إقامة طيبة بين أهلكم وإخوانكم وعوداً حميداً إلى بلادكم آملاً أن تكون نتيجة تواصلكم حصيلة طيبة نافعة من الأفكار والآراء.

أيها الإخوة.. إن على المثقفين والمفكرين مسؤولية خاصة في رسم طريق المستقبل أمام الأمة وتشخيص ما تعاني منه واقتراح ما تحتاج إليه من حلول، ولعلكم تشاركونني الرأي أن وحدة الأمة العربية والإسلامية هي حجر الأساس في مشروع النهضة والعزة والوفاء.. إن التاريخ علمنا أن الفترات التي شهدت وحدة الأمة هي عصورها الذهبية المزدهرة، وأن فترات الفرقة والشتات كانت عهود الضعف والهوان والخضوع لسيطرة الأعداء.

ومن هذا المنطلق فإن كل جهد سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو فكرياً يقرب بين أبناء الأمة هو جهد مبارك مشكور، وكل جهد يزرع بذور الفتنة والشقاق هو نكسة تعود بنا إلى الوراء.

أيها الإخوة الأعزاء..

في هذه الظروف التي تتعرض لها الأمة لهجوم يستهدف شريعتنا ورموزها وفكرها يصبح من واجب أبنائها ومفكريها على وجه الخصوص أن يبرزوا الوجه الحقيقي للأمة، وجه التسامح والعدالة والوسطية، وأن يوضحوا للعالم كله أن ما تقوم به قلة قليلة من المتطرفين المتعصبين لا يعكس روح الأمة ولا تراثها ولا أصالتها بقدر ما يعكس الأوهام المدمرة التي تسكن عقول هؤلاء المجرمين.

أيها الإخوة.. إنني أمام هذه الصفوة من أهل الفكر والرأي أدين فكرة الصدام بين الحضارات وأدعو إلى أن تحل محلها فكرة التعايش السلمي البناء بين الحضارات، وأدعو أمامكم إلى أن تكون المرحلة القادمة في العلاقات بين الدول والأمم مرحلة حوار حقيقي يحترم كل طرف فيه الطرف الآخر ويحترم مقدساته وعقائده وهويته. وسوف تكونون أنتم - إن شاء الله - في طليعة المتحدثين باسم الأمة العربية والإسلامية في هذا الحوار).

ثم استطرد خادم الحرمين الشريفين قائلاً: (إخواني ما أسعدنا هذه الليلة بأن نرى هذه الوجوه السمحة وجوه الخير وجوه السعادة والبشر إن شاء الله.

إخواني.. لكم مكانة في عالمكم العربي والإسلامي وفي الوقت الحاضر في طليعة أبناء الأمة الإسلامية والعربية أنتم أيها الوجوه الخيِّرة.

أرجو لكم التوفيق وأرجو أن تجتهدوا بكل طاقاتكم لخدمة دينكم وأوطانكم وأبنائكم وأمتكم العربية والإسلامية، ولهذا أتمنى لكم التوفيق والنجاح وأرجو لكم إقامة سعيدة.. وإلى اللقاء في السنة المقبلة - إن شاء الله -).

وهكذا نرى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد تعامل مع المهرجان الوطني للتراث والثقافة باهتمام خاص، وبرؤية عروبية إسلامية عالمية، فالملك عبدالله من المؤمنين بضرورة التواصل بين بني الإنسان، والتمسك بالقيم، وإرساء مبدأ الحوار الواعي، والخروج من دائرة التبعية الثقافية، إلى رحاب التواصل المفتوح بين المجتمعات الإنسانية مع ضرورة الالتزام بالمبادئ المتأصلة في الشريعة السمحة، فهي النبع الصافي، الذي يهب الإنسان الفرد الحياة الكريمة الآمنة على سطح المعمورة.

وهو دائماً يلح ويتحدث عن ركائز ثلاث يجب أن يقوم عليها عالمنا الإسلامي وهو ينفتح ثقافيا على الغرب، هي:

(أولا وقبل كل شيء نهج ينطلق من عقيدة إيمانية راسخة، في عالم أحوج ما يكون إلى العقيدة السماوية بعد أن امتد طغيان المادة ليشمل أكثر علاقاته، إنها أسس تعتمد على كتاب الله وسنة رسوله.. دستوراً وفكراً ونهجاً وما يقتضيه ذلك من تضامن الدول الإسلامية، لتحقيق العدل والسلام، وإنقاذ الإنسان في العالم.. وهي ثانياً تعتمد على فهم لواقع الحياة الدولية والتشريع الدولي، و التزام بما يفوضه هذا التشريع ومنظماته..

وهي ثالثاً مبنية على فهم للواقع العربي ومتطلباته، والتزام بما يحقق الخير له، وهي أخيراً تنطلق من فهم عميق.. وإحساس مرهف، وشعور بالمسؤولية نحو تنمية المواطن وتحقيق متطلباته، وخلق مجتمع الرفاهية والعدل).

وفي إطار الدعوة إلى الخروج من الجمود والارتقاء إلى مستوى الإسلام ومنهجه الصالح لكل زمان ومكان يضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز يده على الداء ويشير إلى الدواء فيقول: (إن ما حولنا من عالم بارد، ومثقل بأعباء الشيخوخة وهواجسها، ليبرهن على أن ديننا بنظامه، ينفرد من بين كافة الأديان والأنظمة، بتنسيق بين شؤون المادة وشؤون الروح، وتوفيقه بين سلطات الدولة وحقوق المواطن، فنظامنا كما تعلمون ليس نظاماً سلطوياً محوره الحاكم، بل إنه نظام إنساني محوره الإنسان، إنه نظام الوسطية والوسط، فلا تطرف، ولا جمود، ولا جموح، ولا قعود، بل استمساك بتراثنا، وتفاعل بحاضرنا وانفتاح على عالمنا، والأخذ بالصالح ونبذ الطالح، والتصدي بعزيمة المؤمن لكل ما يخالف جوهر الإسلام).

ومن هذا المنطلق كان ارتباطه الصادق والمخلص والأمين بالتراث والثقافة وطنياً وعربيا وإسلاميا، وقد حظيت الفعاليات التراثية والثقافية منه بمتابعة ومشاركة، ووضع لها تقاليد معروفة، فهو يفتتح سباق الهجن ويشارك، بالرقص في العرضة، ويدعو الضيوف من العلماء والأدباء والمثقفين لتناول طعام الغداء على مائدته، ويستمع إليهم، ويتبادل معهم الرأي.

والملك عبدالله بن عبدالعزيز واسع الاطلاع على مجريات الحدث الثقافي رغم مشاغل الدولة التي تستهلك كل وقته، ومتابع لإصدارات المؤلفين وحريص على مناقشة بعض الكتاب والمفكرين في مؤلفاتهم الجديدة، وصاحب رؤية عميقة في هذا الشأن جعلته يتبنى إنشاء المكتبات وطباعة الكتب والرسائل العلمية، فالثقافة عنده أهم وجه للحضارة، ولا حضارة لأمتنا إلا في ازدهار ثقافتها، ولن تزدهر ثقافتنا في رأيه إلا بإشراقة وجهها العروبي الإسلامي.

وهكذا استطاعت الجنادرية أن توجد التلاحم بين التراث والثقافة وتبرز ملمحاً مهماً من ملامح حضارتنا الحديثة التي انعكست على فعاليات هذا المهرجان.

وأحدثت نقلة إيجابية كبيرة، وخطوة مميزة إلى الأمام بنقل الحدث الثقافي العربي المعاصر، بحيث تعددت الندوات والمواضيع، بحضور أعداد كبيرة من مفكري ومثقفي العرب. ولقد تمكن المهرجان من إزالة الصورة النمطية المكررة التي كانت تعرض في وسائل الإعلام الغربية عن الجزيرة العربية وإنسانها والتي تصور مجتمع الجزيرة (بصور جماعات البدو أمام الخيم والجمال..) لكن العرض الحضاري المتمثل في جانبه المادي بالصناعات والحرف الزراعية، التجارة، وهو ما يقدم سنوياً في (الجنادرية) غير هذه الصورة تماماً، فقرية (الصناع وأصحاب الحرف) في ساحة الجنادرية، تعطيك صورة أخرى لمجتمع كان مكتفياً بذاته في الصناعة والغذاء، مستخدماً خامات محلية، فساحة المهرجان تعرض أكثر من (200) حرفة كان يزاولها السعوديون إلى فترة أقل من نصف قرن، بل إن بعض هذه الحرف ما زال مستمراً ويجد الإقبال رغم دخول هذه الدولة إلى عالم الحضارة من أبوابها الواسعة، فهناك صناعات من جنوب المملكة حيث أبها ونجران وجازان، ومن الأحساء والدمام في الشرق، ومن الحجاز في الغرب حيث مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة والطائف وينبع، ومن الشمال حيث حائل والجوف وسكاكا وتبوك، ومن الرياض في المنطقة الوسطى، ومن بريدة، وعنيزة والرس في منطقة القصيم.

فالمهرجان منذ بدايته لم يكن وليد الصدفة ولم يقصد به نوعاً من الدعاية، وإنما كان ربطاً محكماً، بينما اصطلح على تسميته اليوم بمفهوم (الأصالة والمعاصرة). فالمملكة اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من بين أكثر الدول انفتاحاً على العالم، تأخذ كل ما أنتجته النهضة الحديثة والتطور الصناعي والتكنولوجي في الغرب بوعي كامل، وهي كذلك من أكثر الدول الإسلامية تمسكاً بعقيدتها ودينها، فلا فصام بين الأصل والعصر، أو الأصالة والمعاصرة.

فالتراث هو الخلفية الفكرية والحضارية للأمم والشعوب، وهو بذلك القاعدة المنطقية للتطور والنهوض ولا حياة لأمة بلا عقيدة ودين، ولا وجود لشعب بلا تراث وثقافة، وما الوجود الحقيقي للشعوب والأمم العظيمة إلا في بناء العقيدة والتمسك بالدين، وهما ما تستقيم بهما الحضارة الحقة القائمة على التراث والثقافة، وقد توافرت كل هذه العناصر في أمتنا العربية والإسلامية.

إنشاء مكتبة الملك

عبدالعزيز العامة

ويعد اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء المكتبات محوراً أساسياً في استراتيجيته لخدمة الثقافة العربية والإسلامية. وتقف مكتبة الملك عبدالعزيز العامة - التي أنشأها مجاورة لقصره بالرياض - نموذجاً للنشاط الثقافي المبرمج الذي تم منذ البداية على أسس سليمة وقواعد ثابتة، فكان ذلك النجاح والتألق الذي حققته المكتبة حيث انتقلت في مراحل تطورها من مكتبة تقليدية تهتم بالكتب والمصادر إلى دار حضارية فكرية أولت الكتاب بكل مراحله الاهتمام الكامل، إلى جانب الاشتغال في القضايا الفكرية الإنسانية المعاصرة من خلال الندوات والمحاضرات المختلفة، هذه المكتبة التي أسسها ورعاها خادم الحرمين الشريفين باعتبارها مؤسسة خيرية للعناية بالكتاب من كل جوانبه وتوفير مصادر المعرفة بأيسر الطرق وإتاحتها للراغبين من قراء وباحثين من شتى الأعمار، ودراسة تاريخ المملكة العربية السعودية بشكل عام، والملك عبدالعزيز بشكل خاص، وإحياء التراث العربي والإسلامي والحفاظ عليه وتشجيع البحث العلمي وحركة النشر والترجمة.

ففي 5-7-1405هـ أنشأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وافتتحها في 10-7-1408هـ الموافق 27-2-1987م ولحرصه واهتمامه البالغين التي أنشئت من أجلها، ومتابعته عن قرب لمسيرتها ومواكبة أعمالها، أمر بتشكيل مجلس إدارة لها لتكون على شكل مؤسسة خيرية تكون لها شخصية اعتبارية مستقلة مقرها الرئيس الرياض، وصدر بذلك الأمر السامي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله -.

وقد تحددت أهداف المكتبة لتحقيق توفير الخدمات المكتبية الممكنة. ونشر ودعم المعرفة، والاهتمام بالتراث الإسلامي والعربي وإحيائه، خاصة تاريخ الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وتاريخ المملكة العربية السعودية، والإسهام في خدمة المجتمع.

وتعمل المكتبة على تقديم خدماتها لجميع فئات المجتمع، لذلك خصصت مكتبة للرجال، وثانية للنساء، وثالثة للطفل.

فتواصلت وتفاعلت مع اهتمامات مرتاديها من الباحثين وطلاب العلم، عبر مقتنياتها من المراجع والكتب النادرة والوثائق والخرائط والصور والصحف والدوريات العربية والأجنبية. وأنشأت قواعد بيانات متخصصة عن الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وعن الفروسية. وأتاحت جميع فهارسها على شبكة الإنترنت.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة