Sunday  27/02/2011/2011 Issue 14031

الأحد 24 ربيع الأول 1432  العدد  14031

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

الحقيقة, كما أراها، أننا في الفترة الراهنة نعايش تغير الإحساس بالوطن في مشاعر الكثيرين منا ليحمل ملامح عبد الله بن عبد العزيز، الرجل الهادئ الذي أعاد إلى المواطنة معناها وأهميتها لتصبح علاقة مباشرة بين الفرد والوطن.

وأقول: إن أهم ما يميز عهد عبد الله بن عبد العزيز- مد الله في عمره - حكمته أولا وحنوه ثانيا, ثم اتساع أفقه الشاسع، ما يمكنه أن يرى مسؤولية ولايته أمور المواطنين من زاوية رحبة الاتساع والإيجابية وشمولية المحبة كوالد للجميع, وحيث رعايته للمواطنين أتت, وما زالت تأتي, بصورة شاملة حيث لا يستثنى منها ولا يمنح تميزا متحيزا لأي فرد او فئة.

ولذلك فغالبية المواطنين- ولن أقول جازمة كلهم - يحبون الملك

الذين لا يحبونه يحبون ربما مصالح أضر به التزامه بالعدل والمساواة وتحمل المسؤولية.

وإن صح ظني فإن الذين يحبونه بوعي حقيقي لما يمثله من تميز هم فئة المثقفين. ولا أقصد بذلك مثقفي المظهر معتمي المخبر ولا متلوني الانتماء.

و في ما يختص بفئة المثقفين بالذات - رغم عدم إجماعنا على ماذا يعنيه مصطلح مثقف - تبدو شمولية هذه الرعاية لهم تحت كل التعريفات الممكنة للثقافة واضحة للعيان حيث بُعد نظره وسماحة رعايته أعادت بعضهم إلى ساحة الحراك والعطاء بعد تجميدهم وإقصائهم إلى حد تكميم أصواتهم.. مثلما توضح لغيرهم ممن نجحوا في احتكار ساحة الرأي والتعبير إن عصر اصطفاء البعض بالكمامات والبعض بمكبرات الصوت والبعض بالجدران قد انتهى.

أصبح مرتكز هذه الرعاية يتمحور في إعادة التوازن عبر مبدأ الحوار وحقوق المواطنة وتمكين المرأة والتعايش بين الفئات والطوائف وبذلك تعدلت لزوجة الأطراف المفرطة في تطرفها وذاتية نظرتها إلى مرونة الحوار الحضاري, وضرورة سماع رأي الآخر, والاتزان في النظرة والحكم، وتقبل الاختلاف.

أصبح التركيز متمحورا حول إعادة التوازن في الرؤية المجتمعية والفردية وبين الحقوق والمسؤوليات،على أمل أن يصبح المجتمع أسرة متكافلة تتحمل مسؤولية حفظ حقوق كل أعضائها وتطالبهم بالمساهمة في حماية الأمن والمنجزات.

وإعادة توازن حقوق المواطنة هذه لم ينحصر في أطياف الفكر والخطاب القائم أو حتى في الإبداع والابتكار المادي والفكري والفني بل شملت أيضا حقوق فئات المواطنين عبر اختلاف مذاهبهم وتصنيفاتهم ؛ ذكورا وإناثا, أطفالا وشبابا وبالغين وكبارا. وهنا نجد الاهتمام بحماية أبناء وبنات المجتمع من احتمالات الغبن المتربص متجذرا في ضعف إجراءات المراقبة والردع والحماية والمحاسبة من الفساد الإداري والعنف الأسري. وهنا نجد إتاحة الفرص أمام الموهوبين وذوي الاحتياجات الخاصة والمؤهلين من الجنسين؛ بل حتى من زلت بهم أقدامهم فوقعوا فريسة مرتهنة في براثن الفكر الضال، تتاح لهم في أجواء التفهم والحكمة والحنو، فرصة تأهيل وإنقاذ واستعادة؛ ينجح بعضهم المحظوظ في العودة عبرها من مجاهل التضليل والعنف، ويفشل بعضهم.

ويبقى إن هذه الرؤية تفتح أبواب الفرص وتعد بتحقيق أحلام الطموحات والوصول إلى المنجزات المرغوبة, فقط إذا استطاع المواطنون, والمثقفون بالذات: شبابا مؤهلين، ومخضرمين ذوي التجربة الإيفاء بالتزامات مسؤولياتهم عن إنجاح أهداف المسيرة بولاء صادق وجهود صادقة متداعمة.

عندها سنرى إثمارا خارج المعتاد..

و إذ نعايش الآن فترة تشذيب وغراس استثنائية التفرد في تاريخنا بسرعة إزهارها وشساعة شموليتها - وإن رآها البعض بطيئة أمام تلهفهم للثمار, ورآها البعض مخيفة لتوجسهم من فقدان التوازن في التغييرات المتواترة، ورآها البعض تهددهم بإلغاء المميزات الفئوية أو الفردية الخاصة- أراها أنا بعين تتحرى المستقبل من إرهاصات الحاضر فترة إثمار, لا أشك أنها بإذن الله ستحمل إلينا ما اعتدنا أن يستغرق في عمر حضارات الأمم خمسمائة عام متحققا في وطننا في عقدين.

و أكرر: الحقيقة, كما أراها، إننا في الفترة الراهنة نعايش تغير الإحساس بالوطن في مشاعر الكثيرين منا ليحمل ملامح عبد الله بن عبد العزيز، الرجل الواثق الذي أعاد إلى المواطنة معناها وأهميتها لتصبح علاقة مباشرة بين الفرد والوطن.



















 

حوار حضاري
وطن بملامح حلم رجل
د. ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة