Wednesday  02/03/2011/2011 Issue 14034

الاربعاء 27 ربيع الأول 1432  العدد  14034

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أثنى الشيخ يوسف القرضاوي قبل أيام من نافذته «الشريعة والحياة» وعبر قناة الجزيرة, على انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الخميني في إيران. وعن مدى إعجابه بنموذج الثورة الإيرانية وقدرتها على تغيير الأوضاع الداخلية, بعد أن هيأها الغضب الشعبي العام ليمضي في نظام التغيير. ووصف الشيخ القرضاوي الخميني, بالإمام الرافض لفكرة الإمام

المهدي حتى يظهر, ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً, بعد أن ملئت ظلماً وجوراً؛ ليبتدع فكرة جديدة, هي «ولاية الفقيه نيابة عن الإمام».

لن أتحدث عن الظروف الداخلية والخارجية, التي ساعدت في نجاح ثورة الخميني. مع التأكيد على أهمية دور العوامل الخارجية, وعدم إغفالها, والتي كانت كلها مهيأة؛ لمساندة الثورة في إيران. ومن ذلك تخلي أمريكا صراحة عن صديقها القديم «الشاه» وإسقاطه.

فيما سبق, كان الشيخ القرضاوي على مدى خمس وعشرين سنة, لا يفتأ عن ذكر الثورة الخمينية بكل خير, ويصف طبيعة الخلاف بأنه «سياسي لا عقدي» وأن الثورة نابعة من روح الإسلام, وأن الخلاف معها في الفروع, لا في الأصول وفق شعار الإخوان المسلمين: «أن نتعاون فيما اتفقنا عليه, ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه» وأن الإسلام ركز على نقاط الاشتراك بيننا وبينهم, لا على نقاط الاختلاف؛ فصنع للثورة دعاية كبيرة, وفُتن كثير من الناس بما هو معلوم. ومع أنني أتفهم أن قضية المصالح والمفاسد, والموازنة بينهما, هي المدخل إلى فقه الواقع الذي نعيشه, إلا أن هذا الموقف من الشيخ, والثناء والفرح لا يدخل أبداً في باب التحالفات المؤقتة, التي تحكمها المصالح ويكون فيها نفعاً عاماً للمسلمين.

وبعد أن تكشفت الحقائق, يأتي التاريخ ليعيد نفسه ويخبرنا أن إيران لا زالت تعمل على توسيع نفوذها داخل وخارج منطقة الخليج العربي. وكشفت عن شعارات الثورة الخمينية وأطماعها في المنطقة. وعندما عاتب بعض أصحاب الشيخ يوسف وطالبوه بالحديث غير المعلن مع علماء الشيعة, قال هذا قد تم خلال أكثر من عشر سنوات, ثم في مؤتمرات التقريب, ومن خلال زيارتي سنة 1988م, بيني وبين علماء طهران وقم ومشهد وأصفهان. وتم فيما كتبته من بحوث ورسائل آخرها رسالة مبادئ الحوار والتقريب بين المذاهب الإسلامية, ولكن وجدت أن المخطط مستمر وأن القوم مصممون على بلوغ غاية رسموا لها الخطط, ورصدوا لها الأموال, وأعدوا لها الرجال وأنشؤوا لها المؤسسات. فالشيخ يوسف أدرك أن الخطر في نشر التشييع, وأن وراءه دولة لها أهدافها الإستراتيجية. وهي تسعى إلى توظيف الدين والمذهب لتحقيق أهدافها التوسعية, ومن ذلك مد مناطق النفوذ حتى تصبح الأقليات التي تأسست عبر السنين أذرعاً وقواعد إيرانية فاعله؛ لتوتير العلاقات بين العرب وإيران. وصالحة لخدمة إستراتيجية التوسع القومي لإيران.

يعود الشيخ يوسف اليوم ليقارن انتصار الخميني بانتصار الثورة في مصر، مع أنها مقارنة غير عادلة، إن في المآلات، أو في الأهداف. ويصف بعض علماء السنة في المملكة العربية السعودية، بأنهم لا يفقهون ما يدور حولهم، ويسيرون في ركاب الحكام. مع أن الثابت عن هؤلاء العلماء، أنهم لا يتنازلون عن ثوابت الدين قيد أنملة، ويتمسكون بالمنهج السلفي الحق. كما أنهم لا ينطلقون من أرضية سياسية، بل شرعية.

يساورني القلق كثيراً، من الاتصال الإيراني بالإخوان المسلمين في مصر؛ -لاسيما- هذه الأيام، فإيران لا تنطلق في حلقاتها الخارجية، إلا من أرضية مذهبية بحتة. وبين يدي تصريح المرشد العام لجماعة الإخوان -الأستاذ- مهدي عاكف، الذي عبر -من خلالها- عن عدم ممانعته للمد الشيعي في البلاد العربية، والسنية. معللاً ذلك بأنها بلد واحد وسط أكثر من 56 دولة سنية، وفي مقالة نشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى The Washington Institute for Near East Policy تحت عنوان «جماعة الإخوان المسلمين في مصر وإيران Egypt›s Muslim Brotherhood and Iran» ل «مهدي خلجي Mehdi Khalaji - وهو زميل زائر بالمعهد، تركزت كتاباته على دور السياسة في التوجه الشيعي في إيران والعراق, أنه على الرغم من استحالة التقارب بين المذهبين السني والشيعي على طول الخط, كما تشير الخبرة التاريخية، إلا أنه من الممكن أن تكون هناك علاقات بين طهران الشيعية, والإخوان المسلمين السنية داخل مصر؛ للعلاقات غير الرسمية بين الطرفين لعدة سنوات، ولأن المذهب الشيعي يلقى قبولاً من التيار السني المصري, على عكس كثير من الدول العربية، فضلاً عن استحسان الراديكاليين المصريين -حسب توصيف المقالة- للانتقادات الإيرانية للدور المصري. وأن من شأن تلك العلاقة بين إيران الشيعية والإخوان المسلمين السنية, زيادة النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وأن يكون لطهران كلمة في الدول العربية، ومن ثم التأثير بالسلب على المصالح, والدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، بل إني وقفت على بعض المصادر الغربية والمصرية, مثل مركز ابن خلدون, وهي تشير إلى أن عدد الشيعة يقل عن 1% من سكان مصر, أي حوالي 657000 شيعي، وأخشى أن يكون العدد اليوم قد وصل إلى الضعف.

drsasq@gmail.com
 

صرخة القرضاوي.. في خريف العمر..!!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة