Wednesday  02/03/2011/2011 Issue 14034

الاربعاء 27 ربيع الأول 1432  العدد  14034

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

رحم الله الصديق الشيخ حمد بن محمد الداوود

رجوع

 

أقول وقد فاضت دموعي غزيرة

أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب!

ما أصعب توالي ضربات الأحزان على مهج الإنسان، وأكثرها إيلاماً وتحسراً، من فَقْد الأحبة من والدين أو أحدهما أو بعض أفراد الأسرة بل وسائر الأصدقاء ورفاق الدرب.. وهذه سُنّة المولى في خلقه حياة وموتاً، فبالأمس القريب أي في يوم الجمعة 3-2-1432هـ ودَّعت محافظة حريملاء الشيخ سعد بن محمد الداوود، وبعد صلاة ظهر يوم الأربعاء 20-3-1432هـ لحق به شقيقه الشيخ حمد بن محمد الداوود -رحمهما الله - وقد خيّم الحزن على أجواء محافظة حريملاء وعلى منازل أسرة آل داوود؛ فتضاعف الحزن عليهم وعلى شقيقه ورفيق دربه الشيخ عبدالعزيز، خاصة أنه بقي وحيداً بعد رحيلهما يكابد وحشة الفراق والحزن العميق الذي سيظل مكثه طويلاً في نفسه، وكأن قائلاً يحاول تسليته والتهدئة من روعة ومن سورة الفجيعة متمثلاً بقول الشاعر:

تعز فلا إلفين بالعيش متعا

ولكن لوراد المنون تتابعا

ولا شك أن آثار الموت تحفر في شعاب النفوس وفي وديان الذاكرة أخاديد عميقة يتعذر ردمها ومحوها مدى عمر المصاب المفجوع بفَقْد أغلى قريب له، وقد يخف وَقْع تلك المصائب عن البعض بتدرج مع تطاول مرور الزمن حسب موقع الراحل ومكانته في النفوس - كان الله في عون أبنائه وبناته وعون ذاك الشيخ الذي بقي في هذه الحياة منفرداً بعد غياب شقيقيه -! والذي لا يملك سوى الصبر وتكرار الترحم عليهما، والاستعداد ليومه الموعود بعد عمر مديد بحول الله، وكأني به يردد في خاطره هذا البيت بكل تحسر وأسى:

تتابع إخوتي ومضوا لأمر

عليه تتابع القوم الخيار

كما تزامن مع رحيلهما رحيل صهرهما ناصر بن بدر البدر - رحمه الله - والد الشيخ الدكتور بدر.

ولقد وُلد الشيخ حمد في محافظة حريملاء، وترعرع في أكنافها بين أحضان والديه وإخوته، وعندما بلغ السابعة من عمره ألحقه والده بأحد الكُتّاب كأمثاله من الصغار لدى المقرئ محمد بن عبدالله الحرقان - رحمه الله - ثم التحق بالمعهد العلمي مواصلاً دراسته بكل جد ونشاط حتى حصل على شهادة كلية الشريعة بتفوق عام 1385هـ، كما نال الشيخ درجة الماجستير من المعهد العالي للقضاء 1395هـ أثناء عمله مُعلِّماً بوزارة المعارف - آنذاك - بإحدى المتوسطات بمدينة الرياض، ثم انتقل إلى ثانوية اليمامة بالرياض، ثم عُيِّن مشرفاً تربوياً بإدارة التعليم بمنطقة الرياض إلى أن تقاعد، بعد ذلك عمل في مدارس منارات الرياض مديراً للإشراف التربوي بها إلى أن أقعده المرض، وكان على مستوى من الحنكة والخُلُق الكريم وحُسْن التعامل وطيب المعشر والدراية بالأساليب التربوية في جميع المجالات.. وكان يرحمه الله باراً بوالديه واصلاً رحمه من إخوته ذكوراً وإناثاً، ومحبوباً لدى مجتمعه الأسري وعارفيه من جيران وغيرهم، وظل هو وأخواه يقضون جل أوقاتهم وفراغهم داخل المسجد يتلون كلام الله، ويتناقشون في كثير من المسائل الفقهية والأصولية وسائر الفنون والعلوم الأخرى، ولم أر مثلهم في التعبد وحفظ أوقاتهم بما ينفعهم ويصلح أنجالهم صغاراً وكباراً متصفين بالهدوء والاطمئنان النفسي. ولقد أحسن الشاعر ابن هبيرة حاثا على الاستفادة من الوقت قبل ضياعه حيث يقول:

والوقت أنفس ما عنيت بحفظه

وأراه أسهل ما عليك يضيع!

فبيئة أسرة آل داوود بصفة عامة بيئة علم صالحة وثقافة واسعة، فالشيخ حمد أبو عبدالرحمن عضد قوي لشقيقه البصير الذي لا يبصر الشيخ سعد دوماً، وفي مزاولته التدريس يقرأ عليه في بعض المراجع التي تتعلق بمواد المنهج الدراسي، كما لا ينسى إطلاعه على الأخبار اليومية عبر الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى لتزداد معرفته وثقافته عما يدور في الساحة العلمية والأدبية؛ فهو أخ مخلص ولا يُستغرب منه ولا مَنْ يماثله من الأخيار - تغمدهما الله بواسع رحمته - كما أن الشيخ حمد يعتبر عضواً بارزاً في اللجنة الأهلية بحريملاء ومسؤولاً عن المتابعات والمطالبات الموجَّهة إلى الجهات العليا والمصالح الحكومية لأجل تطوير مدينة حريملاء منذ أكثر من أربعين عاماً، وقد تحقق الكثير من مطالبات هاتيك اللجنة المباركة؛ فأصبحت محافظة حريملاء تضاهي المدن الكبرى رغم صغرها.

وعلى أي حال فإن أبا عبدالرحمن - رحمه الله - وجميع أعضاء اللجنة يستحقون الشكر والدعاء لمن رحل منهم إلى الدار الباقية بالرحمة والمغفرة، وكان لرحيله وغيابه عن أسرته ومحبيه بالغ الحزن، ولاسيما أم عبدالرحمن، التي حزنت على فراق إلفها ورفيق عمرها، وكأن الشاعر يعنيها بقوله:

فكل قرينة لا بد يوماً

سيشعب إلفها عنها شعوب!

ولنا مع أبي عبدالرحمن وشقيقيه ذكريات جميلة لا تُنسى أبد الأيام. تغمده الله بواسع رحمته، وألهم ذويه وأبناءه وبناته وعقيلته وشقيقه الشيخ عبدالعزيز وشقيقاته ومحبيه الصبر والسلوان {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف - حريملاء فاكس 015260538

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة