Sunday  06/03/2011/2011 Issue 14038

الأحد 01 ربيع الثاني 1432  العدد  14038

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

«ولدت في الشارع

وعشت في الشارع

وسأموت في الشارع»

هكذا قال الكاتب الكاتب الفرنسي الهائل (جان جينيه) تعبيراً عن انحياز الكاتب الحقيقي إلى الشارع (الحقيقي) بكل ما يعنيه بنظر المجتمع المتعالي عن (قعر) المدينة وشوارعها الخلفية المظلمة حيث الجياع والسوقة والحمالون والفقراء وأبناء السبيل وأبناء الليل أيضاً من مشردين حقيقيين ولصوص صغار يسرقون لقمة يومهم، جان جينيه هو الآخر لصٌ محترفٌ رغم شهرته العالمية فقد سرق يوماً نقوداً من البنك المركزي أيام جمهورية الجنرال ديغول وهذه (الفعله) في القانون الفرنسي تستوجب الإعدام، ولكن ديغول حينما قدمت له المحكمة قراراً بإعدام جينيه، قال ساخراً وبصوت عال: أنا لست مجنوناً لكي أوقع على إعداد فرنسا (!!) إن فرنسا بكل تناقضاتها تتمثل في هذا الكاتب الذي كان بصدقه مع الذات ضحية لها(!!).

وأنا إذ أستهل مقالتي هذه بهذا المشهد الغريب (إلى حد ما) فإنني أريد الولوج إلى موقف المثقف الحقيقي من الشارع ذاته لاسيما وأننا نشهد هذه الأيام هدير الشارع في أغلب عواصمنا العربية منطلقاً بفعل نظرية (الفوضى الخلاقة) التي ابتدعها العقل السياسي الأمريكي في تحقيق تشكيل (الشرق الأوسط الجديد) كما لمح لذلك بوش الابن لا الأب قبل رحيله عن السلطة والذي عُرف عهده الميمون - أو المجنون لا فرق- بإشعال الحروب واحتلال البلدان بقرارات هوجاء رغم أنف الأمم المتحدة ومجلس أمنها (اللا أمين) من خلال الانصياع له، بالطبع ما علينا من ذلك كله ولكن الذي علينا هو موقف المثقف من (فوضى الشارع) المسماة جزافاً ب(الخلاقة إلا إذا كانت تعني بالقاموس السياسي الأمريكي (خلاقة المشاكل) لا خلاقة الإبداع(!!) أقول لقد كان (المثقف الملتزم) طوال القرن المنصرم مجرد (عبد) خانع للشارع سواء أكان الشارع على حق أو لم يكن كذلك ولم يكن المثقف يجرؤ حتى على التساؤل عن من يُحرك الشارع؟! سواء كان المحرك مجموعة من الانتهازيين أو الديمانموجين، أو من يدعون إلى إعادة الشارع إلى عصر ما قبل (السفلتة) والتعبيد من منطلق هكذا كان يعيش الأسلاف (!!) أو أن يكون المحرك مجموعة فئوية أوطائفية تريد تمزيق التعايش ووحدة الوطن من أجل مصالحها الضيقة بل وحتى (العميلة) لإملاءات خارجية بعيدة عن مصلحة الوطن، وفي هكذا أمور يجب على المثقف الحقيقي أن يقف سداً في وجه غوغائية أو انتهازية أو رجعية أو فئوية أو توحش الشارع حينما يفيض عن الرصيف لتدمير منجزات المواطن والوطن ومكتسباته الحضارية، وعليه أن يتخلص من عبودية الشارع ويمتلك رأيه الحرّ بعيداً عن ممالقة ومجاملة ومحاباة الشارع ليحتفظ ب(شعبيته) الخاصة على حساب الحقيقة والوطن أي بمعنى آخر أن على المثقف الحقيقي أن يمتشق سلاح الوعي في وجه من يريد تدمير أو نزع حجر واحد من بناء الوطن وهكذا يكون حراً وداعية للحرية.

 

هذرلوجيا
المثقف وتوحش الشارع
سليمان الفليح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة