Sunday  13/03/2011/2011 Issue 14045

الأحد 08 ربيع الثاني 1432  العدد  14045

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عندما يتكلم مسؤول في المملكة العربية السعودية، أياً كان هذا المسؤول، عن سياسة الباب المفتوح أو المجلس المفتوح فإنما يتكلم عن نهج سعودي قديم قِدَم هذه الدولة، هذا النهج لم يختلقه هؤلاء القادة أو أتوا به من عند أنفسهم، بل هو نهج إسلامي سنّه رسول الهدى عليه الصلاة والسلام

يوم أسس دولة الإسلام؛ فلم يوظف الحجاب، ولم يمتنع عن إجابة نداء منادٍ أياً كان هذا المنادي، حتى إن بعض الأعراب كان يغلظ في القول ويناديه بجفاء.. يا محمد، ومع ذلك لم يمتنع عن الوقوف وقضاء الحاجات، بل إن امرأة استوقفته وأبت عليه إلا أن يسمعها ويقضي حاجتها فكان لها ما أرادت.

هذا النهج النبوي العظيم هو ما يحاول قادة هذه البلاد تطبيقه مع الشعب بهذه المجالس والأبواب المفتوحة، ليس للمواطنين فحسب، بل وللمقيمين أيضاً.

أعود للوراء قليلاً.. أعود للملك عبدالعزيز وسياسته في الباب المفتوح حيث عرف بمجلسه اليومي في قصره بعيد الفجر وفي المساء، بل إنه يقضي جزءاً من أيامه في الصحراء يستقبل البادية دون أي حاجب أو حارس أو وزير، يحدثنا الآباء عن ذلك بكل فخر واعتزاز، ويتذكرون كيف كان الحوار والنقاش يدور بينهم وبين الملك بكل بساطة وعفوية.

وجاء من بعده الملك سعود وسار على نهج والده في البساطة مع الشعب، بل إنه كان يقف في عرض الطريق إذا اعترض له مواطن ويسمع منه، ومما يؤثر عنه أنه كان يحمل معه جنيهات الذهب والفضة ليعطي من يستوقفه أو يقف عنده لأي سبب، وكذلك الملوك فيصل وخالد وفهد - رحمهم الله - ساروا على هذا النهج.

واليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين ما زال الباب المفتوح والمجلس المفتوح، ولعل في مقالتي السابقة التي كانت تحت عنوان (ملك وشعب.. حب وولاء) المنشورة الأحد 1-4-1432هـ ما يغني عن الحديث عن مجلس الملك عبدالله - حفظه الله.

أكتب هذه المقالة وأنا من سبق أن كتب في هذا الباب أكثر من مرة، ولكنني اليوم أكتب في ظل ظروف تحيط بنا تؤلم القلوب ولا نتمناها لأي شقيق أو صديق، مذكراً نفسي وإخواني وولاة أمري بهذه النعمة العظيمة التي نعيشها في هذا الوطن الكبير، وما ذلك إلا بسبب تمسكنا بتعاليم ديننا الحنيف، وإن كان أصابنا من التقصير والتهاون ما أصاب غيرنا، ولكننا - ولله الحمد - نعتز ونفتخر قيادة وشعباً بأننا نحاول دوماً السير على النهج النبوي الكريم، وإن حصل أي تقصير فإن نفوسنا لوامة وسريعاً ما نعود.

إن ولي الأمر يؤكد دوماً على كل مواطن ومقيم بأن الباب مفتوح، وعلى الجميع أن يصل إلينا، دون البحث عن وسيط أو واسطة، ولعل في تصريح الأمير سلمان قبل أيام الذي دعا من خلاله الجميع إلى الوصول إلى ولاة الأمر في مجالسهم المفتوحة ما يؤكد استمرار الدولة في هذه السياسة الناجحة المنطلقة - كما أسلفنا - من نهج نبوي عظيم.

أكتب في ظل هذا التواصل التقني الذي يصل في أحيان كثيرة إلى حد الإزعاج والإيذاء، بل والظلم والخيانة، وفي وقت ركن فيه الكثير لإيصال أصواتهم إلى هذه النافذة التقنية التي لا تحتفظ بالأسرار، بل إنها تهدم الأسوار، وتجعل من البعض يصدق ما هو خلاف الحقيقة والواقع.

أكتب داعياً إلى الاستفادة والإفادة من هذه المجالس المفتوحة التي قال عنها الأمير سلمان بن عبدالعزيز في تقديمه لكتاب صدر منذ عشر سنوات أو تزيد للأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود إنها «مظهر من مظاهر الحكم المبني على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتنظيم العلاقة بين الراعي والرعية»، ولو حصل أي تقصير من مسؤول فهو تصرف فردي لا ينسحب على قيادة هذه البلاد وسياساتها مع الشعب، ولا أزكي أحداً عندما أقول هذا القول، وإنما أستحث الجميع مواطناً ومسؤولاً على الاستفادة من هذه المجالس المفتوحة أخذاً وعطاء، المسؤول يستفيد من ملاحظات المواطن، والمواطن يحصل على حقه أو يوصل صوته من خلال هذه القنوات، كل ذلك في سبيل بقاء هذه اللحمة وبقاء هذا الكيان شامخاً يداً واحدة وجسداً واحداً.

ألقي الضوء في هذه المقالة على المجالس المفتوحة في المملكة العربية السعودية التي يؤكد التوجيه الملكي الكريم أن تكون مفتوحة للمواطن والمقيم على حد سواء، وعلى رأس هذه المجالس مجلس خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين وسمو النائب الثاني ومجالس أمراء المناطق الثلاث عشرة التي عادة ما يستقبل فيها أمير المنطقة المراجعين مرة أو مرتين أثناء الدوام الرسمي، فضلاً عن استقباله لهم في منزله مرة أو أكثر في الأسبوع. في حديث للملك الراحل فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - لجريدة ارب نيوز أورده الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود في كتابه (المجالس المفتوحة والمفهوم الإسلامي للحكم في المملكة العربية السعودية) يقول: «لا يحق لأمراء المناطق أن يتهربوا من مسؤولياتها تجاه المواطنين؛ فالأمراء والوزراء وموظفوهم مكرسون لخدمة المواطن، ولست سوى واحد منهم» أ.هـ.

ولهذا فإننا نجد أن مجالس أمراء المناطق وكذلك المحافظون ومكاتب الوزراء غالباً ما تكون مفتوحة للمراجعين كل يوم في ساعة معلومة عند عموم الناس، والوزراء يفترض أن تكون أبوابهم مفتوحة في أكثر من وقت خلال الدوام الرسمي. يقول الباحث (بيتر هوبدي) في كتابه (المملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر): «إذا كان هناك نظام ديمقراطي حقيقي في العالم فإنه ذلك النظام القائم حالياً في المملكة العربية السعودية؛ ذلك أن الديمقراطية في نظرنا التي تسمح بالاتصال المباشر بين رأس الدولة وأصغر مواطن في تلك الدولة؛ إن أي فرد في المملكة يستطيع مقابلة الملك والتحدث معه» أ.هـ.

هذه المجالس يعرض فيها المواطن مشكلته أو ما يقابله من صعاب على رأس الهرم في المنطقة أو الوزارة دون وسيط ودون موعد مسبق، ولكن الملاحظ أن بعض الناس لا يستفيدون من هذه المجالس الاستفادة الحقيقية؛ حيث لا يقومون بعرض مشكلتهم العرض الذي يمنح المسؤول رؤية حقيقية عن المشكلة أو الإشكال، وهذا مما يعيق الاستفادة القصوى من مقابلة المسؤول الأول في المنطقة أو الوزارة.

في مقابلة أجراها الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة القصيم مع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، ونشرها ضمن كتابه آنف الذكر، يقول الأمير سلمان عن هذه المجالس: «اعتاد الناس في المملكة العربية السعودية على المجلس كما اعتاد القادة عليه أيضاً، والهدف هو إبقاء المواطنين والقادة قريبين بعضهم من بعض، وكما أعرف أيضاً من خبرتي الشخصية فإن بعض الناس يحضرون إلى المجلس حتى لو كانوا يعرفون سلفاً أن باستطاعتهم حل مشاكلهم عن طريق إدارات أخرى، لا لشيء إلا لأنهم اعتادوا على هذا الإجراء كما اعتاد عليه القادة أيضاً؛ حيث يتم التعبير عن نبض قلب المواطن ومشكلته في هذا اللقاء المفتوح المتاح لكل من يرغب في حضوره؛ لذا فإنني أعتقد على ضوء تجربتي الشخصية أن المجلس هو آلية اجتماعية مفيدة جداً» أ.هـ.

إن هذه المجالس تعني في الحقيقة أكثر مما تعنيه الديمقراطية الموجودة في الغرب؛ ففيها يصل صوت أصغر وأضعف مواطن لأعلى سلطة في البلد (الملك) دون أي وسيط، وبكل عفوية، ولا يمكن أن يعاقَب المواطن عندما يشتكي بين يدي الملك أي مسؤول في الدولة، بل إن الملك أو ولي عهده أو النائب الثاني يعطون ذلك جُلّ اهتمامهم ويوجهون في الحال بمعرفة حقيقة الأمر.

إننا مطالَبون اليوم أكثر من ذي قبل بالاستفادة من هذه المجالس المفتوحة في إيصال أصواتنا إلى ولاة الأمر وإلى المسؤولين كافة، ومن لوحظ عليه من كبار رجال الدولة إغلاقه بابه في وجه المواطن فعلى المواطن أن يتجه لمجلس الملك ويبلغه بهذا التهاون، فهذه توجيهاته - حفظه الله - لنا دوماً.

إننا مطالبون بأن نكون يداً واحدة مع قيادتنا، وأن نتعامل معهم بكل شفافية كما هم يتعاملون معنا بكل شفافية، ولكن من خلال هذه المجالس المفتوحة لا من خلال قنوات مشبوهة أو مواقع تقنية مريبة.

والله المستعان.

almajd858@hotmail.com
 

المجالس المفتوحة.. وأهمية الاستفادة منها
إبراهيم بن سعد الماجد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة