Monday  28/03/2011/2011 Issue 14060

الأثنين 23 ربيع الثاني 1432  العدد  14060

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عوامل التشويق والجاذبية المتوافرة في رحاب الدوحة.. عاصمة قطر.. مترسخة الجذور في نفس كاتب هذه السطور. عندما كان صبيا يستهويه صوت الهجيني كان من بين ما كان يحفظه، ويطرب له، ذلك البيت القائل:

يا راكب اللي بعيد الخدّ يطونِّه

حراير من ضرايب جيش ابن ثاني

وكانت إبل آل ثاني، حكام قطر الكرام، في مقدمة الإبل المشهورة في جزيرة العرب حينما كانت الإبل هي الوسيلة الرئيسة للانتقال عبر فيافي هذه الجزيرة. وها هي ذي طائرات الخطوط القطرية، تحت رعاية أولئك الحكام، تتصدر طائرات الخطوط في العالم بعد أن أصبح الطيران هو وسيلة الانتقال الرئيسة بين البلدان؛ قاصيها ودانيها.

وعندما كنت في السنة السادسة الابتدائية، عام 1372هـ كان الشيخ الفاضل محمد بن عبدالعزيز بن مانع، رحمه الله، مدير التعليم العام في المملكة العربية السعودية. وفي ذلك العام قام بجولة تفقدية للمدارس في كثير من مناطق البلاد. وكان أن مرَّ بعنيزة، التي هي مسقط رأسه عام 1300هـ. فأقيم لاستقباله مخيم في منطقة الغضى القريبة من البلدة حيث ألقيت كلمات وقصائد ترحيباً به، وكان كاتب هذه السطور ممن سعد بإلقاء كلمة أمامه. وكانت تلك الكلمة قد كتبها أستاذ هذا الكاتب، عبدالله العلي النعيم، الذي كان له فضل كبير في تعليمه مع زملائه قواعد اللغة العربية والتمرين على الكتابة بها.

وكان الشيخ محمد بن مانع قد درس في مسقط رأسه.. عنيزة الفيحاء.. علوماً شرعية وعربية قبل أن يسافر إلى العراق والشام ومصر ليتعمق في تلك العلوم. وكان من أعماله الجليلة، التي قام بها، أن رأس نادياً في البحرين أنشأه والمحسن الشهير مقبل بن عبدالرحمن الذكير، الذي كان يلقب فخر التجار؛ وهو ابن بار من أبناء عنيزة، لتحرير المقالات الرادة على النشيطين في التنصير في شرقي الجزيرة العربية. وفي عام 1334هـ ولَّى الشيخ عبدالله بن ثاني الشيخ محمد بن مانع القضاء في قطر، فأمضى فيه ثلاثة وعشرين عاماً. ثم طلبه الملك عبدالعزيز رحمه الله ليقوم بالتدريس في المسجد الحرام والمدارس الحكومية قبل تعيينه في رئاسة هيئات دينية مهمة.

وفي عام 1365هـ عُيِّن مديراً عاماً للمعارف؛ وهو العمل الرئيس الذي ظل فيه حتى أصبحت المعارف وزارة تولاها الأمير فهد بن عبدالعزيز عام 1373هـ.

وفي عام 1374هـ طلبة الشيخ علي بن ثاني، رحمه الله، من الملك سعود ليكون مشرفاً على التعليم والأمور الدينية في قطر، فانتقل إلى هناك، حيث ظل مستشاراً مقبول المشورة حتى انتقل إلى رحمة الله عام 1385هـ.

والاستطراد السابق من بين أسبابه أنه يتناول عامل تشويق وجاذبية لدى كاتب هذه السطور كون الشيخ ابن مانع رحمه الله يمثل ارتباطا وثيقا في المجال الشرعي الديني بين وطننا العزيز وشقيقه الكريم.. قطر بعامة وكونه يمثل حبل مودة بين أهلنا في قطر وبلدة عنيزة، مسقط رأس كاتب السطور بخاصة.

وكانت أول زيارة سعدت بالقيام بها إلى الدوحة تلك التي تمت عام 1397هـ/ 1977م، وذلك للمشاركة في مؤتمر عن تاريخ شرقي الجزيرة العربية.

وقد تحدثت فيه عن علاقة حكام الأحساء زعماء بني خالد، بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والدولة السعودية الأولى. ثم زرت الدوحة بدعوة كريمة من وزارة التعليم القطرية للنظر في منهج تعليم الكبار والكتب المقررة لذلك التعليم. وكان من أسعد ما سعدت به في تلك الزيارة تشرفي بالاجتماع بكل من الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود والشيخ عبدالله الأنصاري.

أما الشيخ الأنصاري، تغمد الله برحمته، فحسبك به، دعوة إلى الله، وتبصيراً بالحق، وزهداً، وصلاحاً، ونفعاً للمسلمين. وأما الشيخ آل محمود فمن العلماء الأجلاء الذين يشار إليهم بالبنان. والحديث عنه هنا، وإن باختصار جداً، من بواعثه كونه صلة ارتباط وثيقة بين وطننا العزيز وأهلنا الكرام في قطر. لقد ولد الشيخ عبدالله عام 1329هـ في حوطة بني تميم، البلدة النجدية المشهورة، ودرس على علمائها، وقدمه شيوخه للصلاة بالتراويح ولما يتجاوز عمره الخامسة عشرة مما يدل على نبوغه المبكر. وقد سافر إلى قطر طلباً للعلم على يد الشيخ محمد بن مانع، ولازمه ثلاث سنوات، ثم عاد من هناك، وواصل التعلم على يد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة حينذاك. وفي أواخر عام 1359هـ طلب الشيخ عبدالله بن ثاني حاكم قطر من الملك عبدالعزيز أن يبعث بعالم يتولّى القضاء في بلاده، وذلك بعد أن غادرها الشيخ محمد بن مانع فاختير الشيخ عبدالله لتولي تلك المهمة. ويعد بحق مؤسس القضاء الشرعي هناك تأسيساً حديثاً حيث وضع نظام تسجيل الأحكام والقضايا لحفظها، كما كان له فضل في تأسيس دائرة الأوقاف والتركات عام 1380هـ.

وظل المرجع الأكبر في القضايا الشرعية والدعوة والإرشاد حتى انتقل إلى رحمة الله عام 1417هـ، وصلي عليه صلاة الغائب في المسجد الحرام. ومما يدل على سعة علمه أنه ألَّف ثلاثة وعشرين كتاباً تتناول قضايا شرعية مهمة، وفي بعضها ما يبرهن على رحابة أفقه في تناوله الأمور المستجدة.

أما زيارتي الأخيرة للدوحة؛ وهي التي تمت في الأسبوع الماضي، فكانت بدعوة كريمة من وزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية - وعلى رأسها معالي الدكتور حمد الكواري-؛ وذلك لحضور ندوة عن جائزة نوبل في الأدب والجوائز الأدبية العربية. وسوف يأتي الحديث باختصار، عن هذه الندوة في الحلقة القادمة إن شاء الله.

أما في ختام هذه الحلقة من المقالة عن الدوحة المتألقة فإن مما تجدر الإشارة إليه سرعة النهضة العمرانية؛ وبخاصة تلك الأبراج ذات التصميم الرائع في جماله. ومما أدهشني بروعته في الشوارع التي رأيتها أنها مزدانة بورود معلقة مختلفة الألوان. على أني حظيت بزيارة رتبها لي صديقي العزيز، أبو عمر الدكتور محمد الكافود، لزيارة متحف قطر الإسلامي.

ولقد وفق المسؤولون غاية التوفيق في اختيار مكان ذلك المتحف، كما وفقوا في بنائه وتصميمه. وتوجد فيه كنوز من التراث الفني الإسلامي يندر وجود نظائرها في غيره. ومما يسعد زائره غاية السعادة؛ إضافة إلى لطف العاملين والعاملات فيه، رؤية كثير من الزائرين له؛ كباراً وأطفالاً، وتفاعلهم مع من يتحدثون إليهم عن كنوزه القيمة الرائعة.

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله.

 

في رحاب الدوحة المتألقة (1)
د. عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة