Wednesday  06/04/2011/2011 Issue 14069

الاربعاء 02 جمادى الأول 1432  العدد  14069

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الدفاع المدني السعودي وإدارة الأزمات
د. مساعد بن منشط اللحياني

رجوع

 

يعتبر موضوع إدارة الأزمة أحد أهم مواضيع الإدارة في العصر الحاضر، حيث أضحى علما إستراتيجياً له قواعده وأصوله وآلياته، ولا يكاد تخلو مؤسسة خاصة أو عامة من التعاطي مع هذا العلم، لاحتواء ما قد يمر عليها من مشاكل أو صعوبات سواء إدارية أو بشرية أو فنية.

ولقد عرّف بعض الاختصاصيين الأزمة بأنها (خلل مفاجئ نتيجة لأوضاع غير مستقرة يترتب عليها تطورات غير متوقعه نتيجة عدم القدرة على احتوائها من قبل الأطراف المعنية وغالباَ ماتكون بفعل الإنسان) والدفاع المدني أحد أجهزة وزارة الداخلية تلقى عليه مهام واختصاصات جسيمة لمواجهة كافة الأزمات التي تتعرض لها البلاد، وهو من الطبيعي مستعد لمواجهتها بكل خططه وتجهيزاته وآلياته ليس وحده بل مستعيناً بكافة الوزارات والأجهزة الحكومية كما يذكر ذلك نظامه الصادر عام 1406هـ.

ولقد دخل الدفاع المدني اختبارات صعبة في السنوات الأخيرة لأزمات مختلفة خرج منها متفوقاَ بدرجة امتياز، فأزمة الخليج الأولى والثانية عام 1411هـ دخلها الدفاع المدني لأول مرة كأزمة حربية، لا يمتلك من قبلها أي خبرات أو حتى تجهيزات عالية، لكن حدوث الأزمة ووقعها يتطلب من القائد مواجهتها بكل ما لديه من إمكانات متوفرة، هذا إلى جانب ما توفره الدولة من سيولة مالية تمكنه من سرعة تأمين احتياجاته المختلفة بالشراء المباشر حيث إن الأزمة لا تعرف للتباطؤ والتأخير مكاناَ، فخرج منها أكثر فهماً وإداركاً وخبرةً في مجالات احتوائها من حيث عمليات الإخلا والإجلاء السريعة للسكان النازحين وإيوائهم في أماكن مناسبة، وتوفير كامل الاحتياجات لهم، بخلاف ضبط عمليات سير الحياة العامة وسبل توفير المأكل والمشرب والضرورات الأخرى بشكل لم يؤثر على السكان أو يشعرون فيه بنقص أو تأخير لأي غرض كان.

كما دخل الدفاع المدني بعد ذلك في مواجهة أزمات مختلفة ومتتابعة خلال عامين متتاليين أدارها بكل كفاءة واقتدار، فالهزات الأرضية التي ضربت محافظة العيص وما تم خلالها من رصد ومتابعة للهزات من خلال قياسات يومية ومن كشف على المنازل والآبار والمباني الحكومية وسرعة إخلاء أصحابها وإيوائهم في فنادق وشقق مفروشة فاخرة مع توفير المأكل والمشرب والمصروف النقدي اليومي لهم، وكذلك سرعة نقل التجهيزات التقنية والآلية وإنشاء معسكر لها لاستخدامها عند الحاجة، وكذلك الدخول بعدها في أزمة جديدة هي حرب الحوثيين جنوب البلاد وما واكبه من إخلاء لقرى وهجر حدودية آهلة بالسكان وتوفير السكن المناسب لهم في مخيمات قريبة من مزارعهم وسبل عيشهم وفي شقق مفروشة لمن رغب مع توفير المأكل والمشرب وإعداد برامج وأنشطة ترفيهية بريئة لأبنائهم، ثم الدخول في أزمة جديدة أيضاً وهي تعرض محافظة جدة لأمطار غزيرة وسيول جارفة لم تشهدها المحافظة منذ سنوات أدت إلى خسائر في الأرواح والممتلكات وتعطل سير الحياة العامة، حيث واجه هذه الأزمة بخطط مدروسة مسبقاً وإمكانات بشرية وآلية ساهم في توفيرها قرب محافظة جدة من مخزون الحج وكذلك تجمع قوات الدفاع المدني في منطقة المشاعر المقدسة لتنفيذ خطة الحج، حيث عمل على مواجهة الموقف بسرعة ونشر كافة قواته وأفراده في كل الأحياء المتضررة وخاصة قوارب النجاة التي أدت دوراً مهماً في إنقاذ المحتجزين، والعمل على إخلاء المتضررين من منازلهم وإيوائهم في شقق مفروشة مع توفير المأكل والمشرب حتى عودتهم إلى منازلهم وحصر الدور والسيارات المتضررة عن طريق لجان متخصصة ساهمت فيها عدة وزارات من أهمها وزارة المالية، كما أن تفعيل المركز الإعلامي في منطقة الحدث أروى عطش الإعلاميين وأصبح مصدراً موثوقاً لسير العمليات الإغاثية.

ويقدر الله أن يدخل الدفاع المدني مرة أخرى في ذات التجربة كارثة جدة (2) وهو أكثر خبرةً وتمرساً وتعاملاً ويستخدم نفس السيناريو الأول إنقاذاً وإخلاءً وإيواءً على مستوى من التخطيط والتنظيم الذي أشاد به كافة المواطنين والمقيمين، وكذلك عدد من السفراء والقناصل الأجانب في المملكة والمنظمة الدولية للحماية المدنية بجنيف.

إن تجربة الدفاع المدني مع إدارة الأزمات تعتبر مخزوناً علمياً وعملياً سوف يستفيد منه في خططه المستقبلية، ويجب أن يدرّس في الأكاديميات والمعاهد العسكرية المتخصصة في مجال الدفاع المدني والحماية المدنية.

- لواء متقاعد - متخصص في شؤون الأمن والسلامة والمتطوعين

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة